الكرملين: مشاركة الأوروبيين في مفاوضات أوكرانيا "لا تبشّر بالخير"
قالت مصادر دبلوماسية أوروبية في بروكسل، إن الولايات المتحدة دفعت الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى دعوة طهران للسماح لمفتشيها بالتحقق من مخزونها من اليورانيوم المخصب، في خطوة وصفتها بأنها محاولة لإظهار استنفاد واشنطن كل السبل السلمية قبل اللجوء إلى "ضربة عسكرية متوقعة" ضد منشآت نووية وصاروخية إيرانية، بالتنسيق مع إسرائيل.
وأوضحت المصادر في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أن التحرك الأممي تزامن مع حزمة عقوبات أمريكية جديدة، في إطار "تهيئة مظلة دولية" تمنح شرعية لأي عملية عسكرية تستعد لها إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مع تل أبيب، وفي الوقت ذاته، زيادة الضغط الداخلي على النظام الإيراني عبر تعميق حالة الغضب الشعبي الناتجة عن انسداد مسار التفاوض، وتفاقم الأزمة الاقتصادية.
وأكدت المصادر أن واشنطن تسعى إلى خلق حالة ضغط مزدوجة على طهران: خارجي عبر إظهار خطر برنامجها الصاروخي، وداخلي عبر تحميل القيادة الإيرانية مسؤولية تدهور الوضع المعيشي، بما يمهد لتقبل الشارع الإيراني أي مواجهة محتملة. ورأت أن إبراز صور وقدرات الصواريخ الإيرانية "المخفية"، مؤخراً، يدخل في إطار تهيئة الرأي العام الأمريكي بضرورة التحرك العسكري "لحماية أمن إسرائيل"، بعد استنفاد كل الخيارات الدبلوماسية.
وفي وقت سابق، فرضت واشنطن عقوبات جديدة على أفراد وكيانات في دول مختلفة، قالت إنها توفر دعماً لعمليات إنتاج الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة الإيرانية. وذكرت وزارة الخزانة الأمريكية أن هذه الشبكات تشكل "تهديداً" للمصالح الأمريكية وحلفائها ولحركة الملاحة في البحر الأحمر. وتتهم واشنطن وشركاؤها الأوروبيون، إضافة إلى إسرائيل، إيران باستخدام برنامجها النووي غطاءً لتطوير قدرات عسكرية هجومية، بينما تصر طهران على سلمية برنامجها.
الباحث في العلاقات الدولية، الدكتور أحمد الياسري، يرى أن "تراكم العقوبات الغربية على إيران يشكل ضغطاً عالياً لدفعها إلى طاولة التفاوض، تمهيداً لمرحلة قصف محتملة"، مؤكداً أن المسارين مترابطان في ظل سياسات طهران التي باتت وفق تعبيره خارج الأطر الدبلوماسية التقليدية.
وأضاف أن تصعيد العقوبات يهدف إلى "إحراج القيادة الإيرانية أمام شعبها" ومنعها من استغلال الوقت لإعادة تنظيم قواعدها الداخلية أو تعزيز قوتها الصاروخية، وهو ما قد يشكّل "ظهيراً شعبياً" يساند النظام في أي مواجهة مقبلة.
ولفت الياسري إلى أن إيران تستغل الوقت أيضاً في إعادة تنظيم العلاقة مع روسيا والصين بغرض تحقيق مكاسب عسكرية خاطفة في حال تهديدها ومن ثم تفرض جدول للتفاوض مع الغرب، في وقت لا تريد فيه واشنطن وصول طهران إلى هذه المرحلة.
واستكمل أن زيادة نسبة العقوبات تجعل إيران ضمن دائرة الترقب والحذر وتجبرها على التفاوض أو إعادة التموضع بمعنى إلا تتحدى و أن تفرض أطروحات جديدة للتفاوض أو تظهر اليورانيوم المخفي حتى تتجنب القصف.
واستطرد الياسري، أن واشنطن لن تكتفي بالعقوبات، وتتعامل على أن يؤدي ذلك للتهيئة لتوجيه الضربات، في ظل عملية إضعاف تؤدي إلى فتح جبهات داخلية على النظام الإيراني.
من جانبه، يرى الخبير في الشأن الإيراني، طاهر أبو نضال، أن واشنطن ترصد، منذ سنوات، تصلب المواقف الإيرانية، سواء في ملفات الميليشيات أو الصواريخ أو تخصيب اليورانيوم، دون أي مؤشرات تراجع رغم العروض المتبادلة للتفاوض.
وأضاف في تصريحاته لـ"إرم نيوز"، أن تراجع نفوذ الميليشيات المرتبطة بطهران في المنطقة لم يدفع النظام الإيراني إلى تعديل موقفه، بل يعتبر الملف الصاروخي "الركيزة الأساسية" لردعه الإقليمي، وسط تأكيدات متكررة من قادته بأنه "السلاح الحقيقي" الذي يعتمدون عليه.
وأردف أبو نضال، أن البرنامج الصاروخي الإيراني لن تنتهي خطورته وتهديداته إلا بالقصف والحرب، وما نشاهده بالملف النووي في تصريحات متضاربة للمسؤولين الإيرانيين، ومنهم وزير الخارجية، حول الكمية المتواجدة من اليورانيوم التي لم تقصف من جهة، ومن جهة أخرى، المماطلات مع الوكالة الدولية ، يوضح أنه لا حل للتعامل مع ملفات إيران إلا بالقوة.
وبحسب وصف أبو نضال، فإن "عنتريات" قادة إيران لاسيما أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، علي لاريجاني، تزيد من التهديدات وسط ضغوط اقتصادية من الداخل لم تحدث من قبل وتزيدها العقوبات بشكل متصاعد وكل ذلك يدل أن الأمور تتجه نحو التصعيد.
وتابع أبو نضال، أن العقوبات الأمريكية بهذا الشكل تزيد الانشقاقات من داخل النظام، لافتاً إلى أن ما جرى مع الميليشيات في لبنان واليمن بمثابة نبذة من التعامل الغربي المنتظر مع البرنامج الصاروخي، الذي يتجهز بضربة عسكرية محكمة ستكون خلال الفترة المقبلة.