logo
العالم

دعوة بوتين لمفاوضات مباشرة.. هل اقتربت ساعة تسوية الحرب في أوكرانيا؟

دعوة بوتين لمفاوضات مباشرة.. هل اقتربت ساعة تسوية الحرب في أوكرانيا؟
الرئيس الروسي فلاديمير بوتينالمصدر: (أ ف ب)
13 مايو 2025، 1:56 م

في ظل تصاعد الضغوط الغربية على الكرملين، اقترح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، إجراء محادثات مباشرة مع أوكرانيا منتصف الشهر الجاري في إسطنبول التركية - دون أي شروط مسبقة - وذلك بعد ساعات من دعوة قادة فرنسا وألمانيا وبريطانيا وبولندا إلى وقف إطلاق نار غير مشروط مدته 30 يومًا.

وقدم بوتين اقتراحه في خطاب متلفز، مؤكدًا أن موسكو لم ترفض الحوار يومًا، وأنها مستعدة للجلوس مع كييف لمناقشة القضايا الجوهرية لإنهاء الصراع المستمر منذ فبراير 2022. 

وأوضح يوري أوشاكوف، مساعد الرئيس الروسي، أن المباحثات ستستند إلى مسودة السلام التي وضعت في عام 2022 والتي تضمنت موضوعات مثل حياد أوكرانيا والاعتراف بالوضع الراهن للأراضي التي ضمتها موسكو، وهو ما ترفضه كييف بالقطع.

لم تتأخر إدارة أوكرانيا في الرد؛ فقد أعلن الرئيس فولوديمير زيلينسكي، عقب مناشدة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، عن استعداده للسفر إلى إسطنبول للقاء بوتين دون تردد شريطة وجود وقف شامل لإطلاق النار يسبق أي مفاوضات.

ورحب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالمقترح الروسي، ودعا عبر حسابه على "إكس" إلى الاجتماع الآن ودون انتظار أي هدنة، معتبرًا أن التأجيل يعقد فرص السلام ويؤدي إلى مزيد من الدماء. 

ومع هذا المقترح الروسي والدعوة الأمريكية، يبقى السؤال فيما إن كانت الدبلوماسية ستنجح بتثبيت وقف إطلاق النار وبدء حوار شامل، أم أن الاقتراح سيظل مجرد مناورة كلامية في حرب دبلوماسية لن تنتهي بسهولة.

كسر الجمود السياسي 

ويرى الخبراء، أن مقترح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لإجراء مفاوضات مباشرة مع أوكرانيا في إسطنبول يمثل محاولة روسية لكسر الجمود السياسي وإحراج الأطراف الغربية، خاصة في ظل تجاهل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لمبادرة الهدنة الأوروبية، وترحيبه ضمنيًا بالمقترح الروسي بوصفه "إيجابيًا".

وقال آصف ملحم، مدير مركز "JSM" للأبحاث والدراسات، إن التصريحات المتبادلة بين الولايات المتحدة والدول الأوروبية من جهة، وروسيا من جهة أخرى، لا تتعدى كونها "مناكفات كلامية"، خاصة أن القادة الأوروبيين اقترحوا خلال زيارتهم لأوكرانيا هدنة لمدة 30 يومًا بلغة تهديدية وعدائية، وهو ما دفع المتحدث باسم الكرملين ديميتري بيسكوف لوصفها بـ"العدائية والمتناقضة".

وأضاف في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أن الأوروبيين كانوا يدركون أن روسيا سترفض المقترح، ما يضعها في صورة من يرفض السلام ويحرج الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي يدعو للحوار. 

طرح روسي بديل 

وأشار إلى أن المتوقع كان تصعيدًا أمريكيًا لدعم أوكرانيا، لكن موسكو بادرت بطرح بديل تمثل في استعداد الرئيس فلاديمير بوتين لإجراء مفاوضات مباشرة مع أوكرانيا في إسطنبول، وأن هذا الطرح يخفف من حرج ترامب في ظل الانتقادات التي يتعرض لها.

وأشار إلى أن روسيا، بهذا المقترح، أظهرت للمجتمع الدولي استعدادها للحوار، فيما تجاهل ترامب الهدنة الأوروبية، وسارع إلى التعليق عبر منصة إكس واصفًا الإعلان الروسي بـ"الإيجابي"، في إشارة إلى اهتمامه بهذا التوجه الروسي، خاصة في ظل علاقته الشخصية مع بوتين.

وأوضح ملحم أن كييف تعتبر أن المفاوضات لا يمكن أن تتم دون هدنة، في حين ترفض موسكو ذلك؛ لأنها ترى في التهدئة فرصة لأوكرانيا لإعادة ترتيب صفوفها وجلب مزيد من الأسلحة.

وأشار إلى أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أكد استمرار الدعم العسكري لأوكرانيا حتى في حال التوصل إلى هدنة، بينما إذا رفضت كييف الدخول في مفاوضات مباشرة، فسيكون ذلك بمنزلة "طعنة" لترامب، الداعي لها، وقد يدفعه ذلك لممارسة ضغوط عليها، ما يعيد الأزمة إلى مربعها الأول.

وأكد ملحم أن أطراف الصراع أمام اختبار حقيقي، فإما أن يثبت كل طرف سعيه للسلام، أو يتضح أن الجميع يناور لكسب الوقت، خاصة أن روسيا تسعى للسيطرة على مزيد من الأراضي وتفكيك الجيش الأوكراني، وفي الوقت نفسه يزيد الغرب تسليح كييف.

وقال إن فرص التوصل لحل ملموس تبقى ضعيفة، فروسيا تصر على الاعتراف بسيادتها على المناطق الأربع وتريد استئناف المفاوضات من حيث توقفت، بينما يُصر الطرف الآخر على البدء من جديد.

ملامح تجميد الصراع 

من جانبه، قال رامي القليوبي، الأستاذ الزائر بكلية الاستشراق في المدرسة العليا بموسكو، إن الحديث عن نهاية قريبة للحرب لا يزال مبكرًا، رغم أن ملامح تجميد الصراع بدأت تظهر.

وأوضح في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أن روسيا تحقق تقدمًا ميدانيًا في دونيتسك ولوغانسك، واقتصادها بات متكيّفًا مع العقوبات، بل أصبح قطاع الصناعات الحربية هو المحرك الأساسي له.

وأشار إلى أن استمرار الحرب يُنذر بعواقب اقتصادية طويلة الأمد، حيث يؤدي غياب مئات الآلاف من الجنود عن سوق العمل إلى فجوة في العرض، ما دفع المصرف المركزي الروسي إلى الإبقاء على سعر الفائدة عند 21%، وهو ما يحد من الإقراض ويبطئ النمو الاقتصادي.

وأكد الأستاذ الزائر بكلية الاستشراق في المدرسة العليا بموسكو، أن روسيا تواجه تداعيات خطيرة بسبب "اقتصاد الحرب"، ولذلك فإن إنهاء الصراع في هذا التوقيت يصب في مصلحتها، خاصة في ظل قيادة ترامب للبيت الأبيض، وتصاعد التوتر بين واشنطن وبكين، وبرود العلاقات الأمريكية الأوروبية.

ورأى أن هذه العوامل تدفع نحو تثبيت ملامح عالم متعدد الأقطاب، وسط تنافس القوى الأربع الكبرى - الولايات المتحدة، وأوروبا، والصين، وروسيا - ما يمنح موسكو فرصًا أكبر على الساحة الدولية، ويجعل من إنهاء الحرب هدفًا واقعيًا في الوقت الراهن.

;
logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC