تصاعدت التوترات بين موسكو وأستانا بعد خطوات كازاخستان نحو تبني معايير حلف شمال الأطلسي (الناتو) في مجالات عسكرية محددة، في ظل تحول مماثل تجريه أذربيجان.
ففي نوفمبر، أعلن الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف عن تحديث شامل لقواته المسلحة وفق معايير الناتو، وتبعتها كازاخستان في ديسمبر بخطط لبناء مصانع ذخيرة وفق نفس المعايير، في إشارة إلى ميل محتمل نحو التحالف العسكري الغربي.
هذه التحركات أثارت استياء موسكو، التي ترى في توسع نفوذ الناتو على حدودها تهديدًا استراتيجيًا مباشرًا، وفق صحيفة "أوراسيا ريفيو".
على الرغم من الحفاظ على علاقات متوازنة مع روسيا، تتخذ كازاخستان خطوات ملموسة نحو دمج معايير الناتو في الجيش. تشمل هذه الخطوات، دمج معايير الناتو في مؤسسات التعليم العسكري ضمن برنامج تعزيز التعليم الدفاعي (DEEP)، واستضافة مناورات عسكرية مشتركة مع حلفاء الناتو وشركائه تحت اسم "نسر السهوب".
إضافة إلى بناء أربعة مصانع حديثة لإنتاج ذخائر المدفعية والألغام وفق معايير الناتو، ضمن مشروع "أسبان" بقيمة مليار دولار، مع تشغيل أول مصنع في 2027.
هذه الخطوات أطلقت ردود فعل حادة من المسؤولين الروس، ووصف أليكسي جورافليف، النائب الأول لرئيس لجنة الدفاع في مجلس الدوما، التحرك بأنه "غير ودي" وقد يعرض كازاخستان لمصير مشابه لأوكرانيا، في مؤشر على المخاوف الاستراتيجية العميقة للكرملين.
يعتقد خبراء أن روسيا قد تسعى لعزل كازاخستان عن بحر قزوين، من أستراخان إلى أكتاو والحدود مع تركمانستان، كخطوة دفاعية استراتيجية لمنع الناتو من دخول آسيا الوسطى.
وصف ألنور موساييف، الرئيس السابق للجنة الأمن القومي الكازاخستانية، هذه الخطة بأنها قد تؤدي إلى إنشاء ما يشبه "جدار أطلسي" على طول الساحل الشمالي الشرقي لبحر قزوين، ما يحرم الغرب من منفذ مباشر إلى كازاخستان وبقية آسيا الوسطى.
ويشير خبراء غربيون، مثل ويليام كورتني، السفير الأمريكي السابق لدى كازاخستان، إلى أن موسكو قد ترى في السيطرة على موارد الطاقة في بحر قزوين فرصة استراتيجية، مع توقع محدودية التدخل العسكري الغربي بعيدًا عن قواعد الناتو الرئيسية.
تبقى الأولوية الروسية منع نفوذ الناتو والجماعات المتشددة من الوصول إلى المنطقة، وضمان بقاء آسيا الوسطى بمثابة "فناء خلفي" آمن لروسيا، كما كان الحال مع أوكرانيا قبل اندلاع الصراع العسكري.