logo
العالم

"منعطف خطير".. إيران تسير نحو القطيعة الكاملة مع "وكالة الطاقة الذرية"

وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجيالمصدر: (أ ف ب)

قال خبراء فرنسيون متخصصون في الشأن الإيراني إن إعلان طهران بأن التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية "لم يعد ذا صلة" يمثل منعطفًا خطيرًا في مستقبل الملف النووي الإيراني، ويعكس تصعيدًا مدروسًا أكثر من كونه رد فعل مؤقتًا.

وقالت الباحثة الفرنسية مهناز شيرالي، المتخصصة في الشأن الإيراني، لـ"إرم نيوز"، إن الخطوة الإيرانية "تعبّر عن تحوّل عميق في المقاربة الإيرانية تجاه الغرب"، مشيرة إلى أن "طهران باتت مقتنعة بأن مسار التفاوض مع أوروبا والولايات المتحدة لا يؤدي إلى ضمانات أمنية أو اقتصادية حقيقية".

وأضافت أن الخطاب الإيراني اليوم "يحمل بعدًا رمزيًا ورسالة داخلية، مفادها بأن البلاد قادرة على الصمود دون رقابة دولية، وأنها لن تخضع لأي ابتزاز سياسي أو اقتصادي".

وترى شيرالي أن هذا التحول يعكس أيضًا ضغطًا داخليًا متزايدًا من التيار المحافظ في إيران، الذي يعتبر أي تعاون مع الوكالة الدولية "تنازلاً يمسّ السيادة الوطنية".

وأشارت شيرالي إلى أن استمرار هذا المسار قد يقود إلى تصعيد متبادل خلال الأشهر المقبلة، خاصة إذا أقدمت طهران على رفع نسبة تخصيب اليورانيوم فوق 60% أو تقييد وصول المفتشين كليًا، وهي خطوات من شأنها إعادة الأزمة النووية إلى نقطة الصفر.

أما فرانسوا نيكولو، السفير الفرنسي الأسبق في طهران، فيرى في تصريحات لـ"إرم نيوز" أن تصريحات عراقجي "تدل على انهيار الثقة المتبادلة" بين طهران والوكالة الدولية للطاقة الذرية، معتبرًا أن "إيران تستخدم ورقة النووي كورقة مساومة لإعادة فرض نفسها كقوة إقليمية لا يمكن تجاوزها".

وأضاف أن "انسحابها المحتمل من معاهدة حظر الانتشار النووي سيكون بمنزلة القطيعة النهائية مع النظام الدولي، ما سيعيدنا إلى أجواء ما قبل اتفاق 2015".

وأكد نيكولو أن الموقف الإيراني الحالي ليس مجرد رد فعل على العقوبات، بل جزء من استراتيجية متكاملة تهدف إلى خلق "موقع تفاوضي جديد" يجعل الغرب مضطرًا للاعتراف بقدرات طهران النووية السلمية والعسكرية المحتملة.

تفاصيل الموقف الإيراني

وأعلن وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، الأحد الماضي، أنّ التعاون بين بلاده والوكالة الدولية للطاقة الذرية "لم يعد ذا صلة"، وذلك بعد إعادة فرض العقوبات الأممية المرتبطة بالبرنامج النووي الإيراني.

وقال عراقجي أمام سفراء أجانب في طهران: "يجب اتخاذ قرارات جديدة، وبرأيي، فإن اتفاق القاهرة لم يعد مناسبًا في الظروف الحالية".

وأشار الوزير إلى الاتفاق الذي تم التوصل إليه الشهر الماضي بين إيران والوكالة لإعادة التعاون، قبل أن تعلّق طهران جميع أنشطتها الرقابية في يوليو الماضي عقب الغارات الإسرائيلية والأمريكية على مواقع نووية إيرانية في يونيو خلال حرب استمرت 12 يومًا.

وأضاف عراقجي أن "اتفاق القاهرة لم يعد أساسًا صالحًا للتعاون مع الوكالة"، مؤكدًا أن قرارًا نهائيًا بشأن مستقبل العلاقة مع المنظمة الدولية سيُعلن قريبًا.

خلفية العقوبات وتصاعد التوتر

في 28 سبتمبر، وبدفع من فرنسا وبريطانيا وألمانيا، أعادت الأمم المتحدة فرض عقوباتها التي كانت قد رُفعت قبل عقد من الزمن بعد توقيع الاتفاق النووي لعام 2015.

وحذرت طهران مرارًا من أن عودة العقوبات ستؤدي إلى وقف التعاون مع الوكالة الدولية، بل إن بعض النواب الإيرانيين دعوا صراحة إلى الانسحاب من معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية (NPT) التي انضمت إليها إيران منذ عام 1970.

ولطالما كان البرنامج النووي الإيراني محور توتر دائم مع الغرب، وعلى رأسه الولايات المتحدة وإسرائيل، اللتان تتهمان طهران بالسعي سرًا إلى امتلاك السلاح النووي. أما إيران، فتصر على أن برنامجها ذو أهداف سلمية بحتة، مثل توليد الطاقة الكهربائية.

لكن تقارير الوكالة الدولية للطاقة الذرية تشير إلى أن إيران تخصب اليورانيوم بنسبة 60%، وهي نسبة قريبة من العتبة التقنية لصنع قنبلة نووية (90%)، ما يعزز المخاوف الدولية، بحسب صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية.

بعد عشر سنوات من الرفع الجزئي للعقوبات، يبدو أن إيران تختبر حدود الصبر الدولي، وربما تمهّد الطريق لمرحلة جديدة من سباق الردع النووي في الشرق الأوسط.

أخبار ذات علاقة

وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي

عراقجي: مستقبل "اتفاق القاهرة" مع الوكالة الذرية يحدده المجلس الأعلى

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC