تشهد "قمة ألاسكا" بين الرئيسين الأمريكي دونالد ترامب والروسي فلاديمير بوتين أهمية تاريخية استثنائية، فبعد ساعات ربما يتم وضع حد للحرب الأوكرانية الروسية المستمرة منذ فبراير 2022، حيث يحبس العالم أنفاسه أملاً في أن تُنهي القمة نيران هذه الحرب الدموية.
وتنعقد القمة في "ألاسكا" ذات الأهمية الاستراتيجية خلال الحرب الباردة، الأمر الذي يُضفي رمزية خاصة إلى اللقاء، ويعكس التوتر الجيوسياسي الحالي بين القوتين العظميين.
وعندما ينظر ترامب في عيني بوتين ويقرر ما إذا كان جادًا بشأن السلام، فسيكون ذلك في ألاسكا: الولاية الأمريكية الواقعة على خط المواجهة في حرب باردة جديدة بين موسكو وواشنطن، إذ اضطرت الولايات المتحدة بشكل متزايد إلى إرسال سفن حربية وطائرات مقاتلة منذ غزو أوكرانيا، مع اقتراب روسيا وحليفتها الصين أكثر فأكثر من ساحل ألاسكا، بحسب صحيفة "تلغراف" البريطانية.
ويدرس البنتاغون إعادة فتح قواعده التي تعود إلى حقبة الحرب الباردة في الولاية، في خطوة من شأنها توسيع نطاق وجوده في المنطقة بشكل كبير، والإشارة إلى سعيه للسيطرة على القطب الشمالي.
وقال مارك هايوارد، وهو طبيب سابق في الجيش يعيش في نوم، بشبه جزيرة سيوارد في ألاسكا: "عادت الحرب الباردة. ومن نواحٍ عديدة، أصبحت أكثر سخونة مما كانت عليه خلال الحرب الباردة".
وأدى ذوبان الجليد البحري في القطب الشمالي إلى فتح نقاط اختناق تقليدية مثل مضيق بيرينغ، الذي يقع بين ألاسكا وروسيا، وأدى ذلك إلى ظهور طرق تجارية جديدة، وزيادة الفرص للتحرك العسكري من خلال الدوريات البحرية والغواصات، ودفع القوى العظمى إلى السعي جاهدة لتأكيد وجودها في المنطقة.
ويعترف المسؤولون الأمريكيون علنًا بزيادة النشاط الروسي والصيني -اللذين غالبًا ما يعملان جنبًا إلى جنب- قبالة سواحل ألاسكا منذ عام 2022.
وذكرت الصحيفة أنه في أواخر الشهر الماضي، اعترضت القوات الجوية الأمريكية قاذفات روسية من طراز Tu-95 وطائرات مقاتلة من طراز Su-35 عندما عبرت إلى منطقة تحديد الدفاع الجوي في ألاسكا (Adiz) على الرغم من أنها تجنبت المجال الجوي الأمريكي.
كما وقعت تسع حوادث مماثلة على الأقل جوًا وبحرًا خلال العامين الماضيين شملت روسيا أو الصين.
ومن جهته، قال طبيب العيون دانيال فولاند: "إنهم في مجالنا الجوي طوال الوقت. هناك دائما يقظة".
وظلت ألاسكا تابعة لروسيا حتى منتصف القرن التاسع عشر، عندما اشترتها الولايات المتحدة الأمريكية بعد مفاوضات قادها وزير الخارجية ويليام هـ. سيوارد.
وأشار فولاند إلى أن تلك السنوات من التاريخ المشترك أثارت أيضًا شكوكًا بين سكان ألاسكا تجاه القوة الاستعمارية لجارتهم الغربية،روسيا، التي تقع على بُعد ثلاثة أميال فقط عند أضيق نقاط مضيق بيرينغ.
وإلى جانب التوغلات المنتظمة للجيش الروسي، قال هايوارد إن مجتمعه في نومي عانى من انقطاعات منتظمة في كابلات الألياف الضوئية منذ بداية حرب أوكرانيا في فبراير/شباط 2022.
وقال: "لقد قُطعت كابلات الألياف الضوئية بشكل غامض في أوقات لم تكن فيها أي حركة جليدية، وفي أعماق لا ينبغي لأحد لمسها".
ولفتت الصحيفة إلى أن الولايات المتحدة تسعى الآن إلى فرض وجودها في القطب الشمالي، وتدرس علنًا خيارات فتح قواعد عسكرية أُغلقت في أعقاب الحرب الباردة.
إحدى هذه القواعد هي أداك، وهي منشأة جوية سابقة تقع بين بحر بيرينغ والمحيط الهادئ، وكانت تُستخدم لمراقبة الغواصات والاستطلاع ضد الاتحاد السوفيتي قبل أن تُسحب من الخدمة في التسعينيات.
وكان الأدميرال صموئيل بابارو، قائد القيادة الأمريكية في المحيطين الهندي والهادئ، قد صرح في أبريل/نيسان، بأن الجيش يُقيّم كيفية إعادة فتح المنشآت لتعزيز الوجود الأمريكي في القطب الشمالي.
وأكد لأعضاء مجلس الشيوخ في إحاطة إعلامية أن القيام بذلك سيمنح واشنطن "وقتًا ومسافة" على أي قوة غازية، لأنها "ستُمكّن طائرات الاستطلاع البحرية من تغطية تصل إلى عشرة أضعاف تغطية تلك المنطقة الرئيسة والمتنازع عليها بشكل متزايد".
وبدوره، قال تروي بوفارد، المساعد السابق لعضوة مجلس الشيوخ عن ولاية ألاسكا ليزا موركوفسكي، إن إعادة فتح أداك ستكون خطوة "رائعة".
واضاف الدكتور بوفارد، الأستاذ المساعد لأمن القطب الشمالي بجامعة ألاسكا فيربانكس: "تتمتع تلك الجزيرة بموقع جغرافي استراتيجي للغاية. إنه أمر رائع... يمكنك وضع العديد من أجهزة الاستشعار هناك لاكتشاف الأشياء قبل وصولها إليك بكثير".