الكرملين: مشاركة الأوروبيين في مفاوضات أوكرانيا "لا تبشّر بالخير"
يعيش تجار وسائقو شاحنات يعملون عبر خطوط باماكو وساحل العاج والسنغال خطرًا مزدوجًا تفرضه جماعة "نصرة الإسلام والمسلمين" المتطرفة، التي باتت تضعهم بين خياري حرق أو حجز بضائعهم، بما فيها الوقود، أو الضغط عليهم للانخراط في صفوفها.
ومنذ سبتمبر، فرضت الجماعة حصارًا على العاصمة المالية عبر قطع طرق الإمداد الرئيسية من ساحل العاج والسنغال، حيث يعمد عناصرها إلى إضرام النار في شاحنات صهريجية متجهة إلى باماكو، التي يزيد عدد سكانها عن ثلاثة ملايين نسمة، ما وضع المجلس العسكري بقيادة الجنرال أسيمي غويتا في مأزق حقيقي.
وبحسب خبراء أمنيين، فإن هذا الحصار يُعد استعراضًا للقوة وطريقة لإثبات قدرة الجماعة على خنق عاصمة الساحل.
لكن بالنسبة للتجار الطوارق (الأزواديين) الذين يعملون على خطوط برية طويلة بين مالي ودول الجوار - وتحدثت إليهم "إرم نيوز" - فإنهم يواجهون خطر انتشار المسلحين في كل مكان داخل البلاد، خصوصًا على طرق باماكو وتمبكتو وكايس، حيث أصبحت هذه المخاطر روتينية في ظل عدم وجود بدائل أمامهم سوى المغامرة بأرواحهم لتأمين قوت يومهم.
وأكد عدد من المتعاملين الاقتصاديين تلقّيهم اتصالات من المجموعات المتطرفة للانضمام إلى صفوفها مقابل حماية شحناتهم من الإتلاف أو الحجز. وأوضحوا أن عناصر الجماعة ينتشرون في منطقة تمبكتو على دراجات نارية، ويوقفون قوافل الشحن أحيانًا لحرقها، بينما ينصبون كمائن للرقابة بهدف زيادة نفوذهم على السكان.
وفي نهاية أكتوبر، أعلن متشددو القاعدة أن "جميع الطرق المحيطة بباماكو" ستُعتبر من الآن فصاعدًا "مناطق حرب"، كما فرضوا الفصل بين الرجال والنساء في وسائل النقل العام.
ومعروف أن جماعة "نصرة الإسلام والمسلمين"، وهي فرع تنظيم القاعدة في الساحل، كانت تتركز تاريخيًّا في شمال ووسط مالي، لكنها وسّعت نطاق انتشارها غربًا قرب الحدود السنغالية والموريتانية، وكذلك جنوبًا، مما أدى إلى زيادة الضغط على العاصمة باماكو، في ظل تقديرات أمنية تشير إلى أن الجيش النظامي لا يسيطر سوى على 25% من أراضي البلاد.
ولا تزال باماكو تعتمد على جيرانها، خصوصًا السنغال وساحل العاج وغينيا، إذ تستورد من هذه الدول الثلاث نحو 90% من احتياجاتها. وتشهد العاصمة حاليًّا نقصًا حادًّا في الوقود، إذ لا تعمل سوى نحو 100 محطة من أصل 600 محطة وقود، ويمكن تمييزها بطوابير الانتظار الطويلة التي تمتد لكيلومترات.
وفي مواجهة أزمة الطاقة المتفاقمة، كثّفت القوات المسلحة المالية عملياتها الميدانية بالتعاون الوثيق مع قوة الدفاع الروسية الإفريقية، المعروفة باسم "الفيلق الإفريقي"، لتأمين ممرات إمداد الوقود. ويُعد هذا التعاون، المدعوم على أعلى مستوى من الجنرال أسيمي غويتا والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، عاملًا محوريًّا في جهود استقرار البلاد.
وأعلنت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، رسميًّا زيادة الدعم الروسي خلال مؤتمر صحفي حول "مساعدة فيلق إفريقيا في التغلب على أزمة الوقود في مالي".
وأكدت زاخاروفا عزم باماكو وموسكو على إحباط المخططات المتشددة التي تهدف إلى شل الاقتصاد المالي.
وعلى خلاف روايات بعض التجار، أوضحت زاخاروفا أن الفيلق الإفريقي يجري حاليًّا عمليات برية بناءً على طلب السلطات المالية لاستعادة إمدادات الوقود، مشيرة إلى إقامة نقاط تفتيش على طول طرق القوافل، إلى جانب عمليات مرافقة برية وجوية وعمليات بحث.