تواجه القوات المسلحة المالية ومجموعة فاغنر الروسية شبه العسكرية اتهامات متصاعدة بارتكاب انتهاكات جسيمة ضد المدنيين، تتضمن عشرات الإعدامات الميدانية والإخفاءات القسرية، وفقًا لمنظمات حقوقية دولية، في ظل صمت رسمي من الحكومة في باماكو.
وفي أحدث هذه التقارير، قالت منظمة هيومن رايتس ووتش في بيان إن "القوات المسلحة المالية وحليفتها مجموعة فاغنر قامتا منذ بداية عام 2025 بتنفيذ عشرات الإعدامات الميدانية وعمليات الإخفاء القسري بحق رجال من عرقية الفولاني، في إطار عملياتهما العسكرية".
وأشارت المنظمة إلى أن "الجيش المالي ومقاتلي فاغنر يتهمون مجتمع الفولاني بالتعاون مع الجماعات المسلحة، لا سيما تلك الساعية إلى السيطرة على أجزاء من البلاد".
دعوات دولية للتحقيق والمحاسبة
دعت هيومن رايتس ووتش، في بيانها، الاتحاد الإفريقي إلى تعزيز انخراطه في الملف المالي، من خلال تقديم الدعم للتحقيقات المستقلة والضغط من أجل ملاحقات قضائية عادلة تضمن حماية المدنيين من الانتهاكات المستمرة من جميع أطراف النزاع.
وقال الخبير العسكري المتخصص في الشؤون الإفريقية، عمرو ديالو، في تصريح لـ"إرم نيوز"، إن هذه الاتهامات تضع الجيش المالي وحلفاءه الروس في "وضع محرج"، خصوصًا في ظل إقرار الجيش نفسه باستهداف جماعات تنتمي لأقلية الفولاني.
وأضاف ديالو أن "الصراع الدائر حاليًا في مالي أودى بحياة الآلاف، وسط اتهامات متكررة للجيش المالي – سابقًا من فرنسا والآن من منظمات دولية – بارتكاب انتهاكات ضد المدنيين، وهو ما يزيد حجم الضغوط الواقعة عليه في مواجهة الجماعات المسلحة التي توسّع نطاق نفوذها في بعض المناطق".
ورغم ذلك، أكد أن هذه الاتهامات لا تؤثر بشكل مباشر على سير المعارك ميدانيًا، لكنها "تجبر الجيش على مراجعة حساباته بشكل كبير في ما يتعلق بالهجمات التي يشنها ضد المتشددين والانفصاليين في الشمال، لتفادي تصعيد جديد في الانتقادات الحقوقية".
استمرار الانتهاكات وغياب الرد الرسمي
وأكدت هيومن رايتس ووتش في بيانها أن "الجيش المالي ومجموعة فاغنر نفّذا منذ يناير/ كانون الثاني 2025 ما لا يقل عن 12 عملية إعدام ميدانية، وأخفيا قسرًا ما لا يقل عن 81 شخصًا من عرقية الفولاني"، وذلك خلال عمليات "مكافحة التمرد" ضد جماعة نصرة الإسلام والمسلمين المرتبطة بتنظيم القاعدة، في عدة مناطق من البلاد.
من جانبه، قال المحلل السياسي المتخصص في الشؤون الإفريقية، قاسم كايتا، في تصريح لـ"إرم نيوز"، إن "الجيش المالي ومجموعة فاغنر يواجهان بالفعل تصاعدًا في الاتهامات بشأن الانتهاكات خلال عملياتهما ضد الجماعات المسلحة"، معتبرًا أن الحملات العسكرية المشروعة تحولت إلى "مأزق" نتيجة تصاعد الانتقادات الدولية.
وأضاف كايتا أن "الجيش المالي يتكتم على التقارير الصادرة عن الأمم المتحدة ومنظمة هيومن رايتس ووتش، وهو أمر يزيد حدة الانتقادات الموجهة إليه"، مشيرًا إلى أن "تقريرًا أمميًا سابقًا اتهم الجيش وفاغنر بإعدام 65 شخصًا من قبيلة الفولاني، ورغم ذلك، لم يصدر أي تعليق رسمي من جانب الجيش".