مع تصاعد حركة النزوح واللجوء جنوباً وشمالاً في مالي بسبب هجمات جماعة "نصرة الإسلام والمسلمين" المرتبطة بتنظيم "القاعدة" ثارت مخاوف من أزمة إنسانية وشيكة في هذا البلد الواقع على الساحل الإفريقي.
وعزز الحصار الذي تفرضه جماعة "نصرة الإسلام والمسلمين" على العاصمة باماكو من هذه المخاوف، خاصة في ظل نقص حاد في إمدادات الوقود.
وسعت السلطات في مالي إلى تهدئة مخاوف السكان بأنها في طريق القضاء على الجماعات المسلحة وإعادة فتح الطرق الوطنية، لكنها لم تنجح في ذلك خاصة بعد اشتباكات عنيفة عرفتها منطقة لولوني المتاخمة للعاصمة باماكو بين قوات حكومية ومقاتلي جماعة "نصرة الإسلام والمسلمين".
ولزمت السلطات في مالي الصمت تجاه هذه الاشتباكات التي أدت إلى حركة نزوح واسعة خاصة أنها دارت في أحياء سكنية بحسب تقارير محلية. وتعهد وزير الخارجية، عبد الله ديوب، في المقابل بمواصلة الحرب ضد الجماعات المسلحة حتى تحقيق النصر. وفق قوله.
وعلق الناشط الحقوقي المالي، يوسف كونتا، على الأمر بالقول، إن "المخاوف التي يبديها سكان ومنظمات حقوقية من أزمة إنسانية في مالي مشروعة مع اتساع رقعة الهجمات وعمليات الخطف والحصار التي باتت تشل دخول الوقود وأيضاً الغذاء".
وأضاف كونتا في حديث لـ"إرم نيوز"، أن "السلطات باتت غير قادرة على فتح الطرق الرئيسية التي تؤدي إلى موانئ إستراتيجية، وهذا الأمر قد يقود إلى تفاقم الوضع الإنساني خاصة في ظل سعي محتكرين إلى المضاربة ورفع الأسعار بشكل مبالغ فيه خلال هذه الأزمة الأمنية".
وأشار إلى أنّ "هذا الواقع يحتم على الحكومة اتخاذ إجراءات فورية وصارمة من أجل تجنب حدوث أزمة إنسانية حادة".
ولم يعلق الرئيس الانتقالي لمالي، النقيب آسيمي غويتا، بعد على المخاوف التي أعربت عنها منظمات حقوقية من أزمة إنسانية في بلاده، لكنه دعا قبل أيام إلى ترشيد استهلاك الوقود في مواجهة الأزمة الراهنة.
وكانت السلطات المالية قد اتهمت أيضا أطرافاً أجنبية بمحاولة استخدام الجماعات الإرهابية من أجل زعزعة استقرار البلاد دون مزيد من الإيضاحات.
وقال المحلل السياسي المتخصص في الشؤون الإفريقية، إيريك إيزيبا، "من الواضح من خلال تجاهل الحكومة المالية لحركة النزوح واللجوء بسبب الحرب أنها تسعى إلى ربح الوقت في مواجهة الوضع المتأزم الذي باتت تعاني منه".
وتابع إيزيبا في حديث لـ"إرم نيوز"، أن "غويتا يناور في مواجهة تنظيم القاعدة لكن قدرته على القيام بذلك باتت محدودة مع تصاعد الهجمات في تمبكتو وتشديد الحصار على العاصمة باماكو".
ورجّح أن "غويتا ورفاقه العسكريين يبحثون عن مخرج للمأزق الذي أضحت فيه مالي، خاصة أنهم لا يملكون خططاً أو أدوات عسكرية كافية لكسب المعركة".