الكرملين: مشاركة الأوروبيين في مفاوضات أوكرانيا "لا تبشّر بالخير"
تسعى الفلبين، الحليف الآسيوي الوثيق للولايات المتحدة، إلى دخول نادي الدول المالكة للغواصات للمرة الأولى في تاريخها، في خطوة تُعدّ جزءًا من سباق تسلح بحري متصاعد في غرب المحيط الهادئ، وسط تصاعد التهديدات الصينية في بحر الصين الجنوبي.
وتأتي التحركات الفلبينية بالتوازي مع دعم أمريكي غير مباشر ومنافسة صناعية محتدمة بين كوريا الجنوبية ودول أوروبية كفرنسا وإسبانيا وإيطاليا وألمانيا لتزويد مانيلا بالتقنيات المتقدمة، وفق مجلة "نيوزويك".
تأتي مساعي الفلبين في ظل اشتداد النزاعات البحرية مع الصين حول السيادة على مناطق من بحر الصين الجنوبي، حيث تواصل بكين نشر سفنها الحربية وخفر السواحل لتأكيد السيطرة على المياه المتنازع عليها.
ورغم معاهدة الدفاع المشترك مع واشنطن، التي تضمن للفلبين دعمًا عسكريًا أمريكيًا في حال تعرضها لهجوم، فإن مانيلا تدرك الحاجة إلى بناء قدراتها الذاتية، خصوصًا بعد سلسلة من المواجهات المتكررة مع القوات الصينية.
ويصف قائد الجيش الفلبيني، الجنرال روميو براونر جونيور، مشروع الغواصات بأنه "حلم وطني" يهدف إلى حماية الدولة الأرخبيلية في مواجهة أكبر بحرية في العالم، إذ تدير الصين أسطولًا يضم 60 غواصة تقريبًا، بينها 12 تعمل بالطاقة النووية.
العرض الكوري ومنافسة أوروبية
خلال قمة التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادئ (APEC) لعام 2025 في بوسان، ناقش الرئيس الفلبيني، فرديناند ماركوس جونيور، مع شركة "هانوا أوشن" الكورية الجنوبية مقترحًا شاملًا لتطوير برنامج غواصات حديث.
وتشمل الخطة بناء غواصات من طراز "KSS-III PN" المجهزة بأنظمة سونار قتالية متقدمة وبطاريات ليثيوم أيون لزيادة المدى والقدرة على التحمل، إلى جانب إنشاء قاعدة صيانة ومركز تدريب متكامل ونقل التكنولوجيا إلى الصناعات المحلية.
ويُتوقع أن تكون الغواصات المقترحة نسخة معدّلة من فئة "KSS-III Batch-II" الكورية، التي تضم ستة أنابيب طوربيد ونظام إطلاق عمودي لعشرة صواريخ باليستية.
غير أن المنافسة على العقد لا تزال مفتوحة، إذ تقدّمت فرنسا وإسبانيا وتحالف ألماني-إيطالي بمقترحات منافسة تسعى إلى كسب الصفقة، ما يعكس الاهتمام الدولي المتزايد بتسليح الفلبين في ظل الاستراتيجية الأمريكية لاحتواء الصين.
أبعاد استراتيجية وإقليمية
تُعدّ الغواصات عنصرًا حاسمًا في موازين القوى البحرية الحديثة، إذ تمنح الدول الصغيرة قدرة على الردع والمراقبة في المساحات البحرية الواسعة.
ومع ازدياد النشاط العسكري الصيني في بحر الصين الجنوبي وغرب المحيط الهادئ، تندفع دول المنطقة إلى تطوير ترساناتها البحرية.
فبينما تواصل الولايات المتحدة تعزيز وجودها العسكري عبر قواعدها في الفلبين واليابان، تسعى مانيلا إلى إثبات استقلالها الدفاعي من خلال مشاريع مثل هذا البرنامج.
وفي المقابل، حذر تقرير وزارة الدفاع الأمريكية لعام 2024 من أن بحرية جيش التحرير الشعبي الصيني تواصل تحديث قدراتها وتوسيع أحواض بناء السفن، ما يزيد من تعقيد البيئة الأمنية في آسيا.
ورغم أن مشروع الغواصات الفلبيني لا يزال في مراحله الأولى، فإن توقيعه المحتمل سيشكّل تحوّلًا استراتيجيًا في التوازن البحري بالمنطقة.
كما قد يشجع دولًا أخرى في جنوب شرق آسيا على تبنّي برامج مماثلة لتعزيز قدراتها الدفاعية في مواجهة القوة الصينية المتنامية.
وفي ظل غياب رد رسمي من بكين على هذه التطورات، تبدو منطقة غرب المحيط الهادئ مقبلة على مرحلة جديدة من المنافسة البحرية متعددة الأطراف، تُعيد رسم معالم النفوذ بين الصين وحلفاء واشنطن في آسيا.