بدأ الاتحاد الأوروبي اتخاذ إجراءات بشأن القضية الفلسطينية أكثر تقدمًا، خاصة بعد الحراك العربي الذي توج بمؤتمر نيويورك الذي دعم خيار حل الدولتين، لكن عقبات عدة تحول دون ترجمة الخطوات الأوروبية على الأرض.
ويرى مختصون أن دول الاتحاد الأوروبي تحاول رسم دور فاعل فيما يتعلق بالوضع في قطاع غزة، يتجاوز الدور الإنساني فقط، رغم تباين الدول الأعضاء فيه بشأن الموقف من التطورات في الأراضي الفلسطينية.
ويرى المحلل السياسي أحمد عوض، أن أوروبا ترى نفسها متضررًا بشكل رئيس من الصراع في الشرق الأوسط، مشيرًا إلى أنها لا تريد أن تجد نفسها محاصرة بالمصالح الأمريكية.
وقال عوض لـ"إرم نيوز": "أعتقد أن أوروبا تعيد تعريف نفسها في عملية التسوية في الشرق الأوسط في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي من مجرد أنها محفظة مالية وممول اقتصادي في تسوية لم تنجح للأسف وضربتها إسرائيل".
وأضاف: "أوروبا تريد الانتقال من التمويل لتكون فاعلًا سياسيًا أو تتقدم بمواقف سياسية ومختلفة ومتعددة لقيادة مبادرات التسوية والمفاوضات، ورعاية الحل وتمويله، والابتعاد عن الرؤية الأمريكية لحد كبير ومتفاوت".
وتابع: "أوروبا ترى نفسها متضررًا كبيرًا من استمرار هذا الصراع أكثر من أمريكا، ولهذا السبب هي تبحث عن أماكن جديدة لها وتحول موضعها من محفظة مالية للتسوية، لصاحبة حل وموقف في التسوية، ولفاعل سياسي حقيقي خاصة في رؤية الحل في قطاع غزة".

وقال: "أمريكا لن تسمح لأوروبا أن تلعب دورًا في غزة؛ لأن إسرائيل تنظر بتوجس شديد للدور الأوروبي، لهذا السبب أمريكا وإسرائيل لن تسمحا لأوروبا أن تلعب دورًا في غزة، وتريدا أن يكون دورها مكمل للدور الأمريكي".
وأضاف عوض: "هناك خشونة في العلاقات بين أوروبا وأمريكا وإسرائيل، حيث منعت إسرائيل وفودًا أوروبية من الوصول لإسرائيل؛ بسبب المواقف مما يجري في قطاع غزة، وهناك اتهامات إسرائيلية لأوروبا بمعاداة السامية".
وختم بالقول: "هدف أوروبا التحول من دور إغاثي لدور سياسي في غزة؛ بسبب تضرر مصالحها، ولأنها لا تقبل بإلغاء دورها من خلال محاصرة أمريكا لها سياسيًا وماليًا".
ويرى المحلل السياسي عبد الرحيم الشوبكي، أن دول الاتحاد الأوروبي تحاول رسم دور جديد سياسي في الملف الفلسطيني، مشيرًا إلى أن هذه الخطوات تتم بحذر شديد.
وقال الشوبكي لـ"إرم نيوز"، إن "دول الاتحاد الأوروبي تحاول قدر الإمكان أن تعيد دورها من ملف المساعدات الإنساني إلى دور سياسي ولكنها خطوات محسوبة بحذر، حيث لم تعد أوروبا تنظر لنفسها كجهة إنسانية فقط مهمة دون تأثير سياسي".
وأضاف: "هناك رغبة عند الأوروبيين وعند الاتحاد الأوروبي أن يعودوا لدور سياسي وخاصة في الملفات الساخنة كالملف الفلسطيني؛ بعد انحياز أمريكا لطرف دون الآخر وأيضًا بسبب تطورات ملف الحرب الأوكرانية الروسية".
وتابع "أوروبا تحاول الخروج من جسم الدفاع الإنساني للهدف السياسي، لأن هناك ضغط كبير داخل البرلمانات الأوروبية وخاصة إسبانيا وبلجيكا وإيرلندا التي ذهبت للاعتراف بدولة فلسطين".
وأضاف: "البرلمان الأوروبي اليوم هو أكثر انتقادًا للسياسة الإسرائيلية، ولذلك هو يحاول الخروج من دائرة التبعيّة أو دائرة الالتحاق بمصالح الولايات المتحدة الأمريكية وسياساتها الخارجية ولذلك تبحث عن دور مستقل بعيدًا عن أي تكتلات".
وقال الشوبكي: "الدول الأوروبية لديها خوف من انفجار الوضع الإقليمي في قطاع غزة والمنطقة العربية، وهذا سوف يؤدي لزيادة الهجرة والتطرف، وهو ما يمس الأمن الأوروبي".
وأوضح أن "فيما يتعلق بغزة، أوروبا ذاهبة للاعتراف التدريجي بالدولة الفلسطينية، وهذا يعني أن خيار حل الدولتين يتطلب ممارسات عملية من خلال الاعتراف بالدولة الفلسطينية وتحقيقه من خلال عدة شروط، مثل إصلاح السلطة الفلسطينية، وتشكيل حكومة تكنوقراطية، والقيام بدور أمني فاعل في غزة والضفة الغربية".