وقعت أثينا وكييف مؤخرًا، اتفاقًا لتوريد الغاز الطبيعي المسال إلى أوكرانيا، في خطوة تؤكد اعتماد اليونان على أجندة الطاقة الأمريكية، لتصبح بذلك الدولة الأوروبية الأولى التي تشارك فعليًا في خطة واشنطن لاستبدال كل شبر من الغاز الروسي بالغاز الأمريكي.
وكشفت صحيفة "بوليتيكو"، أن الاتفاق يتيح لأوكرانيا الوصول المباشر إلى مصادر طاقة متنوعة وموثوقة، بينما تعزز اليونان دورها كمحور لتزويد أوروبا الوسطى والشرقية بالغاز الأمريكي، وفقًا لرئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس.
وبحسب مصادر فإن الاتفاق، الذي تم توقيعه خلال زيارة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إلى أثينا، يشمل استيراد الغاز عبر "الممر العمودي"، وهو نظام أنابيب نشط جديد يضم محطات تخزين ومنشآت استقبال للغاز المسال، ويهدف إلى تزويد أوكرانيا وبلدان أوروبا الشرقية، بما فيها بلغاريا ورومانيا والمجر ومولدوفا، بالغاز الأمريكي بدءًا من الشهر المقبل وحتى مارس 2026.
وستغطي الصفقة نحو ملياري يورو لتعويض الخسائر في الإنتاج الأوكراني جراء الضربات الروسية، بحسب بيان زيلينسكي، فيما يرى المسؤولون اليونانيون والسفير الأمريكي كيمبرلي غويلفويل أن هذا المشروع يعزز مكانة اليونان كمركز للطاقة ويظهر التعاون الاستراتيجي بين أثينا وواشنطن.
وإلى جانب صفقة الغاز، فتحت اليونان مياهها للمرة الأولى منذ أكثر من 4 عقود لاستكشاف الغاز بالتعاون مع شركات أمريكية، بينها "إكسون موبيل"، إضافة إلى شركتي "إنيرجيان" و"هيلينيك إنيرجي" اليونانيتين، وتهدف هذه الخطوات إلى تعزيز قيمة اليونان التجارية والجيوسياسية، لكنها تحمل أيضًا مجموعة من التحديات.
من جهته أشار مدير "مركز أبحاث السلام بمعهد أوسلو" هاري تزيميتراس، إلى المخاطر المالية والبيئية والسياسية المرتبطة بالمشروع؛ فزيادة الاستيراد من الغاز الأمريكي أمرٌ مكلف، وقد يرهق ميزانيات الطاقة، كما أن بناء مرافق التخزين ومحطات استقبال الغاز يتطلب أعمالًا إنشائية ضخمة قد يكون لها أثر بيئي ملموس، وإلى جانب ذلك، قد تزيد هذه المشاريع من التوترات الجيوسياسية في المنطقة، بينما تتعارض جزئيًا مع أهداف الانتقال إلى مصادر الطاقة المتجددة؛ ما قد يؤخر جهود الحد من الانبعاثات الكربونية.
ويبقى السؤال مفتوحًا حول ما إذا كان "الممر العمودي" وصفقات الغاز الأمريكية ستؤدي فعليًا إلى تعزيز الاستقرار واستقلالية الطاقة في أوروبا الوسطى والشرقية، أم أنها ستخلق تبعيات اقتصادية وجيوسياسية جديدة على اليونان والدول المستفيدة؛ ما يضع أثينا أمام تحدٍ دقيق بين تعزيز مكانتها كمركز طاقة إقليمي وحماية مصالحها الوطنية والبيئية.