قالت صحيفة "التايمز" البريطانية إن رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، على وشك مواجهة تحدٍّ "عميق" لرسوم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الجمركية.
وأضافت الصحيفة: "بينما تواجه خطة ستارمر الاقتصادية اختبارًا صعبًا، مع احتمال عجز قدره 9.9 مليار جنيه إسترليني، يعتقد رئيس الوزراء أنه قادر على اغتنام الفرصة".
وتابعت: "على حين أن رئيس الوزراء يجد نفسه في انتظار اتصال من الرجل الوحيد القادر على تغيير مصيره، ومصير بريطانيا؛ الرئيس دونالد ترامب، الاقتصادي والسياسي، ترى الصحيفة هذا الاتصال لم يأتِ بعد".
وبحسبها، يبذل رئيس الوزراء قصارى جهده لإضفاء جو من الطمأنينة والهدوء؛ وبينما قد تشهد الأسواق حالة من الاضطراب، فإن رسالة ستارمر للشركات هي أن الدولة حاضرة لدعمهم؛ ويقول إن العقول الهادئة ستنتصر في النهاية.
وأشارت "التايمز" إلى أن خطة ستارمر بسيطة؛ فهو يأمل في توقيع اتفاقية اقتصادية مع الولايات المتحدة بحلول نهاية الشهر، من شأنها أن تُخفّض أو تُلغي رسوم ترامب الجمركية، مع تعزيز العلاقات الوثيقة مع الاتحاد الأوروبي.
وعلى حين يعتقد ستارمر، الذي وصل إلى السلطة متعهدًا بتنمية الاقتصاد وتوفير المزيد من المال للناس، أن بريطانيا يمكن أن تكون وجهةً جذابةً للاستثمار الدولي، في ظل استقرارها السياسي وقوتها الاقتصادية، لكن رغم كل محاولاته لتصوير نفسه كرجل دولة دولي، ثمة خطر كبير.
وقال التقرير إنه "بعد سنوات من الركود الاقتصادي وانخفاض مستويات المعيشة، ورغم تعهد ستارمر بأن حزب العمال سيُحسّن حياة الناس؛ حيث شنّ حملة من أجل التغيير، لكن المراحل الأولى من رئاسته للوزراء، وخاصةً حزمة الزيادات الضريبية الضخمة التي هيمنت على أول ميزانية لراشيل ريفز، أثارت تساؤلات متزايدة حول مسار حكومته".
وأضاف: "ستُلحق رسوم ترامب الجمركية ضررًا بالغًا بتلك الخطط الاقتصادية، حتى لو نجح رئيس الوزراء في التوصل إلى اتفاق".
وبين أنه "من المرجح أن تكون التداعيات العالمية كبيرة، وهناك مخاوف من أن تصبح بريطانيا مُهْجِرًا للبضائع الدولية الرخيصة".
وتابعت الصحيفة أنه "على الرغم من محاولات ستارمر لاتخاذ موقف مُبادر، مُقدمًا خططًا قائمة لتخفيف قواعد بيع السيارات الكهربائية لمساعدة المُصنِّعين، لكن رغم كل هذه الخطابات، لا توجد حتى الآن مؤشرات تُذكر على الدعم الذي تُطالب به القطاعات المُتضررة".
فعلى سبيل المثال، تُطالب صناعة السيارات بتخفيضات ضريبية لتحفيز الطلب على السيارات الكهربائية؛ ومن المُرجح أيضًا أن تُواجه الحكومة قرارًا بالغ الحساسية - ربما في غضون أيام - بشأن ما إذا كان عليها تأميم شركة "بريتيش ستيل".
وأردفت الصحيفة أن هذه ليست سوى البداية؛ فالمدخرات الضئيلة التي تركتها ريفز بعد بيانها الربيعي الشهر الماضي، والتي تجاوزت 9.9 مليار جنيه إسترليني بقليل، من المرجح أن تُمحى بالكامل تقريبًا بسبب تأثير الحرب التجارية العالمية على النمو الاقتصادي.
وكما ستزداد القرارات المقبلة، في مراجعة الإنفاق في يونيو وميزانية الخريف، صعوبة يومًا بعد يوم؛ حيث يُجمع الاقتصاديون على تحذيرهم من أن ريفز قد تضطر إلى طلب المزيد من المال، سواءً من خلال تخفيضات أكبر في الإنفاق أو زيادات ضريبية.
وخلُصت الصحيفة إلى أن هامش المناورة السياسي لرئيس الوزراء البريطاني ووزير المالية مقيد بشدة بالتزامهما بقواعد مالية صارمة.
واعتبرت أن هذه القواعد، التي تنص على وجوب مواءمة الإنفاق اليومي للحكومة مع دخلها، وضرورة اقتراضها للاستثمار فقط، تشجع على اتخاذ قرارات تعسفية، حيث يُكيّف الوزراء سياساتهم مع التوقعات الاقتصادية لخمس سنوات قادمة، وهي توقعات شديدة الغموض.
ورأت أنه "بينما يُشكّل كل هذا تحديًا جوهريًا لستارمر ورئاسته للوزراء؛ نظرًا لحجم الحرب التجارية العالمية والاقتصادات الرئيسية المعنية، فإن المملكة المتحدة في نهاية المطاف لا تمتلك سوى قوة مالية محدودة نسبيًا".