كشفت "يديعوت أحرونوت" العبرية، اليوم الاثنين، النقاب عن تفاصيل مثيرة حول اغتيال قائد قوات "الجو فضائية" في الحرس الثوري الإيراني، الجنرال علي حاجي زاده، في يونيو/ حزيران 2025.
وأشارت الصحيفة في تقريرها إلى أن زاده كان المطلوب الأول حينها في قائمة اغتيالات المسؤولين الإيرانيين التي أعدها الموساد قبل الحرب، ولم تُنفذ العملية، التي أطلق عليها اسم "الزفاف الأحمر"، إلا بعد إبلاغ إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
وذكرت الصحيفة: "أنه في تمام الساعة 02:45 بتوقيت إسرائيل ليلة 13 يونيو/ حزيران الماضي، اقتربت طائرات سلاح الجو الإسرائيلي من منزل الجنرال حاجي زاده، أحد أبرز القادة المقربين من المرشد علي خامنئي، ثم توجهت لاحقًا إلى أحد مخابئ قيادة الجناح الجوي للحرس الثوري، حيث كان يُعقد اجتماع عاجل لكبار المسؤولين. وبينما كانوا على وشك فض الاجتماع، تم قصف المخبأ وتصفية زاده وكل من كان برفقته".
معلومات من غرفة العمليات
قبل عملية الاغتيال، وفق الصحيفة العبرية، كانت مقاتلات سلاح الجو الإسرائيلي بأكملها تقريبًا في الجو، أو في طريقها إلى إيران، مستخدمة جميع وسائل التخفي وأنماط الحرب الإلكترونية لتفادي انكشافها على شاشات الرادار الإيرانية، لا سيما بعد تلقي الطيارين معلومات من غرفة عمليات وحدة الاستخبارات الإسرائيلية "8200" تفيد بأن الهدف الأهم بين الأفراد الخمسة والعشرين الذين تعتزم إسرائيل اغتيالهم في تلك الليلة على وشك الإفلات من مصيره.
قبل ساعتين من العملية، كان حاجي زاده لا يزال في منزله، ولم يعتزم مغادرته تلك الليلة، رغم تصاعد التوتر ومؤشرات هجوم إسرائيلي وشيك، وفقًا لمصدر استخباراتي إسرائيلي مقرب من بنيامين نتنياهو.
ورغم علم طهران بجدية إيعازات الولايات المتحدة لدبلوماسييها وأسرهم بإخلاء المناطق المحيطة بإيران على وجه السرعة، لم تُبدِ النخبة السياسية والعسكرية والأمنية في طهران، بما في ذلك حاجي زاده نفسه، أي اكتراث.
على العكس، كانت على يقين بأن إسرائيل لن تُقدم على خطوات تصعيدية، وأن كل ما يجري مجرد "استعراض قوة" لتخويف الإيرانيين قبل استئناف المفاوضات غير المباشرة بين إيران والولايات المتحدة.
ويضيف تقرير الصحيفة "حتى أن مسؤولًا في الحرس الثوري أبلغ صحفيًا غربيًا بأن إسرائيل لن تهاجم إيران الليلة، وكل ما يتردد لا يعدو كونه مسرحية.
أهداف عملية "الزفاف الأحمر"
ووفق "يديعوت أحرونوت"، كان حاجي زاده أول اسم أُدرج في قائمة أهداف عملية "الزفاف الأحمر"، وهي قائمة اغتيال لكبار المسؤولين العسكريين وقادة الحرس الثوري، أُعدت بالتوازي مع قائمة العلماء النوويين المستهدفين أيضًا. وضمت القائمتان نحو 25 اسمًا كان لا بد من تصفيتهم جميعًا في وقت واحد خلال الضربة الإسرائيلية الأولى، إلى جانب أهداف أخرى يُفترض أن يسمح تدميرها بمواصلة العملية.
ونقلت الصحيفة عن مسؤول عسكري إسرائيلي رفيع قوله: "كان من الواضح أن من ينجو من الإيرانيين في الضربة الأولى سيدرك أنه أفلت بأعجوبة، لكنه لن يتخلى عن الاعتقاد بأن حياته في خطر، وسيختفي تمامًا عن أنظارنا".
وأوضحت "يديعوت أحرونوت" أن وحدة الاستخبارات العسكرية "8200"، التي كانت تتنصت لحظيًا على هواتف طواقم الحراسة الإيرانية والسائقين، وأكدت في تقريرها أن "الجنرال زاده اقتنع خلال الاجتماع بأنه فقط أزعج نفسه ورجاله بعقد اجتماع طارئ في مخبأ القيادة، وأنه كما كان يعتقد طوال الوقت، لن يحدث شيء".
اللحظات الأخيرة قبل القصف
أبلغ زاده وبقية كبار الضباط المرافقين طواقم الحراسة باعتزامهم مغادرة المكان بعد دقائق، ليبدأ كل فرد بالتحرك إلى وجهة مختلفة. وبينما كانوا يتهيأون للمغادرة، صعد الجنرال إلى قاعة أعلى ليؤدي الصلاة مع بعض كبار الضباط، "ربما ليشكر الله على سلامته ونجاته"، بحسب تعبير الكاتب رونين بيرغمان.
لكن تقديرات وحدة "8200" رجّحت قرب انتهاء الاجتماع، ما يعني احتمال إفلات زاده وضباطه المرافقين، وهو ما دفع قيادة سلاح الجو الإسرائيلي للتشاور سريعًا مع أذرعها الاستخباراتية.
وبالفعل، صدرت الأوامر من غرفة العمليات في تل أبيب لـ140 طائرة حربية إسرائيلية بالكشف عن أنظمتها، فظهرت على شاشات الرادار الإيرانية.
وبينما تلقى الجنرال زاده النبأ، هبط على الفور مع مجموعته القيادية إلى المخبأ، حيث قُتلوا جميعًا بعد دقائق، تمام الساعة 02:55، في عملية قصف دقيقة.