مقتل 5 جنود بتفجير انتحاري في شمال شرق نيجيريا
أعلنت إيران، اليوم السبت، عن نظام تسعير جديد للبنزين المدعوم، في محاولة لكبح جماح التكاليف المتصاعدة لأول مرة منذ رفع الأسعار في عام 2019 الذي أثار احتجاجات على مستوى البلاد وحملة قمع أسفرت، بحسب التقارير، عن قتل أكثر من 300 شخص.
ولطالما نُظر إلى البنزين الرخيص على أنه حق مكتسب في إيران، ما أدى إلى اندلاع مظاهرات حاشدة منذ عام 1964 عندما أجبر ارتفاع الأسعار الشاه على وضع مركبات عسكرية في الشوارع لتحل محل مركبات سائقي سيارات الأجرة المضربين، وفق وكالة "أسوشيتد برس".
وتضيف الوكالة أن النظام الثيوقراطي في إيران يواجه ضغوطاً متزايدة من انخفاض قيمة الريال الإيراني بسرعة والعقوبات الاقتصادية المفروضة بسبب برنامج طهران النووي.
وأدى ذلك إلى ارتفاع تكلفة الحصول على بعض أرخص أنواع البنزين في العالم، التي لا تتجاوز بضعة سنتات للغالون، بشكل ملحوظ. ومع ذلك، فإن تردد الحكومة في رفع الأسعار يُشير على الأرجح إلى رغبتها في تجنب أي مواجهة مع الشعب المُنهك بعد أن شنت إسرائيل حربًا استمرت 12 يومًا على البلاد في يونيو/حزيران.
"لا جدوى من استيائنا"، هكذا عبّر سعيد محمدي، وهو مدرس يعمل سائق تاكسي في أوقات فراغه لتأمين لقمة عيشه، عن غضبه. "الحكومة تفعل ما يحلو لها، ولا تسأل الناس إن كانوا موافقين أم لا".
وفي 4 محطات وقود شمالي طهران صباح السبت، بدا السائقون مرتاحين أثناء تزويد سياراتهم بالوقود في طقس صافٍ وبارد. وتمركزت سيارات شرطة منفردة في بعض الأحيان بالقرب من المحطات، لكن لم تكن هناك طوابير طويلة عند مضخات الوقود أو أي مشكلات أخرى ظاهرة.
وأضاف نظام التسعير الجديد، الذي طُبّق اليوم السبت، مستوىً ثالثًا إلى نظام الدعم الحكومي القائم منذ فترة طويلة. يسمح النظام المعدّل لسائقي السيارات بالاستمرار في الحصول على 60 لترًا (15 جالونًا) شهريًا بسعر مدعوم قدره 15,000 ريال للتر، أو 1.25 سنت أمريكي، فيما ستبقى الـ100 لتر التالية (26 جالونًا) بسعر 30,000 ريال للتر، أو 2.5 سنت.
وأي شيء يُشترى فوق ذلك يخضع لنظام التسعير الجديد البالغ 50 ألف ريال للتر الواحد، أي ما يعادل 4 سنتات تقريبًا. وقد فرضت إيران نظام تقنين الوقود في عام 2007، إلا أن ذلك لم يُخفف بعد من الطلب على البنزين الرخيص للغاية.
وقدّرت وكالة الطاقة الدولية قيمة دعم النفط الإيراني بـ52 مليار دولار في عام 2022، مع اعتراف المسؤولين الإيرانيين بأن عشرات المليارات من الدولارات تُنفق سنويًا للحفاظ على أسعار الطاقة منخفضة بشكل مصطنع.
وقال الخبير الاقتصادي المقيم في طهران، حسين راغفار، إن سعر البنزين قد ارتفع 15 ضعفاً منذ عام 2009، ما يعطي نظرة متشائمة بشأن الدعم الحكومي. وأضاف "لم يقتصر الأمر على فشلها في تقليل عجز الميزانية، بل إنها حاصرت اقتصاد البلاد في حلقة سلبية من التضخم وعجز الميزانية".
وقال حامد رضا بور، وهو صراف بنك يبلغ من العمر 35 عامًا، إنه يعتقد أن الحكومة الإيرانية "ليس لديها خيار إلا زيادة الأسعار لإدارة اقتصاد البلاد".
وأردف "بأنها تحتاج إلى مزيد من الأموال لتغطية الاحتياجات العامة. أرى أنها ضريبة غير مباشرة، مع أنها بالكاد تُجدي نفعاً في ظل اقتصاد مضطرب".
وتُعد هذه الخطوة أهم تغيير يطرأ على نظام دعم الوقود في إيران منذ عام 2019، عندما أدت قفزة مفاجئة بنسبة 50% في الأسعار المدعومة وزيادة بنسبة 300% في سعر المشتريات التي تتجاوز الحصة المحددة إلى اندلاع احتجاجات على مستوى البلاد.
وشنت قوات الأمن حملة قمع واسعة النطاق ضد المظاهرات في أكثر من 100 مدينة وبلدة، فقد أقدم بعض المتظاهرين على إحراق محطات وقود وبنوك. وأسفرت الحملة عن قتل ما لا يقل عن 321 شخصاً، وفقاً لمنظمة العفو الدولية، كما اعتُقل الآلاف.
ويقول النقاد إن كل زيادة قدرها 10 آلاف ريال في أسعار البنزين ستؤدي إلى زيادة في التضخم تصل إلى 5%. وتعاني البلاد حاليًا من معدل تضخم سنوي يبلغ نحو 40%.
وتشير التقارير إلى أن أكثر من 8 ملايين إيراني يعملون سائقي سيارات أجرة عبر منصات الإنترنت، أي ما يقارب 10% من السكان. في المقابل، تضم شركة أوبر 8.8 مليون سائق ومندوب توصيل حول العالم.
وتشير تصريحات المسؤولين إلى أن إيران قد تسعى إلى زيادات أكبر في الأسعار في المستقبل، فقد تراجع الحكومة الأسعار كل 3 أشهر.
وأبدى محمد رضا أسدي، وهو سائق سيارة أجرة يبلغ من العمر 60 عاماً، شكوكاً في أن أي احتجاج إضافي سيحدث تغييراً.
وقال إن الناس كانوا يتدفقون إلى الشوارع احتجاجاً على رفع أسعار البنزين في الماضي، "لكنهم كانوا يعودون إلى منازلهم متعبين ويائسين في وقت لاحق عند الغسق".