يبرز ماركو روبيو، وزير الخارجية الأمريكي، كقائد رئيسي لحملة الرئيس دونالد ترامب الهادفة إلى إعادة تشكيل سياسة البيت الأبيض تجاه أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي.
ويركز روبيو على استراتيجية "أكثر عدوانية"، تعتمد على القوة العسكرية لمكافحة تجارة المخدرات، وإسقاط الأنظمة اليسارية، ومواجهة النفوذ الصيني، بحسب تقرير لصحيفة "نيويورك تايمز".
الحملة، التي يصفها روبيو بأنها "حرب" على منظمات التهريب، تثير جدلاً قانونياً وسياسياً، مع مخاطر تتجاوز حدود السيادة الوطنية، إذ يرى تقرير "نيويورك تايمز" أن تصريحات وزير الخارجية تظهر كيف يحوّل إرثه السياسي إلى أفعال ملموسة، معتمداً على خلفيته الشخصية كابن مهاجرين كوبيين مناهضين للشيوعية.
دوافع شخصية
على مدى عقود، سعى مسؤولو مكافحة المخدرات الأمريكيون إلى قطع طرق التهريب في أمريكا اللاتينية من خلال اعتراض القوارب والشاحنات، وحتى الخيول المحمّلة بالمخدرات، مع اعتقال المهربين، لكن روبيو يرى هذه الجهود غير كافية.
وكسيناتور جمهوري عن فلوريدا لأربعة عشر عاماً، ضغط روبيو على ثلاث إدارات أمريكية لتبني نهج هجومي، مدفوعاً بكراهيته لحكومة كاسترو في كوبا وحلفائها، خاصة فنزويلا، وهذا الموقف يجد صدى كبيراً لدى الجالية الكوبية والفنزويلية الكبيرة في فلوريدا، التي شكلت قاعدة انتخابية قوية لترامب.
لكن اليوم، وكوزير خارجية ومستشار أمن قومي، يقدم روبيو نفسه كـ"جنرال" في هذه الحرب، ففي مؤتمر صحفي في مدينة مكسيكو الأسبوع الماضي، رد روبيو على هجوم أمريكي على قارب في البحر الكاريبي أسفر عن مقتل 11 شخصاً على الأقل، قائلاً: "المنع لا يجدي نفعاً. ما سيوقفهم هو تفجيرهم والتخلص منهم".
وأضاف أن ترامب سيشن "حرباً" على منظمات التهريب، وهو تصريح ترى "نيويورك تايمز" أنه يعكس تحولاً جذرياً نحو استخدام القوة العسكرية المباشرة، دون إجراءات قانونية، مما يجعل روبيو الأكثر صراحة بين مسؤولي الإدارة في الدعوة إلى العنف.
فنزويلا مركز الحملة
ويتمثل جوهر حملة روبيو في تصعيد الضربات العسكرية ضد قوارب المخدرات المشتبه بها، وقتل من على متنها دون محاكمة. الهجوم الأخير على القارب، الذي وصفه روبيو بأنه يشكل "تهديداً وشيكاً" رغم عودته أدراجه، يفتقر إلى مبرر قانوني واضح؛ ما يثير مخاوف بشأن انتهاكات القانون الدولي.
لكن الصحيفة الأمريكية تشير إلى أن هذا النهج يمتد إلى هدف رئيس، وهو فنزويلا، حيث تربط إدارة ترامب بين جماعات الإجرام والزعيم نيكولاس مادورو. وفي الشهر الماضي، زاد روبيو المكافأة إلى 50 مليون دولار للقبض على مادورو بتهم المخدرات، بعد اتهامات من هيئة محلفين فيدرالية بنيويورك العام 2020.
ويصف وزير الخارجية حكومة مادورو بأنها "منظمة إرهابية وجريمة منظمة استولت على بلد"، مشدداً في زيارته لكيتو بالإكوادور على أن مادورو "هارب من العدالة الأمريكية". وخلال الولاية الأولى لترامب، دفع روبيو نحو محاولات إسقاط مادورو، والحشد العسكري الأخير في البحر الكاريبي يثير تكهنات بغزو محتمل.
تعتقد "نيويورك تايمز" أن نهج روبيو ينطوي على مخاطر كبيرة، فالضربات العسكرية دون إجراءات قانونية قد تثير انتقادات جناح في حركة ترامب، الذي يرفض "الحروب الدائمة" و"تغيير الأنظمة"، وينظر إلى وزير الخارجية بريبة كـ"محافظ جديد".
ورغم تاريخه كمدافع عن حقوق الإنسان والديمقراطية، كتم روبيو هذه المبادئ في حملته الحالية، بحسب "نيويورك تايمز"، ففي المكسيك، أكد على "التعاون التاريخي" مع الرئيسة كلوديا شينباوم لاحترام السيادة، رغم تصنيف الكارتلات كإرهابية.
ويرى تومي بيغوت، نائب المتحدث باسم الخارجية، أن الرؤية تهدف إلى "القضاء على الكارتلات" وإنهاء الهجرة غير الشرعية، إلا أن هذه الحملة، التي تجمع بين "العدوان العسكري" والتدخل الاقتصادي، تعيد رسم خريطة أمريكا اللاتينية، لكنها تواجه تحديات داخلية وخارجية قد تهدد استقرار الإدارة، وفق "نيويورك تايمز".