قررت إدارة الرئيس دونالد ترامب رفع العقوبات المفروضة على الزعيم الصربي ميلوراد دوديك، الملقب بـ"الدب البوسني"، وهو أحد أبرز حلفاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في منطقة البلقان، ما أثار عاصفةً من الجدل داخل الأوساط السياسية الأمريكية والأوروبية.
وكشفت "بوليتيكو" أن هذه العقوبات، التي فرضتها إدارة بايدن عام 2022، جاءت على خلفية اتهامات لدوديك بإثارة الفوضى في البوسنة والهرسك ومحاولة تقويض اتفاقية دايتون للسلام الموقعة عام 1995، التي أنهت الحرب البوسنية، كما اتُّهم باستخدام موقعه الرسمي لتكديس الثروة الشخصية عبر الرشاوى والفساد.
ويرى محللون أن القرار الجديد أعاد الأمور إلى نقطة الصفر، فبعد إدانته في أغسطس وإبعاده عن رئاسة جمهورية صربسكا، اختار ترامب أن يرفع العقوبات عنه وعن عدد من أقاربه ومقربيه، بعد ضغوط من حلفائه داخل تيار "MAGA" الشعبوي، من بينهم لورا لومر، ورودولف جولياني، ومايكل فلين.
من جانبه لم يُخفِ دوديك، الذي لطالما دعا إلى انفصال جمهورية صربسكا عن البوسنة وانضمامها إلى صربيا، سعادته بالقرار، وكتب على وسائل التواصل الاجتماعي: "القرار ليس مجرد تصحيح قانوني، بل تبرئة أخلاقية للحقيقة حول جمهورية صربسكا وكل من خدمها بشرف".
ورغم احتفاء دوديك وأنصاره، فإن خطوة واشنطن قوبلت بانتقادات حادة في الكونغرس الأمريكي، فقد وصفت السيناتور الديمقراطية جين شاهين، العضوة البارزة في لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، القرار بأنه "متهور وسابق لأوانه"، مضيفة أن "دوديك قوَّض اتفاق دايتون، وتحالف مع بوتين، وجنى ثروات من الفساد، وهذه ليست مبررات لرفع العقوبات".
وحتى اللحظة، لم تُصدر وزارة الخزانة أو الخارجية أو البيت الأبيض تعليقاً رسمياً على القرار، بينما يرى مراقبون أن الخطوة تحمل بعداً سياسياً يتجاوز البوسنة نفسها، إذ قد تُفسَّر كمؤشرٍ على ميل إدارة ترامب الجديدة إلى إعادة ترتيب علاقاتها مع شخصيات موالية لروسيا في أوروبا الشرقية، في وقتٍ تشهد فيه واشنطن وموسكو توتراً متجدداً.
ومن اللافت أن دوديك استعان في وقتٍ سابق من العام الجاري بحاكم إلينوي السابق رود بلاجوفيتش -الذي منحه ترامب عفواً رئاسياً- للعمل لمصلحة جمهورية صربسكا في واشنطن، في خطوة عكست مدى تداخل المصالح الشخصية والسياسية في شبكة النفوذ الجديدة التي تتشكل حول البيت الأبيض.
وبينما يعتبر أنصار ترامب أن القرار "تصحيح للتاريخ"، يرى خصومه أنه "يرسل رسائل خاطئة" تُضعف الموقف الأمريكي في البلقان وتُرضي موسكو في وقت حساس. وبين هذا وذاك، يبقى دوديك رمزاً للمعادلة الصعبة التي تواجهها واشنطن بين الواقعية السياسية، ومبادئها المعلنة حول الديمقراطية ومحاربة الفساد.