logo
العالم

سباق التسلح يتسارع.. طفرة عسكرية تُثقل الاقتصادات الأوروبية

علم الاتحاد الأوروبيالمصدر: رويترز

يرى خبراء  فرنسيون أن الحرب الأوكرانية دفعت أوروبا إلى مرحلة غير مسبوقة من إعادة التسلح، تستحضر أجواء الحرب الباردة، لكنها تدار وفق منطق السوق والاستثمار الصناعي، بعيدًا عن التحالفات الأيديولوجية.

وقال الباحث في المؤسسة الفرنسية للعلاقات الدولية، فرنسوا هيسبورغ، لـ"إرم نيوز" إن هذا "السباق قد يعزز قدرة  الردع الأوروبي، لكنه يفرض عبئًا ماليًا ثقيلًا على الاقتصادات الوطنية، لا سيما في ظل الضغوط التضخمية وارتفاع أسعار الطاقة".

 وذهب هيسبورغ في قراءة للمشهد الأوروبي، إلى أن التحول يكشف هشاشة التعاون الصناعي بين دول التكتل، رغم أنه يهدف إلى تقليص الاعتماد على المظلة الأمنية الأمريكية داخل حلف شمال الأطلسي (ناتو).

وأشار إلى أن اختلاف أولويات التسلح بين فرنسا وألمانيا وإيطاليا يخلق تباينًا قد يقوض مشروع الدفاع  الأوروبي المشترك، ويحوّل الاتحاد الأوروبي إلى قوة إنفاق أكثر من كونه قوة إنتاج وابتكار.

وتابع أن الاندفاعة الدفاعية الحالية ليست مجرد استجابة آنية للحرب في أوكرانيا، بل تحوّل استراتيجي قد يعيد تعريف مفهوم القوة الأوروبية خلال العقد المقبل، مؤكدًا أن الرهان الحقيقي يكمن في قدرة أوروبا على موازنة أمنها مع الحفاظ على تنافسيتها الاقتصادية.

وتتفق رئيسة برنامج الأمن الأوروبي والجيوسياسة في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية، أليس بانيير، مع تحليل هيسبورغ خاصة المخاوف من العبء الاقتصادي على دول التكتل.

وأعربت بانيير عن قلقها من توسع الإنفاق الدفاعي الأوروبي، معتبرة أن ذلك سيعيد تشكيل البنية الصناعية للقارة، لكنه قد يحوّل اقتصاد أوروبا إلى اقتصاد عسكري جزئي، مع زيادة تبعية القطاعات التكنولوجية والبحثية لمتطلبات الأمن والدفاع.

وأكدت بانيير أن  الاتحاد الأوروبي بحاجة إلى استراتيجية موحدة لتوجيه هذا الإنفاق نحو مشاريع دفاعية مشتركة، بدلًا من تعزيز التنافس الصناعي بين الدول الأعضاء.

وأضافت أن الاندفاع نحو إعادة التسلح قد يؤدي إلى تآكل أولويات السياسات الاجتماعية والبيئية داخل الاتحاد، خصوصًا في ظل الضغوط على الموازنات الوطنية.

أخبار ذات علاقة

مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي كايا كالاس

لا تنازل عن دونباس.. الاتحاد الأوروبي يتصدى لـ"رغبات ترامب"

وأوضحت أن بعض الدول الأوروبية تميل إلى توجيه الاستثمارات الدفاعية نحو شركاتها الوطنية لتعزيز صناعاتها الداخلية، بينما يفترض بالاتحاد تطوير أدوات تكاملية لضمان الاستخدام الأمثل للموارد وتجنب ازدواجية البرامج والمعدات.

وترى الباحثة الفرنسية أن تجارب السنوات الأخيرة، مثل مشروع المقاتلة الأوروبية المستقبلية ومبادرات الدفاع المشترك، أظهرت الحاجة إلى إرادة سياسية حقيقية تتجاوز المصالح الاقتصادية الضيقة، معتبرة أن القوة الدفاعية الأوروبية لن تتحقق فقط بزيادة الإنفاق، بل من خلال بناء منظومة استراتيجية موحدة تربط الدفاع بالأمن الطاقي والاقتصادي.

مستقبل غامض

ورغم أن الطفرة الدفاعية تمثل فرصة كبيرة لشركات الصناعات العسكرية والبحث والتطوير، يحذر محللون اقتصاديون من مخاطرها الطويلة المدى، إذ قد تؤدي إلى تراجع الاستثمار في القطاعات المدنية مثل التعليم والصحة والبيئة، لصالح سباق تسلح داخلي يعمّق الانقسامات الاقتصادية داخل الاتحاد الأوروبي.

ويشير الخبراء إلى أن تحويل جزء من هذه الاستثمارات نحو الابتكار المدني والتكنولوجيا الخضراء قد يضمن توازنًا مستدامًا بين الأمن والنمو الاقتصادي.

وتشهد شركات الدفاع الأوروبية طفرة غير مسبوقة مدفوعة بزيادة الإنفاق العسكري، ففي ألمانيا ارتفع سهم مجموعة "تايسن كروب للأنظمة البحرية" بنسبة 75٪، مع عقود مستقبلية تتجاوز 15 عامًا، فيما تشهد فرنسا وإيطاليا وإسبانيا والنرويج توسعًا مماثلًا بعد الغزو الروسي لأوكرانيا.

وبلغت نفقات الدفاع في دول الاتحاد الأوروبي السبع والعشرين 343 مليار يورو عام 2024، بزيادة 19٪ عن العام السابق، ومن المتوقع أن تصل إلى 392 مليار يورو عام 2025، أي نحو 2.1٪ من الناتج المحلي الإجمالي، متجاوزة هدف الناتو البالغ 2٪.

أخبار ذات علاقة

الاتحاد الأوروبي

الاتحاد الأوروبي يقترح استخدام الأصول الروسية لشراء أسلحة لأوكرانيا

وخلال قمة لاهاي، التزمت الدول الأعضاء برفع الإنفاق الدفاعي إلى 3.5٪ من الناتج المحلي بحلول 2035، بالإضافة إلى 1.5٪ للأمن القومي الواسع، ليصل الإجمالي إلى 807 مليارات يورو، مقارنة بـ845 مليار يورو المخصصة من الولايات المتحدة عام 2024 بنسبة 3.1٪ من ناتجها المحلي.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC