logo
العالم

بوكروفسك "تحت النار".. رسائل روسية جديدة قبل حرب الشتاء

الحرب الروسية على أوكرانياالمصدر: رويترز

تدخل مدينة بوكروفسك في شرق  أوكرانيا منعطفًا استراتيجيًا حاسمًا في مسار الحرب المستمرة منذ أكثر من ثلاثة أعوام، بعدما أقرت  كييف للمرة الأولى بأن القوات الروسية نجحت في اختراق الطوق الدفاعي الخارجي للمدينة، في مؤشر على تحول ميداني قد يغيّر موازين الصراع في الجبهة الشرقية.

وأفادت هيئة الأركان الأوكرانية بأن متوسط عدد الاشتباكات اليومية تراجع إلى نحو 130 اشتباكًا فقط، مقارنةً بذروة الأسبوع الماضي التي تجاوزت 200 اشتباك، في إشارة إلى إعادة تموضع تكتيكي روسي يهدف إلى تثبيت السيطرة على نقاط محددة داخل المدينة.

وبحسب صحيفة "يوراسيان ريفيو" فإن الصور ومقاطع الفيديو الميدانية المفتوحة المصدر تؤكد وقوع معارك شوارع عنيفة في المناطق الجنوبية والغربية من بوكروفسك، حيث تشارك وحدات روسية نخبوية في عمليات اقتحام مدعومة باستهداف منظم لمشغلي الطائرات المسيّرة الأوكرانيين، في محاولة لتقويض التفوق المعلوماتي الذي اعتمدت عليه كييف طيلة الأشهر الماضية.

وفي المقابل، ركزت روسيا قصفها المدفعي والصاروخي على مدن خيرسون وليمان وكوبيانسك، ما أدى إلى وقوع خسائر بشرية بين المدنيين وانقطاعات واسعة في الكهرباء مع بداية الشتاء القارس. 

أخبار ذات علاقة

رئيس الوزراء السلوفاكي روبرت فيكو (يمين) ورئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان (يسار)

المجر تتحدى بروكسل.. تحالف ثلاثي لتقويض الدعم الأوروبي لكييف

ويبدو أن الكرملين يسعى إلى استنزاف القدرات الدفاعية الأوكرانية تدريجيًا من خلال الجمع بين التوغل البري والهجمات الجوية المركزة على البنية التحتية الحيوية.

حرب المُسيّرات

تزامن التصعيد الميداني في بوكروفسك مع تحول نوعي في حرب الطائرات المُسيّرات التي أصبحت ركيزة أساسية في المعارك الحديثة. 

فقد كشفت معلومات استخباراتية أوكرانية عن استخدام روسيا مركبات برية غير مأهولة (UGV) مزودة بأنظمة حرب إلكترونية قادرة على اعتراض الطائرات المسيرة الأوكرانية وإسقاطها، ما يشير إلى دخول الحرب الروبوتية مرحلة جديدة أكثر تعقيدًا.

كما أظهرت الأدلة التقنية التي حصلت عليها كييف من حطام الطائرات المسيرة أن روسيا بدأت بتزويد طائرات "شاهد" الإيرانية الصنع بكاميرات صينية وأنظمة بث مباشر تتيح للمشغلين تصحيح مسار الطائرة أثناء الطيران لمسافات تصل إلى 200 كيلومتر تقريبًا.

أخبار ذات علاقة

رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين

"يوروبوند".. بروكسل تلعب آخر أوراقها لضمان تمويل كييف

 هذه التحديثات جعلت الطائرات الانتحارية أكثر دقة في استهداف القوافل اللوجستية والسكك الحديدية، ما يهدد خطوط الإمداد الحيوية لأوكرانيا في الشرق والجنوب.

ويؤكد الخبراء أن هذا التطور يعني فقدان أوكرانيا لميزة التفوق التكنولوجي المؤقت في مجال المراقبة والاستطلاع، إذ باتت روسيا قادرة على استخدام الذكاء الصناعي والملاحة الميدانية لتحديد الأهداف الديناميكية بسرعة أكبر. 

في الوقت ذاته، تحاول كييف تعزيز دفاعاتها الإلكترونية ورفع كفاءة وحدات الاستطلاع الجوي لتقليل الخسائر في العمق.

وعلى الصعيد السياسي والعسكري، سعى الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي خلال زيارته الأخيرة إلى السويد إلى تأمين دعم طويل الأمد لسلاح الجو الأوكراني، من خلال مفاوضات مع شركة ساب Saab المصنعة لطائرات JAS-39 Gripen المتقدمة. 

وتم توقيع خطاب نوايا لشراء ما بين 100 إلى 150 طائرة، في صفقة قد تُموَّل جزئيًا من الأصول الروسية المجمدة في أوروبا ومساهمات الحلفاء.

تمثل مقاتلات "غريبن" خيارًا استراتيجيًا مثاليًا لأوكرانيا بفضل قدرتها على العمل من مواقع مؤقتة وطرق سريعة وبأطقم محدودة، إضافة إلى منظومة الحرب الإلكترونية المتطورة التي يمكنها تعطيل الرادارات الروسية. كما صُممت الطائرة للعمل في ظروف مناخية قاسية تصل إلى 78 درجة فهرنهايت تحت الصفر، ما يجعلها ملائمة تمامًا للبيئة الأوكرانية.

لكن رغم هذه المزايا، فإن الصفقة لا تمثل حلاً آنياً؛ فعملية الإنتاج والتسليم قد تستغرق عدة سنوات، بينما تحتاج كييف إلى تعزيز دفاعها الجوي فورًا في مواجهة تصاعد القصف الروسي. 

أخبار ذات علاقة

آثار دمار جراء هجوم أوكراني على روسيا

إحباط هجوم أوكراني على موسكو وروسيا ترد بغارات على كييف

ويرى محللون أن الصفقة تُعد خطوة في اتجاه إعادة بناء القدرات الجوية الأوكرانية على المدى المتوسط، لكنها لن تغير موازين القوة في الميدان في الوقت الراهن.

يُظهر اختراق روسيا لبوكروفسك مدى تآكل الخطوط الدفاعية الأوكرانية بعد شهور من القتال المتواصل، لكنه لا يعني بالضرورة تحولًا حاسمًا في مسار الحرب؛ فالمعارك في المدينة قد تتحول إلى استنزاف طويل الأمد للطرفين، فيما يختبر الكرملين قدرة قواته على الحفاظ على التقدم في بيئة حضرية معقدة.

وفي الأسابيع المقبلة، ستتجه الأنظار إلى وتيرة الهجمات الروسية الجوية مع حلول الشتاء، ومدى قدرة أوكرانيا على حماية شبكات الطاقة ومنع انهيار الخدمات الأساسية. 

أما في الأفق الأوسع، فإن إدخال أنظمة مسيرة متقدمة واتفاقيات تسليح جديدة يؤكد أن الحرب لم تعد مجرد مواجهة تقليدية، بل تحولت إلى مختبر مفتوح لتطورات الحرب الحديثة، حيث تتقاطع التكنولوجيا والسياسة في صراعٍ مفتوح على المستقبل.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC