مسيّرة تستهدف سيارة على طريق بلدة مركبا جنوبي لبنان
تحذّر تقارير غربية من أن إيران وبعد إعادة تفعيل "آلية الزناد" بعودة العقوبات الأممية، ستعمل على تصعيد قد يتجاوز تهديداتها المعتادة.
وكشفت قيادات عسكرية في طهران صراحة عن تلك التهديدات، قبل أسابيع قليلة من عودة العقوبات الدولية المشددة التي تحول دون بيعها كميات كافية من النفط، إذ حذر المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، من عواقب "غير محددة".
بينما هدّد مشرّعون متشددون ووسائل إعلامية بفرض قيود صارمة على حركة الشحن في الخليج العربي، خاصة تلك المرتبطة بفرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة، الأطراف الرئيسة وراء عودة العقوبات.
ويأتي هذا التصعيد في سياق تاريخي من الردود الإيرانية على الضغوط الدولية، حيث شملت التهديدات البحرية في الممرات المائية الإقليمية، مما يعرض المصالح الأمريكية الرئيسية للخطر، مثل حماية الأفراد الأمريكيين، والحفاظ على تدفق النفط والغاز والتجارة، واستقرار المنطقة ككل.
ووفق تقرير لـ"معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى"، تحتاج إدارة الرئيس دونالد ترامب إلى استراتيجية واضحة مبنية على التجارب السابقة، تركز على إشراك الشركاء في تدابير منسقة لمواجهة التصعيد البحري، مع استخدام القوة إذا لزم الأمر.
تعود الاستجابات الإيرانية إلى فترات سابقة من التوتر، ففي مايو 2019، بعد انسحاب إدارة ترامب الأولى من الاتفاق النووي وإطلاق حملة "الضغط الأقصى"، قامت طهران بتخريب ناقلات نفط في منطقة الخليج، واستمرّت الهجمات طوال العام، بما في ذلك إسقاط طائرة استطلاع أمريكية مسيرة، والاستيلاء على الناقلة البريطانية "ستينا إمبيرو".
وبين عامي 2020 و2023، اتخذت واشنطن خطوات إضافية، مثل زيادة الدوريات البحرية مع الشركاء الغربيين، ومرافقة آلاف السفن عبر مضيق هرمز، ونشر وحدة بحرية جديدة بدون طيار (فرقة العمل 59) لمراقبة ممرات الشحن.
كما استولت على سبع ناقلات تحمل نفطاً إيرانياً غير مشروع، بما في ذلك "سويز راجان" التي تم تفريغ حمولتها وبيعها في الولايات المتحدة، وكذلك أحبطت هذه الإجراءات بعض محاولات طهران للاستيلاء على السفن، لكن النظام الإيراني استمر في التصعيد عبر إطلاق طائرات بدون طيار ضد السفن، ومضايقة الناقلات بقوارب صغيرة، وتعزيز دعمه للحوثيين في اليمن.
وبرز الدعم الإيراني للحوثيين في نوفمبر/ تشرين الثاني 2023، بعد اندلاع حرب غزة، حيث أطلقت الجماعة المترّدة في صنعاء حملة بحرية تضامناً مع الفلسطينيين، بدءاً من سفينة "غالاكسي ليدر"، إذ حاولت اختطاف أو مهاجمة سفن مرتبطة بإسرائيل أو التحالف الغربي بصواريخ مضادة للسفن وطائرات مسيرة زودتها إيران.
بحلول نهاية العام، كانت القوات البحرية الغربية تتصدى لهجمات يومية، مما أجبر شركات الشحن على تحويل مساراتها حول أفريقياعند تولي إدارة ترامب السلطة في يناير الماضي، أطلق تحالف بقيادة أمريكية عملية "الراكب الخشن"، حملة استمرت 53 يوماً من الضربات ضد أهداف حوثية في اليمن.
وأدّت هذه الحملة ووقف إطلاق النار اللاحق إلى خفض إطلاق الصواريخ والطائرات المسيرة إلى النصف، مما ساعد حركة الملاحة في البحر الأحمر على الانتعاش إلى 60% من مستويات ما قبل الحرب، ومع ذلك، لم تضعف الضربات قدرات الحوثيين أو رغبتهم في الهجوم.
في يوليو، بعد شهرين من وقف إطلاق النار وبعد أسبوعين من قصف أمريكي-إسرائيلي لمنشآت نووية إيرانية، أغرق الحوثيون سفينتين أخريين، وأعلنوا "حصارا بحريا" لميناء حيفا الإسرائيلي.
يتوقع الخبراء أن تتولى بحرية الحرس الثوري الإيراني زمام المبادرة في أي تصعيد، معتمدة على الصواريخ الباليستية وكروز البرية والطائرات بدون طيار لضربات محسوبة ضد السفن ومحطات النفط والقواعد العسكرية.
وبينما سيعتمد الإيرانيون على عمليات غير متكافئة تستغل المزايا الجغرافية، مع تشجيع هجمات الحوثيين بالوكالة لتعقيد التحركات الأمريكية، فإن الولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة، يتمتعون بسيطرة كاملة على المجال الجوي والمعلوماتي، مما يجعل التصعيد محفوفاً بالمخاطر بالنسبة لطهران.
وسيختبر هذا التصعيد قوة الردع الأمريكية، فإذا بدأت إيران في الاستيلاء على المزيد من السفن أو تكثيف التحرش، فإن قوات الولايات المتحدة في المنطقة مع أخرى غربية "قليلة" ستكون مطالبة بـ"رد فوري يؤكد مصداقية التحالف"، ولا يشجع إيران على استغلال الثغرات.
ويرى تقرير معهد واشنطن أن الولايات المتحدة ستكون مطالبة بالحفاظ على وجود بحري راسخ في الخليج العربي والبحر الأحمر، بما في ذلك مجموعة حاملة طائرات هجومية ومدمرات "فلايت 3 إيجيس" لاستهداف الباليستيات.
كما ينبغي الاستعداد لمواجهة عمليات الاستيلاء بسفن مرافقة مجهزة بطائرات هليكوبتر ومسيرة وفرق استجابة سريعة، إذ قد يكون نشر مشاة بحرية مسلحين على السفن التجارية فكرة يعاد النظر فيها.
أما في حرب الألغام، فيجب تسريع نشر سفن قتال ساحلي إضافية لتجنب فجوات في القدرات، مع تعزيزها بفرق طيران وتدريبات منتظمة. وبالنسبة للتهديدات الصاروخية، ينبغي رسم خط أحمر واضح مفاده أن أي إطلاق صواريخ مضادة للسفن سيؤدي إلى ضربات فورية ضد مواقع الإطلاق.
كما يدعو التقرير إلى بناء شبكة دفاع صاروخي متكاملة مدعومة بالذكاء الاصطناعي لحماية القوات والبنية التحتية. أما في البحر الأحمر، ينبغي تسريع الرد على هجمات الحوثيين واعتراض شحنات الأسلحة الإيرانية، مع مساعدة القوات اليمنية على تحسين قدراتها.