logo
العالم

مفاوضات تحت النار.. هل يفرض التقدم الروسي شروطا جديدة على كييف؟

جنود أوكرانيون في منطقة لوغانسكالمصدر: (أ ف ب)

في وقت تشهد فيه الساحة  الأوكرانية تصاعدًا في المواجهات، لا تزال القوات الروسية توسع مناطق الضغط على الجبهات المختلفة، في مؤشر على أن موسكو لا تكتفي بالتحركات التكتيكية، بل تسعى لتعزيز نفوذها الميداني بما قد ينعكس على الموقف التفاوضي لأوكرانيا.

وأظهرت بيانات ميدانية حديثة أن  القوات الروسية حققت تقدّمًا ملحوظًا في الأراضي الأوكرانية، بإجمالي حوالي 701 كلم² إضافية، وهو أكبر مكسب منذ بداية العام، وفقًا لتقارير ميدانية وتحليلات عسكرية. 

وشمل التقدم العسكري العديد من المحاور الاستراتيجية، وتحديدًا في الجنوب، إذ سيطرت موسكو على عدة قرى ومستعمرات في منطقة زابوروجيا، من ضمنها "ريڤنوبِيليا" و"ملا توكماشكا"، مهددة بذلك مدينة هوليابول.

في الشرق، تتواصل المواجهات حول محاور حاسمة مثل بوكرُفيسك وميرنوراد، حيث اعتمدت  روسيا أسلوب "التطويق شبه الدائري" للضغط على خطوط الإمداد الأوكرانية، مع الحفاظ على ممر واحد مفتوح تحت مراقبة قواتها المدفعية والصواريخ والطائرات المسيرة، ما يزيد صعوبة الدفاع والتراجع على القوات الأوكرانية.

ووفقا للمراقبين، تسعى موسكو إلى تعزيز أوراق الضغط قبل أي مفاوضات محتملة، مستغلة المكاسب الميدانية لتقوية موقفها التفاوضي. 

ويرى المراقبون أن كل كيلومتر مربع يُستعاد أو تُحكم فيه السيطرة يزيد من قدرة روسيا على فرض شروط أقسى على كييف وشركائها.

"استراتيجية آلاف الجروح"

أكد سيرغي ماركوف، المستشار السابق للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أن موسكو لا تتجه إلى شن هجوم واسع النطاق، بل تعتمد على ما وصفه بـ"استراتيجية آلاف الجروح"، وهي منهجية مستقاة من النظريات العسكرية الصينية الكلاسيكية. 

أخبار ذات علاقة

تدريبات سابقة للناتو

خبراء: الناتو يراجع قواعد الاشتباك تحسباً لهجمات روسيا "الهجينة"

وكشف في تصريحات خاصة لـ"إرم نيوز" أن هذه المنهجية تقوم على تنفيذ الجيش الروسي مئات الهجمات الصغيرة على قطاعات متعددة من الجبهة، مستهدفًا المناطق الأضعف في منظومة الدفاع الأوكرانية، بحيث يؤدي كل اختراق صغير إلى دفع القوات الأوكرانية لنقل احتياطياتها إلى تلك النقاط، مما يرهقها ويولد سلسلة متتابعة من الأزمات التكتيكية.

وأشار ماركوف إلى أن هذا الأسلوب يتيح لروسيا تقليل الخسائر البشرية في صفوف جنودها، وهو عامل يحرص عليه بوتين، بحسب تعبيره، كما يمكّن موسكو من استغلال تفوقها العددي في الجنود مقارنة بالقوات الأوكرانية. 

وأضاف مستشار الرئيس بوتين السابق، أن  روسيا تعتمد أيضًا تكتيك "التطويق نصف الدائري" في المدن المحورية مثل بوكرُفيسك وميرنوراد، حيث يفرض الجيش الروسي شبه حصار دون إغلاقه بالكامل، بما يجعل خطوط الإمداد الأوكرانية تحت ضغط مستمر ويضعف قدرة كييف على الدفاع.

وأشار سيرغي ماركوف أن موسكو تعمل تدريجيًا على السيطرة على طرق الإمداد، مع الإبقاء على ممر واحد فقط مفتوح أمام القوات الأوكرانية، لكنه يكون تحت سيطرة المدفعية والصواريخ والطائرات المسيرة الروسية، وهو ما يجعل انسحاب القوات الأوكرانية محفوفًا بخسائر كبيرة. 

وتابع قائلاً: "إن طبيعة الحرب لم تعد شبيهة بالحرب العالمية الثانية التي اتسمت بالهجمات الضخمة والاختراقات الواسعة، بل باتت أقرب إلى الحرب العالمية الأولى التي تعتمد على الاستنزاف البطيء".

وأكد سيرغي ماركوف، أن روسيا وفق رؤيته، لن تلجأ لهجوم شامل، بل ستواصل هذه الاستراتيجية لإحداث مزيد من الأزمات التكتيكية داخل الجيش الأوكراني، بما قد يقود لاحقًا إلى أزمة استراتيجية في قدراته العسكرية.

نوايا مغايرة

وفي السياق ذاته، قال الدبلوماسي الأوكراني السابق فولوديمير شوماكوف، إن روسيا تحاول إظهار رغبتها في السلام، بينما تثبت الوقائع العكس، مشيرًا إلى أن الخطاب الأخير لبوتين في العاصمة القرغيزية بيشكيك أظهر أن بوتين يبدو مستمتعًا بمواصلة الحرب في أوكرانيا، وهو ما يعزز القناعة بأن الحرب قد تطول لسنوات.

وأكد شوماكوف لـ"إرم نيوز" أنه لو كانت موسكو راغبة فعلًا في تسوية سياسية، لأعلنت هدنة ثم انتقلت إلى مفاوضات جدية، لكنها ــ وفق قوله ــ تواصل الحشد العسكري في الجنوب والشرق، ما يشير إلى نوايا مغايرة. 

واستطرد قائلا: "الخسائر الروسية هائلة وقد تصل إلى مليون جندي، وأن موسكو غارقة في مستنقع الحرب، وأن إنهاءها الآن سيبدو بمثابة خطوة انتحارية لأي نظام ديكتاتوري هو من بدأها".

أخبار ذات علاقة

جيه دي فانس

نائب ترامب يتوقع قريبا "أخبارا جيدة" بشأن تسوية أزمة أوكرانيا

وأكد شوماكوف أن ما وصفه بـ"المناورات السياسية الروسية عبر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب" تهدف إلى إنهاء الحرب سياسيًا عبر خطة سلام تتوافق مع رغبات بوتين، مشيرًا إلى أن الرئيس الروسي "لا يستطيع السيطرة على دونباس".

ولذلك، بحسب رأيه، يطلب من ترامب الضغط على أوكرانيا للاستسلام، مشددًا على أن كييف ترفض تمامًا أي تنازل إقليمي، إذ يحظر الدستور الأوكراني التخلي عن أي جزء من أراضي الدولة.

وأضاف الدبلوماسي الأوكراني، أنه من المرجح أن يستخدم ترامب روافع مختلفة للضغط على الرئيس فولوديمير زيلينسكي، وربما الخضوع لابتزازات محتملة.

وألمح إلى احتمال وجود "أدلة فساد" ضد زيلينسكي، وأن ذلك "لا يمكن الجزم به"، مشددًا على أن أوكرانيا ليست دولة ديكتاتورية، وأن نظامها برلماني، موضحًا أن البرلمان هو الجهة المخولة بإبرام الاتفاقيات الدولية وإقرار القوانين.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC