أعرب مسؤولون بريطانيون عن قلقهم من أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد يعترف بالمستوطنات الإسرائيلية غير القانونية في الضفة الغربية، كرد على الاعترافات المتزايدة بدولة فلسطين؛ ما قد يعرقل جهود تحقيق السلام.
وبحسب صحيفة "الغارديان"، يعتقد المطلعون على شؤون الحكومة أن هذه الخطوة ستكون ضربة قوية لتحقيق حل الدولتين.
وأشار ترامب بشكل عابر إلى الاعتراف الفلسطيني خلال خطاب ألقاه في الأمم المتحدة يوم الثلاثاء، قائلاً: "سيكون هذا مكافأة على هذه الفظائع المروعة، بما في ذلك 7 أكتوبر".
وفي الوقت نفسه، ينخرط القادة العرب والأوروبيون في عملية ضغط مكثفة لضمان عدم ذهابه إلى أبعد من ذلك بالاعتراف بالمستوطنات في الضفة الغربية.
وقال أحد المسؤولين البريطانيين: "كما هو الحال دائمًا مع هذا الرئيس، من الصعب معرفة الطريق الذي سيسلكه، لكننا قلقون بشأن ما قد يحدث".
ورفض البيت الأبيض التعليق، لكن مسؤولاً أمريكياً صرح بأن ترامب ليس متمسكاً بحلٍ واحدٍ في الشرق الأوسط، وأنه لن يتقيد بما اعتبره أطُراً فاشلة من الماضي.
في المقابل، اعترفت عدة دول بالدولة الفلسطينية خلال الأيام الأخيرة تزامنا مع انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، ووصف البيت الأبيض هذه الخطوة بأنها "استعراضية"، لكنها لم تُغير سياستها تجاه القضية.
وقال كير ستارمر، رئيس الوزراء البريطاني، إن اعتراف بريطانيا بفلسطين جاء "لإحياء أمل السلام وحل الدولتين".
وصرح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أمام الأمم المتحدة يوم الاثنين: "الوقت قد حان للاعتراف، وتقع على عاتقنا مسؤولية بذل كل ما في وسعنا للحفاظ على إمكانية حل الدولتين".
وجاءت هذه الخطوة على خلفية الهجوم الإسرائيلي على غزة، والموقف الإسرائيلي المتزايد الحزم في الضفة الغربية.
تخطط إسرائيل لبناء مستوطنة جديدة تُعرف باسم "E1"، والتي ستقسّم الضفة الغربية عمليا إلى قسمين. وصرح بتسلئيل سموتريتش، وزير المالية الإسرائيلي اليميني المتطرف، بأن هذا التطوير "سيدفن فكرة الدولة الفلسطينية".
كما يتعرض رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لضغوط من داخل حكومته للمضي قدما في ضم الضفة الغربية كليا أو جزئيا، وهي خطوة ستجعل من المستحيل إقامة دولة فلسطينية تشمل الضفة الغربية وغزة.
وقد صرح نتنياهو بأنه لن يتخذ أي قرار إلا بعد حديثه مع ترامب مطلع الأسبوع المقبل في البيت الأبيض.
لقد أمضى ستارمر جزءا كبيرا من اجتماعه الثنائي مع ترامب الأسبوع الماضي في شرح أسباب الاعتراف بفلسطين، وكان المسؤولون البريطانيون سعداء عندما ظهر الرئيس الأمريكي متفائلاً بهذا الاحتمال في مؤتمره الصحفي المشترك.
ولم يتحدث ترامب كثيرا عن التوسع الإسرائيلي في الضفة الغربية، لكنه يتعرض لضغوط من بعض حلفائه لتأييده، ومن بينهم مايك هاكابي، السفير الأمريكي لدى إسرائيل، الذي قال الشهر الماضي: "لا أعرف ما الذي كان الأوروبيون يعتقدون أنهم سيحققونه بالاعتراف الفلسطيني، ولكن بأفعالهم، فإنهم يحققون شيئًا لا أعتقد أنهم أرادوا القيام به، وهو إعطاء الضوء الأخضر للإسرائيليين للمضي قدما والاستيلاء على أجزاء من الضفة الغربية، إما بإعلان السيادة أو الضم".
وفي المقابل، يحثّ آخرون، بمن فيهم صهر ترامب جاريد كوشنر، الرئيس على عدم تقويض إمكانية حل الدولتين.
وكان كوشنر رتّب اجتماعا الشهر الماضي في البيت الأبيض للتخطيط لمرحلة ما بعد الحرب في غزة، حضره أيضا رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير.
وبموجب خطة بلير، التي وصفها مصدر حكومي بريطاني بأنها "الحل الوحيد المتاح"، ستخضع غزة لسلطة انتقالية دولية مدعومة من الأمم المتحدة، دون الحاجة إلى طرد الفلسطينيين من الأراضي. ورفض المتحدث باسم بلير التعليق.
مع ذلك، ستُقوَّض هذه الخطة إذا اعترف ترامب بالمستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية، وهو ما سيعتبره القادة العرب تجاوزا للخط الأحمر.
والتقى ترامب عددا من هؤلاء القادة في نيويورك يوم الثلاثاء في اجتماع خاص، حيث كان من المتوقع أن يضغطوا عليه خلاله لعدم دعم الإجراءات الإسرائيلية في الضفة الغربية.
وقال أنور قرقاش، المستشار الدبلوماسي الكبير لدولة الإمارات العربية المتحدة: "في هذه الأوقات الصعبة، ترسل الإمارات رسالة واضحة: الضم هو خط أحمر، ويجب أن يظل السلام من خلال حل الدولتين هو الطريق إلى الأمام".
وتعتبر الإمارات نفسها حامية لاتفاقات إبراهيم، التي أرست أسس علاقات دبلوماسية بين إسرائيل ومجموعة من الدول العربية، وبمباركة ترامب، وقّعت الإمارات الاتفاقات عام 2020 بعد موافقة إسرائيل على التخلي عن مقترح ضم أجزاء من الضفة الغربية.