مع هبوب موسم الشتاء في أوروبا، تقترب الحرب الروسية الأوكرانية من عامها الثالث، إذ تخوض قوات البلدين هجمات متبادلة على محطات الطاقة والبنية التحتية في الأقاليم المختلفة.
ومع الخسائر الفادحة في محطات الطاقة والبنية التحتية، تحديدًا الأوكرانية، كشفت صحيفة "فايننشال تايمز" أن أوكرانيا تسعى بوساطة دولة قطر، إلى إجراء محادثات أولية مع روسيا لإنهاء الهجمات المتبادلة على البنية التحتية للطاقة.
وبحسب الصحيفة، فإن قطر استأنفت المفاوضات الروسية الأوكرانية مجدداً بعد تعثر تنفيذ ما تم الاتفاق عليه في أغسطس آب الماضي إثر الهجوم الأوكراني على مقاطعة كورسك الروسية.
ووفقاً لمعلومات مستقاة من كبار المسؤولين الأوكرانيين، فإن الاتفاق السابق بين أجهزة الاستخبارات في البلدين أدى إلى انخفاض في وتيرة الهجمات على البنية التحتية للطاقة من قبل كلا الجانبين.
ومن المتوقع أن يعتمد التطوير الإضافي لعملية التفاوض على إمكانية حل النزاعات العسكرية الحالية وعلى ظروف كلا الجانبين.
المتحدث باسم الرئاسة الروسية "الكرملين" دميتري بيسكوف، نفى ما تردد من تقارير إخبارية تفيد بأن روسيا ستوقف استهداف منشآت الطاقة الأوكرانية، مؤكدًا أنه لا توجد أي محادثات مع كييف أو وساطة لإقناع روسيا بوقف الهجمات على البنية التحتية للطاقة في أوكرانيا.
حول ذلك يقول المحلل السياسي والخبير في الشؤون الروسية، الدكتور نبيل رشوان، إنه بالرغم من النفي الروسي يبدو أن هناك أموراً تتم في الخفاء دون الإعلان عنها في الوقت الراهن، وخاصة مع الدور الذي تلعبه الوساطة القطرية.
وأضاف: إن صحت هذه التقارير بلا شك ستخفف من حدة التصعيد بدرجة كبيرة حسب وصف الرئيس الأوكراني.
ويؤكد الخبير في الشؤون الروسية، في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أن البلدين توقفا في الوقت الحالي عن استهداف منشآت بنى تحتية متعلقة بالطاقة، وهو ما يؤكد أنه تم الاتفاق بين الطرفين على وقف الهجمات على منشآت الطاقة لحين التوصل لسبل حول التفاوض.
وفي ما يتعلق بإمكانية وجود مفاوضات بين الجانب الروسي والأوكراني، يوضح رشوان أن روسيا طالبت بانسحاب أوكرانيا من كورسك بشكل نهائي، وهي تعتبر عملية غاية في الصعوبة والتعقيد بسبب رغبة أوكرانيا في اختبار جدية الخطوط الحمراء بالنسبة لروسيا التي تحدث عنها الرئيس فلاديمير بوتين.
وأشار إلى أهميتها بالنسبة لأوكرانيا خلال عملية المقايضة التي قد تتم على الأراضي حال إجراء مفاوضات مستقبلية قد تتم.
وأوضح أن تلك التقارير تأتي مع دخول فصل الشتاء حيث عانت أوكرانيا خلال الشتاء الماضي من أوضاع مأساوية عاشها المواطن الاوكراني.
من ناحيته، يؤكد الدكتور نزار بوش، أستاذ العلوم السياسية بجامعة موسكو، أن كييف تعاني من انقطاع التيار الكهربائي وفقدان الطاقة على كافة أراضيها، مما أدى إلى حالة من الشلل في جميع القطاعات الأوكرانية، خاصة المصانع والمعامل والمنشآت والمنازل.
وذكر أن ضرب الاقتصاد المتضرر يؤدي إلى انهياره بشكل كامل نتيجة ضرب مصادر الطاقة بمصادرها إن كانت منشآت غازية أو نفطية ومحطات الطاقة الكهربائية.
وأشار بوش في تصريحات لـ"إرم نيوز" أن روسيا بإمكانها شل الحياة في أوكرانيا من خلال ضرب محطات الطاقة وهذا ما حدث بالفعل على مدار العام، حيث وجهت روسيا ضربات لمنشآت الطاقة التي تساهم في التصنيع العسكري ونقل الأسلحة إلى الجبهة.
ويقول بوش إن أوكرانيا ذهبت إلى هذه الخطوة نحو التفاهم وعقد صفقة مع روسيا من خلال طرف ثالث وسيط وهو قطر لضمان عدم توجيه ضربات متبادلة إلى محطات الطاقة بين البلدين.
وأشار إلى صعوبة موافقة الجانب الروسي على الأمر بهذه السهولة لأن محطات الطاقة في روسيا تعد أكثر أماناً من محطات الطاقة في أوكرانيا.
وتابع: "روسيا تستطيع ضرب وإنهاء ما تبقى من محطات الطاقة في أوكرانيا، بينما أوكرانيا لم تستطيع الوصول إلى محطات الطاقة في العمق الروسي من جانب، كما أن روسيا لديها عدة مصادر للطاقة مثل المحطات النووية والحرارية وكذلك المحطات الهيدرومائية الموجودة على الأنهار الروسية ومحطات الكهرباء التي تعمل بالغاز الروسي وبالتالي فهناك تنوع في مصادر الطاقة لدى روسيا يعد الأكثر في العالم".
أضاف أن أوكرانيا تعتمد على محطات الغاز والمحطات النووية في زاباروجيا، وهي المحطة الأكبر في أوروبا ووقعت في يد روسيا، وبالتالي فإن روسيا تستطيع التحكم في الطاقة.
وأكد أن أوروبا لا تستطيع تعويض الجانب الأوكراني عن هذا النقص الشديد وبالتالي تتحدث أوكرانيا عن وقف الضربات المتبادلة على محطات الطاقة بين البلدين.
وأوضح بوش أنه من المستبعد موافقة روسيا وأن تتوقف وتمنح أوكرانيا مهلة وفرصة من أجل تجميع قواها في الطاقة وكذلك الناحية العسكرية ومن ثم تبدأ في هجوم معاكس مثل ما حدث في السابق وفشل، خاصة أن الهجوم الأوكراني على كورسك الروسية أعطى درساً لروسيا بعدم التوقف في ضرباتها على جميع المنشآت العسكرية والتصنيعية ومنشآت الطاقة.