اتفق كلٌّ من المستشار الألماني فريدريش ميرتس، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، على الدفع نحو فرض عقوباتٍ ثانوية على روسيا، في خطوةٍ تدعو لتسريع الإجراءات ضدَّ شركاتٍ من دول ثالثة التي تدعم آلة الحرب الروسية.
وبحسب وكالة "بلومبيرغ"، فإن هذا الإعلان جاء بعد اجتماع المجلس الفرنسي-الألماني الخامس والعشرين في مدينة تولون الفرنسية، وسط فشل محاولات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لإحراز تقدم دبلوماسي مع موسكو في بداية رئاسته الثانية.
وأكد البيان المشترك للزعيمَين الأوروبيين على تسريع الإجراءات التي تستهدف قدرة روسيا على مواصلة حربها، بما في ذلك تعزيز دعم أوكرانيا عبر إرسال معداتٍ إضافية للدفاع الجوي، وفتح حوار إستراتيجي حول الردع النووي.
ويأتي ذلك عقِب الهجوم الروسي الأخير على كييف، الذي أسفر عن خسائر بشرية ومادية كبيرة؛ ما عزَّز من إلحاح أوروبا على تقديم دعم عسكري ملموس لأوكرانيا.
وفي السياق ذاته، أعرب ماكرون عن أمله في عقد لقاءٍ بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ونظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، كما التزم بوتين بذلك في محادثاته مع ترامب، لكنه حذَّر من أن عدم التزام بوتين بالموعد المُحّدَّد سيُظهِر، مرةً أخرى، كيف تمكَّن الرئيس الروسي من "استغلال الرئيس ترامب"، في إشارةٍ إلى الانحراف عن الالتزامات المعلنة على المستوى الدولي.
من جانبه، وصف المستشار الألماني ميرتس موقف بوتين بأنه "غير مستعد" لعقد مثل هذا اللقاء في الوقت الراهن، متوقِّعًا استمرار الحرب لعدة أشهر، لكنه شدَّد على التزام ألمانيا بدعم أوكرانيا وعدم التخلّي عنها، وأوضح ميرتس أن هذا السلوك جزءٌ من إستراتيجية الرئيس الروسي، مؤكدًا على أهمية التحرك الأوروبي المتَّسِق لمواجهة المخاطر المستمرة.
وفي مقابلةٍ سابقة، وصف ماكرون بوتين بأنه "غول على أبواب أوروبا"، في رسالةٍ واضحة حول التحدي السياسي والعسكري الذي يُمثِّله الزعيم الروسي، وأشار إلى التناقض المستمر بين ما يقوله بوتين في القمم الدولية، وما يحدث على الأرض، وهو ما يعكس مستوى عدم المصداقية في مواقف موسكو، بحسب تقدير باريس وبرلين.
من جانبها، ردَّت وزارة الخارجية الروسية على تصريحات ماكرون، معتبرةً أنها تجاوزت حدود اللياقة وتحوَّلت إلى "مستوى متدنٍ" من الإهانات ضدَّ روسيا وشعبها، في تأكيدٍ على استمرار التوترات بين القوى الأوروبية وروسيا على خلفية الحرب المستمرة.
ويرى الخبراء أن الاتفاق الفرنسي-الألماني حول العقوبات الثانوية، يأتي في وقتٍ تتزايد فيه المخاوف الأوروبية من فشل الجهود الدبلوماسية الأمريكية بقيادة ترامب، والتي ركزت على إعادة الحوار مع موسكو في محاولةٍ لوقف النزاع، وعليه، تُركِّز أوروبا، حاليًا، على وسائل ضغطٍ ملموسة تهدف إلى الحدِّ من قدرة روسيا على تمويل واستمرار حربها، مع التأكيد على استمرار الدعم العسكري والتقني لأوكرانيا.
وبحسب الوكالة الأمريكية، فإن مبادرة توسيع العقوبات تأتي كذلك في وقتٍ ينفد فيه صبر القادة الأوروبيين إزاء إحجام الرئيس الأمريكي عن مواجهة فلاديمير بوتين علنًا بشأن حربه في أوكرانيا، ويأمل حلفاء أوكرانيا أن تدفع هذه الخطوة ترامب إلى تنفيذ تهديداته بتوسيع العقوبات ضدَّ الكرملين.
وترى مصادر أوروبية أنه ومع استمرار الجمود في المفاوضات المباشرة بين بوتين وزيلينسكي، يبدو أن أوروبا تتَّجه نحو اعتماد سياسات أكثر صرامة واستباقية؛ بهدف الحدِّ من قدرة روسيا على استغلال الثغرات الدولية والمضي قدمًا في تنفيذ أجندتها العسكرية والسياسية، كما أن التحرُّكات الألمانية-الفرنسية تُشكِّل رسالةً واضحة على استعداد الاتحاد الأوروبي لتصعيد العقوبات، وضمان استمرار الدعم لأوكرانيا، في ظلِّ غياب أفقٍ قريب لإنهاء النزاع عبر المفاوضات الدولية.