ترامب يعلن أنه سيوجّه "خطابا إلى الأمة" الأربعاء
تصاعدت التوترات بين فنزويلا والولايات المتحدة إلى مستوى جديد، بعد أن رفض البيت الأبيض اقتراح الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو لإجراء محادثات مباشرة مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
تأتي هذه الخطوة وسط تصعيد عسكري أمريكي في منطقة البحر الكاريبي ونشر فنزويلا لمقاتلاتها المسلحة، في سياق مواجهة متبادلة بين الخصمين التقليديين، وتأزم سياسي مستمر على الساحة المحلية والدولية، وفق صحيفة "يوراسيان تايمز".
في خطوة مفاجِئة، اقترح مادورو إجراء محادثات مباشرة مع ترامب بهدف تخفيف التوتر، إلا أن البيت الأبيض رفض ذلك بشكل قاطع.
واعتبرت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولين ليفيت، أن رسالة مادورو "تحوي الكثير من الأكاذيب"، مؤكدة أن موقف الولايات المتحدة تجاه فنزويلا لم يتغير وأن النظام هناك "غير شرعي".
وجاء التصعيد على الأرض والبحر، إذ أرسلت واشنطن ثماني سفن حربية وغواصة إلى جنوب البحر الكاريبي ضمن مهمة مكافحة المخدرات، والتي أثارت مخاوف فنزويلا من احتمال وجود نوايا للتوغل العسكري.
وخلال الأسابيع الماضية، أغرقت القوات الأمريكية ثلاثة قوارب مشتبه في تورطها بتهريب المخدرات؛ ما أسفر عن مقتل أكثر من اثني عشر شخصًا، وهو ما اعتبره مادورو "حربًا غير معلنة" ضد بلاده، وفق تصريحات وزير دفاعه فلاديمير بادرينو لوبيز.
في هذا السياق، دافع مادورو عن موقفه في رسالة رسمية إلى ترامب، نافيًا المزاعم الأمريكية حول قيادته لعصابة مخدرات، وداعيًا إلى "الحفاظ على السلام".
وأكد الرئيس الفنزويلي خلال برنامجه التلفزيوني الأسبوعي أن الرسالة الأولى ليست سوى بداية، مشيرًا إلى أن الهدف هو "الدفاع عن حقيقة فنزويلا" و"إنارة البيت الأبيض بنور الحقيقة الوطنية".
حظيت الضغوط الأمريكية ووجودها العسكري بدعم بعض قادة المعارضة الفنزويلية، الذين اعتبروا أن تعزيز الوجود البحري ضروري لإعادة إحياء الحكم الديمقراطي.
وصف المرشح الرئاسي المنفي إدموندو غونزاليس أوروتيا نشر الجيش الأمريكي بأنه "إجراء ضروري لتفكيك الهيكل الإجرامي" بقيادة مادورو، وفق تعبيره، فيما أكدت ماريا كورينا ماتشادو أن عصابات الجريمة في فنزويلا تشكل "تهديدًا حقيقيًّا ومتزايدًا للأمن والاستقرار" في الأمريكتين.
إلا أن المعارضة لم تتفق جميعها على الخيار العسكري؛ فهنريك كابريليس، المرشح الرئاسي السابق، شدد على أن الحلول السياسية تظل الأكثر فاعلية، معتبرًا أن تصرفات ترامب عززت سلطة مادورو بدلًا من تقويضها.
ويعكس هذا الانقسام مدى تعقيد الوضع السياسي الداخلي في فنزويلا، حيث تتشابك المصالح الدولية مع الأزمة الداخلية المستمرة منذ انتخاب مادورو المثير للجدل في يوليو/تموز 2024، والتي أسفرت عن احتجاجات عنيفة، وقمع أدى إلى مقتل عشرات الأشخاص وسجن المئات.
وفي خطوة استفزازية ضد العمليات الأمريكية، نظمت فنزويلا سلسلة من المناورات الجوية تحت اسم "الكاريبي السيادي 200" على جزيرة لا أورشيلا، استمرت ثلاثة أيام.
وتضمنت المناورات عرض مقاتلات روسية الصنع من طراز سو-30 إم كيه 2 مجهزة بصواريخ مضادة للسفن من طراز Kh-31، بهدف تحذير السفن الحربية الأمريكية المنتشرة في المنطقة.
سبق ذلك نشر مقاتلات F-16A/B فنزويلية فوق المدمرة الأمريكية USS Jason Dunham، في الرابع من سبتمبر/أيلول، كخطوة أولية ضمن إستراتيجية فنزويلا في مواجهة الأنشطة العسكرية الأمريكية في البحر الكاريبي.
وأظهرت مقاطع فيديو وصور رسمية الطائرات على الأرض وعلى متن الجو وهي تحمل صواريخ مضادة للسفن؛ ما يعكس استعداد القوات الجوية البوليفارية لاتخاذ أي خطوات دفاعية.
تأتي هذه التحركات في وقت يُظهر فيه مادورو قدرته على تعبئة ميليشيات مدنية، في حين يراقب المجتمع الدولي باهتمام، مخاطر اندلاع مواجهة أكبر بين الولايات المتحدة وفنزويلا، خصوصًا مع استمرار الدعم الأمريكي للمعارضة ونشر أساطيل بحرية في منطقة حيوية.
يسلط التصعيد الحالي بين فنزويلا والولايات المتحدة الضوء على عدة ملفات متشابكة: رغبة مادورو في تأكيد سيادته والدفاع عن صورته السياسية، واستراتيجية واشنطن لتعزيز الضغط على النظام الفنزويلي عبر الوجود العسكري والدبلوماسي، والانقسام داخل المعارضة حول أفضل طرق التعامل مع الأزمة.
وتوضح المناورات الجوية وعرض القوة العسكرية مدى استعداد فنزويلا لإرسال رسائل تحذيرية مباشرة إلى الولايات المتحدة، بينما يظل الموقف الأمريكي متشددًا تجاه النظام؛ ما يجعل السيناريوهات المستقبلية غير واضحة وقد تفضي إلى تصعيد أكبر في منطقة البحر الكاريبي.