قال خبراء في العلاقات الدولية إن إعلان بريطانيا وفرنسا استخدام الردع النووي لحماية أوروبا، بمثابة رسالة إلى روسيا والولايات المتحدة الأمريكية، بامتلاك القارة الأوروبية قوة دفاع، بمعزل عن واشنطن، أمام أي خطر من روسيا.
وذكر الخبراء، في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أن هذا رد مباشر على الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي يكرر القول إن أوروبا ضعيفة دون الحماية الأمريكية.
ونقلت صحيفة تلغراف البريطانية، مؤخرا، تصريحات عن مسؤول فرنسي، كتمت هويته، مفادها أن فرنسا مستعدة من خلال قوة الردع النووية التي تملكها للمساعدة في حماية أوروبا.
وبحسب المصدر الفرنسي، فإن نشر عدد قليل من الطائرات المقاتلة الفرنسية المسلحة نوويا في ألمانيا لا يتوقع أن يكون أمرا صعبا، ومن شأنه أن يبعث برسالة قوية إلى روسيا.
وفي الوقت ذاته، ذكرت الصحيفة أن بريطانيا قادرة على لعب دور الرادع النووي الجديد للقارة الأوروبية، فيما لو تخلت الولايات المتحدة عن حلفائها في الناتو.
ويعتقد مدير مركز الجيوستراتيجي للدراسات في ألمانيا، إبراهيم كابان، أن الحديث عن الردع النووي عبر بريطانيا وفرنسا، يأتي لإظهار قوة أوروبا في وقت تتحدث فيه واشنطن عن أن أوروبا ضعيفة دون الحماية الأمريكية، بجانب ما يؤكد عليه ترامب بشكل متكرر، أن على أوروبا أن تحمي نفسها.
ويؤكد كابان أن أوروبا تبحث اليوم مسألة حمايتها لنفسها، وأن ما خرج من وجود ردع نووي لها، عبارة عن إظهار بأن القارة تملك أدوات الحماية، ومنها النووي والقوة الاقتصادية، وتذهب حاليا إلى تطوير القوة العسكرية.
وأشار كابان إلى أن إعلان شكل الحماية الأوروبية بالردع النووي، عبارة عن رسائل موجهة بشكل كبير إلى موسكو وواشنطن، بامتلاك أوروبا قوة دفاع، وأن هذه القوة بمعزل جزئي عن الولايات المتحدة وموضوعة أمام أي خطر من روسيا وحاضرة في دعم أوكرانيا، من خلال فرنسا وبريطانيا.
وأضاف كابان أن هناك ضرورة من جانب أوروبا في استعراض القوة على المستوى العسكري والردع النووي، لتكون مواكبة في التعامل مع الظروف الدولية وخاصة العلاقة الأوروبية الأمريكية وانحياز ترامب نحو مصالح خاصة للولايات المتحدة بمعزل عن الاتحاد الأوروبي، وأيضا المخاوف من تطور العلاقات الروسية الأمريكية على حساب أوروبا.
ويقول الباحث في العلاقات الدولية، أحمد سعيد، إن أوروبا رأت ضرورة في تقديم قوة الردع بهذا الشكل، وإن الحديث عن توفر الحماية للقارة من أي خطر يهددها مرتبط بالمسارات والمواقع التي تترسخ فيها حماية أوروبا من أي مخاطر قادمة من روسيا.
ويرى سعيد أن "النووي" سيظل سلاح ردع، سواء لأوروبا أو لروسيا؛ لأن هناك مخاطر وتأثيرات وخطوطا حمراء متعلقة به؛ ما يعني التهديد دون الاستخدام أو جعله حتى عرضة للاستخدام، لأن جعله قيد الاستخدام يجعل الجانبين مهددين بأكبر كارثة معلوم مداها جيدا.
وبين سعيد أن الخروج بقوة الردع النووي من جانب بريطانيا وفرنسا، يعد رسالة لاستنهاض نظام عدم الاعتماد على أمريكا في حماية أمن أوروبا القومي، في ظل ما يظهر من إدارة ترامب التي تضع أسسا جديدة "تبيع" فيها الحماية للحلفاء، وهو ما ظهر في مواقف عدة منها أزمة حلف الناتو والتمويل المتعلق به.