تشهد صربيا، منذ 4 أشهر، أكبر انتفاضة في تاريخها المعاصر، حيث اندلعت المظاهرات احتجاجًا على الفساد بعد انهيار سقف محطة سكة حديد نوفي ساد، أسفر عن مقتل 15 شخصًا.
الحادث كشف عن عيوب النظام الذي يسمح للمحسوبية بالسيطرة على المشاريع العامة، مما أثار غضب المواطنين، خصوصًا بعد أن بدا أن الاتحاد الأوروبي لا يبدي اهتمامًا كافيًا بالحادثة.
وبدأت الاحتجاجات بمظاهرة طلابية في العاصمة بلغراد، قبل أن تمتد إلى نوفي ساد، التي شهدت الكارثة، وتركزت مطالب المحتجين في البداية حول التحقيق في حادثة انهيار السقف وزيادة ميزانية التعليم العالي.
وفي وقت لاحق، توسعت مطالبهم لتشمل تحقيقات أوسع في مشاريع البناء المشبوهة، وسط اتهامات للأحزاب الحاكمة بسرقة الأموال العامة. ومع تصاعد الاحتجاجات، بدأ الطلاب في تنظيم إضرابات واحتلال الشوارع، مطالبين الحكومة بالتحقيق في الفساد المستشري.
وما بدأ كمجرد احتجاج طلابي تحوّل سريعًا إلى حركة احتجاجية واسعة النطاق، وهو ما أثار شكوكًا حول الدوافع الحقيقية وراء المظاهرات.
وبينما ظل الطلاب يطالبون الحكومة بالتحقيق في الفساد، كانت المعارضة والمنظمات غير الحكومية المدعومة من الغرب تحاول السيطرة على الاحتجاجات وتحويلها لصالحها.
وأثارت الدعوات لتشكيل "حكومة خبراء" أو حتى تغيير الدستور تساؤلات حول ما إذا كانت الاحتجاجات تمثل فقط مطالب محلية أم أنها جزء من أجندة خارجية.
شعار "اليد الحمراء"، الذي رفعه المحتجون، لاقى اهتمامًا خاصًًا، إذ يرتبط تاريخيًًا بحركات مدعومة من الخارج، مثل "صندوق الديمقراطية الوطني" الذي كان وراء تمويل "الثورات الملونة" في دول مثل جورجيا وأوكرانيا.
وهذا الرابط أثار شكوكًا حول مصداقية المطالب وأدى إلى تساؤلات عن الدور المحتمل للقوى الخارجية في التحريض على الاحتجاجات.
من جهة أخرى، ردت الحكومة بقيادة الرئيس ألكسندر فوتشيتش بطريقة محيرة، حيث حاولت الاستجابة للمطالب، لكن كلما بدت الحكومة أقرب للتهدئة، تعرّضت لانتقادات أكثر حدة.
ومع تصاعد العنف في بعض الأحيان، أصبح من الواضح أن الأزمة قد تتحول إلى حرب أهلية أو تمهد لاحتلال سياسي من قبل قوى خارجية.
في النهاية، تظل الأسئلة الكبرى حول ما إذا كانت الاحتجاجات تمثل ثورة ضد الفساد أم أنها مجرد أداة لتحقيق أهداف سياسية خارجية، وما هو مؤكد هو أن هذه المظاهرات قد تؤدي إلى تغييرات كبيرة في صربيا، لكن العواقب قد تمتد إلى ما هو أبعد من حدودها.