الجيش الإسرائيلي: يمكن لسكان مدينة غزة مغادرة المدينة باتجاه المواصي عبر شارع الرشيد بدون تفتيش
أطلق الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي شرارة الانسحاب من معاهدة "أوتاوا" التي تحظر استخدام الألغام المضادة للأفراد.
وأطلق ذلك الباب أمام مرحلة جديدة قد تتحول فيها الأراضي الأوكرانية إلى حقول موت عشوائية لا تميز بين عسكري ومدني.
وجاء القرار الأوكراني بعد أكثر من 40 شهرًا من القتال المستنزِف، فيما يواصل الجيش الروسي تقدمه على جبهات عدة، ويضغط على كييف بقوة السلاح وكلفة الوقت.
وأعلن الرئيس الأوكراني قبل أيام أنه وقّع مرسومًا بالانسحاب من المعاهدة التي صادقت عليها بلاده العام 2005، معتبرًا الخطوة "ضرورية" في مواجهة أساليب موسكو، التي قال إنها تستخدم الألغام بكثافة، ومن دون أي التزام دولي.
وأشار إلى أن دولًا مجاورة لروسيا، مثل فنلندا وبولندا ودول البلطيق الثلاث، انسحبت أو أعربت عن نيتها الانسحاب من الاتفاقية ذاتها، ما يعكس تصاعد القلق الإقليمي إزاء تكتيكات موسكو.
لكن الانسحاب لا يزال بحاجة إلى تصويت البرلمان الأوكراني لإقراره رسميًا، وهو ما أكده رومان كوستينكو، أمين لجنة الأمن القومي والدفاع في البرلمان الأوكراني، قائلًا: "هذه الخطوة تفرضها ظروف الحرب الطويلة، ولا يمكن أن تظل كييف مقيدة بينما لا يلتزم الطرف الروسي بأي قيود".
وقبل رحيل الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن، كشفت صحيفة "واشنطن بوست" عن موافقته على تزويد أوكرانيا بألغام مضادة للأفراد، في مسعى لتعزيز دفاعاتها في مواجهة التقدم الروسي المتسارع.
ورغم محاولة واشنطن تبرير القرار، آنذاك، بأنه دعم ضروري لحليف تحت الحصار، فقد أثار إرسال الألغام جدلًا واسعًا وانتقادات حادة من جماعات الحد من التسلح.
وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة موسكو نزار بوش، إن "معاهدة أوتاوا" تُعد من الاتفاقيات الدولية المعروفة التي تحرّم زرع الألغام في الحروب، وتُلزم الدول الموقعة عليها بالكشف عن مواقع الألغام المزروعة للجهات الدولية المختصة، وعلى رأسها الأمم المتحدة.
وأضاف بوش لـ"إرم نيوز"، أن "أوكرانيا كانت قد وقّعت على المعاهدة، غير أن الرئيس زيلينسكي يسعى حاليًا للانسحاب منها، بعد أن شعر باليأس من إمكانية استعادة أي من المناطق التي سيطر عليها الجيش الروسي".
وتابع: "نحن نشهد تقدمًا كبيرًا للجيش الروسي على مختلف جبهات القتال، في وقت يعيش فيه الجيش الأوكراني حالة من التراجع والإنهاك والانهيار النسبي، ويبدو أن زيلينسكي يتجه فعليًا للخروج من المعاهدة بهدف زرع ملايين الألغام في الأراضي الأوكرانية، في محاولة يائسة لعرقلة التقدم الروسي".
وأوضح بوش، أن "الجيش الأوكراني بدأ بالفعل، بأمر مباشر من زيلينسكي، بزراعة ألغام من أنواع متعددة، بعضها يُطلق بواسطة الطائرات المسيّرة، وهو ما يُشكّل خطرًا بالغًا".
وأشار إلى أن هذه الممارسات العشوائية لا تهدد فقط الجيش الروسي، بل تعرض أيضًا المدنيين الأوكرانيين والجيش الأوكراني نفسه لمخاطر مستقبلية جسيمة، معتبرًا أن القرار يعكس يأس القيادة الأوكرانية من قدرتها على إيقاف التقدم الروسي داخل أراضيها.
من جانبه، قال الأستاذ بكلية الاستشراق في المدرسة العليا للاقتصاد بموسكو، رامي القليوبي، إن "أوكرانيا تستخدم كافة أنواع الأسلحة ضد روسيا، بما فيها الألغام المضادة للأفراد، لكن انسحابها من المعاهدات الدولية لا يغيّر شيئًا من واقع المعركة على الأرض".
وأكد القليوبي لـ"إرم نيوز"، أن "الحرب في أوكرانيا تجسّد نموذجًا مركبًا يجمع بين الحرب الحديثة المعتمدة على الطائرات المسيّرة والذكاء الاصطناعي، والحرب التقليدية التي تشهد مواجهات مباشرة بين قوات المشاة، ما يجعل من الألغام سلاحًا فعالًا رغم الجدل الأخلاقي المرتبط به".
وأضاف أن "الألغام قد تكون سلاحًا غير إنساني في نظر البعض، لكن لا مجال للحديث عن أسلحة إنسانية في حربٍ جوهرها القتل والدمار، خاصة أن الحروب لا تُدار بالمبادئ، بل بحسابات المصالح والقوة".
وأشار إلى أن "أوكرانيا تحاول تعويض الفجوة في ميزان القوى عبر توسيع استخدام الوسائل غير التقليدية، ومنها الألغام والطائرات المسيّرة، بما يساعدها على إطالة أمد المعركة واستنزاف قدرات الجيش الروسي".
ورأى القليوبي، أن "الحرب مرشحة للاستمرار طويلًا في ظل غياب حل سياسي ووجود توازن نسبي في الميدان يمنع الحسم".