رجح مراقبون أن تتغير قواعد الاشتباك بين القوات الروسية والأوكرانية في خضم أكبر هجوم أوكراني على العمق الروسي بالطائرات المُسيرة، والذي أجبر موسكو على إغلاق اثنين من أكبر مطارات العاصمة الروسية مؤقتًا.
وبحسب وسائل إعلام روسية، فوجئت ست مناطق في العمق الروسي بهجوم أوكراني مُباغت، شاركت فيه ما لا يقل عن العشرات من الطائرات المُسيرة التي استهدفت العاصمة الروسية موسكو، مما أدى إلى إغلاق اثنين من مطارات العاصمة مؤقتًا، وفق ما أفاد به مسؤولون روس.
وقالت وزارة الدفاع الروسية عبر تطبيق تلغرام إن الدفاعات أسقطت 70 طائرة مسيرة أوكرانية فوق مناطق روسية، وأن الهجوم الأوكراني استهدف ست مناطق في البلاد، هي: موسكو وتولا وبريانسك وكالوجا وأوريول وكورسك.
وقال رئيس بلدية موسكو، سيرغي سوبيانين، إن الدفاعات دمرت الطائرات المسيرة في منطقتي رامينسكيا وكولومنسكيا في إقليم موسكو، وكذلك في مدينة دوموديدوفو الواقعة جنوب غربي العاصمة. ووفقًا للمعلومات الأولية، لم تقع أضرار أو إصابات في موقع سقوط الحطام، وأن خدمات الطوارئ موجودة في الموقع.
وكانت آخر مرة استهدفت فيها أوكرانيا منطقة رامينسكيا، التي تقع على بعد 45 كيلومترًا جنوب شرقي الكرملين، في سبتمبر/أيلول الماضي، فيما وُصف حينها بأنه أكبر هجوم أوكراني على العاصمة الروسية، عندما دمرت وحدات الدفاع الجوي الروسية 20 طائرة مسيرة.
وقالت الوكالة الاتحادية للنقل الجوي في روسيا "روسافياتسيا" عبر تطبيق تليغرام، إنه لضمان سلامة رحلات الطائرات المدنية، جرى فرض قيود مؤقتة على تشغيل مطاري دوموديدوفو وجوكوفا اعتبارًا من الساعة 05:30 بتوقيت غرينتش، ولم تُحدد مدة سريان هذه القيود.
وتعليقًا على الهجوم الأوكراني وسيناريوهات الرد الروسي، أكد الخبراء في الشؤون الروسية أن محطات الطاقة الأوكرانية ستكون أهدافًا لروسيا خلال الفترة المقبلة، وذلك بعد الهجوم المُباغت للقوات الأوكرانية على العمق الروسي.
وأوضح الخبراء، في تصريحات خاصة لـ"إرم نيوز"، أن تزايد معدلات الهجمات الأوكرانية على الأراضي الروسية يشير إلى أن الغرب، وتحديدًا الولايات المتحدة الأمريكية، قد سلّمت كييف دفعة كبيرة من الأسلحة والطائرات المُسيرة لاستخدامها في ضرب العمق الروسي.
وأكد رامي القليوبي، الأستاذ بكلية الاستشراق في المدرسة العليا للاقتصاد بموسكو، أن رد روسيا على الهجوم الأوكراني الأخير سيتم من خلال تكثيف الضربات على المواقع الأوكرانية العاملة في مجال الطاقة، وهو أسلوب متبع منذ أكتوبر 2022، عندما استيقظت روسيا على أنباء ضرب الجسر الذي يربط شبه جزيرة القرم بروسيا.
وقال القليوبي لـ"إرم نيوز": "يجب الإقرار بأن الهجمات بالطائرات المُسيرة بين الجانبين لها تأثير نفسي أكثر من كونه عسكريًا، لأن الوضع الراهن يجعل كلا الطرفين، الروسي والأوكراني، غير قادر على إلحاق هزيمة كاملة بالآخر".
وأضاف الأستاذ بكلية الاستشراق في المدرسة العليا للاقتصاد بموسكو أن العالم يترقب الآن تولي ترامب زمام السلطة في البيت الأبيض في 20 يناير المقبل وما سيتبع ذلك من تجميد للنزاع.
وأشار إلى أن روسيا تعول على وعود ترامب بوقف الحرب، ولكن بشروط روسية تستند إلى ما فرضته الحرب من أمر واقع وسيطرة روسيا على العديد من المقاطعات في شرق أوكرانيا.
من جانبه، قال محمود الأفندي، المحلل السياسي والخبير في الشؤون الروسية، إن الهجمات زادت في الفترة الأخيرة بين روسيا وأوكرانيا، خاصة من جهة الطرف الأوكراني، ما يعني بالنسبة لروسيا أن أوكرانيا قد تسلمت دفعة كبيرة من الأسلحة من الولايات المتحدة الأمريكية والغرب.
وأكد الأفندي لـ"إرم نيوز" أن رؤية أوكرانيا ليست واضحة بشأن الطائرات المُسيرة التي تطلقها على الجانب الروسي، بينما تستهدف موسكو بإطلاق الطائرات المُسيرة الجانب الأوكراني ليس فقط لضرب أهداف، ولكن أيضًا لاستنزاف منظومة الدفاع الجوي الغربية والأمريكية التي حصلت عليها كييف.
وأضاف أن روسيا تصنع بشكل يومي أسلحة الدفاع الجوي والذخيرة، ومن ثم لا يوجد استنزاف من جانب الطرف الروسي، مبينا أن استهداف موسكو من قبل أوكرانيا هو نوع من الاستفزاز لموسكو أو تخويف للشعب الروسي.
وأوضح المحلل السياسي والخبير في الشؤون الروسية، الدكتور محمود الأفندي، أن الطائرات المُسيرة أصبحت صداعًا لكافة دول العالم، وأن روسيا سوف ترد على هذا الهجوم المكثف من كييف بهجوم مماثل بإطلاق المزيد من الطائرات المُسيرة والصواريخ على المناطق الأوكرانية.
ولفت إلى أن روسيا اعتادت على أنه كلما تسلمت أوكرانيا دفعة من الطائرات المُسيرة تقوم بإطلاقها بكثافة على الجانب الروسي.
