logo
العالم

من البيئة إلى السياسة.. البابا فرانسيس يرحل مخلّفاً وراءه إرثاً كتابياً غنياً

من البيئة إلى السياسة.. البابا فرانسيس يرحل مخلّفاً وراءه إرثاً كتابياً غنياً
البابا فرنسيسالمصدر: Getty image
26 أبريل 2025، 1:24 م

أعاد  البابا فرنسيس ، على مدى 12 عاماً من حبريته، تشكيل دور الكتابات البابوية في الخطاب العالمي، تاركاً وراءه إرثاً غنياً يربط بين البيئة، والثقافة، والسياسة. 

ووفقاً لصحيفة ”لوموند“ الفرنسية، تميزت كتابات البابا الراحل الغزيرة برؤية شاملة للانخراط في العالم المعاصر، اتسمت بعمق أدبي، ونبرة شعرية، وجرأة سياسية لافتة.

ومن بين أبرز نصوصه جاءت الرسالة الصادرة، العام 2015، والتي شكلت نداءً رائداً من أجل العدالة البيئية.

ودعت الوثيقة، التي حملت عنواناً فرعياً "في العناية بالبيت المشترك"، إلى إعادة التفكير جذرياً في علاقة الإنسان بالبيئة. 

واستند البابا في مواقفه إلى الإجماع العلمي، لا سيما تقارير الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، منتقداً تدهور البيئة باعتباره نتيجة لنظم اقتصادية تحركها المصالح الربحية وحدها. 

أخبار ذات علاقة

إلقاء النظرة الأخيرة على جثمان البابا فرانيس

لماذا أوصى البابا فرنسيس بدفنه في كاتدرائية سانتا ماريا ماجوري؟

 
كما أبرز الأثر غير المتكافئ لهذا التدهور على المجتمعات الهشة، ودعا إلى اعتماد مفهوم "البيئة المتكاملة" التي تربط بين حماية الطبيعة، والعدالة الاجتماعية، والتجديد الروحي، والإصلاح البنيوي.

وبحسب التقرير، تجاوز تأثير هذه الرسالة حدود الفاتيكان، إذ أدت إلى مبادرات عملية مثل اعتماد تصنيف "الكنيسة الخضراء"، العام 2017، وأثارت نقاشات واسعة بين صناع السياسات حول العالم، بما في ذلك خطاب تاريخي أمام الكونغرس الأمريكي. 

وظهرت حساسيته الثقافية أيضاً في أحد أكثر نصوصه غير المتوقعة: رسالة حول دور الأدب في تكوين الكهنة. ففي هذه الرسالة، استحضر فرنسيس سنواته كأستاذ أدب، ودعا إلى إعطاء القراءة الأدبية مكانة أكبر في التعليم. 

وكتب مستشهداً ببروست، وكوكتو، وبورخيس: "قراءة نص أدبي تضعنا في موقع يسمح لنا برؤية العالم من خلال عيون الآخرين"، مؤكداً أن الأدب ليس هامشياً في الأخلاق، بل أداة لتوسيع التعاطف الإنساني، وتعزيز الخيال الأخلاقي. 

أخبار ذات علاقة

ترامب وميلانيا بجنازة البابا فرنسيس

ترامب ينتهك قاعدة مهمة بجنازة البابا فرنسيس.. ماذا فعل؟

 
ووصف ويليام ماركس، أستاذ الأدب في كوليج دو فرانس، هذه الرؤية الأدبية بأنها "قوية، بل ثورية"، مشيراً إلى إيمان البابا بأن التسمية والسرد من المهام الأولى الموكلة إلى الإنسان.

لكن كتابات فرنسيس لم تقتصر على التأملات الشعرية، بل جاءت أيضاً حاسمة حين تعلق الأمر بمواجهة الظلم السياسي.

ففي آخر وثيقة عامة له، نُشرت في 10 فبراير 2025، وجه انتقاداً مباشراً لسياسات الترحيل الجماعي التي اعتمدتها الإدارة الأمريكية. 

وكتب: "الضمير الذي يتشكل بنزاهة لا يمكنه أن يصمت"، مديناً السياسات التي تربط بين وضع الهجرة غير القانوني والجريمة.

وبينما أقرّ بضرورة وجود سياسة هجرة منظمة، حذّر من نظم تقوم على "امتياز البعض وتضحية الآخرين"، واصفاً الجدران المشيدة على الحدود الأميركية-المكسيكية بأنها "جدران عار“.

وانسجمت هذه المواقف السياسية المباشرة مع ما جاء في رسالته الدائرية جميعنا إخوة العام 2020، التي دافع فيها عن الإخوة العالمية، وسياسات الهجرة الأخلاقية.

جاءت هذه الرسالة في مناخ من تصاعد النزعات القومية والخطابات الانقسامية، وأعادت التأكيد على إيمانه بالحوار الشامل، والتضامن الإنساني.

أخبار ذات علاقة

نعش البابا فرانسيس

بدء مراسم جنازة البابا فرنسيس في الفاتيكان (فيديو وصور)

 
وكانت ملامح هذا التوجه قد ظهرت منذ أول نص رئيسي له العام 2013، حيث رفض البابا الجمود المؤسسي، داعياً قادة الكنيسة إلى التخلّي عن اللغة المعقدة، والانفتاح على طرق جديدة للوصول إلى المهمشين في المجتمع والدين.

ومع بداية النقاشات حول مستقبل قيادة الكنيسة بعد رحيله، لا سيما في ظل التوتر الرمزي الذي أثارته زيارة نائب الرئيس الأمريكي جاي دي فانس—وهو رمز للكاثوليكية القومية—في عيد الفصح الذي سبق وفاة البابا، سيبقى إرث فرنسيس الكتابي مرجعاً أساسياً لأولئك الساعين لفهم تحولات القرن الحادي والعشرين.

;
logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC