أظهر تحليل أجرته صحيفة "الغارديان" البريطانية تطلع مانحين للحملة الانتخابية للرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، إلى ربح محتمل، إذا نجحت الولايات المتحدة في الاستيلاء على أراضي جزيرة غرينلاند.
وقالت الصحيفة إن هناك شكوكاً أخلاقية حول دور داعمي الحملة والمستثمرين الذين تربطهم علاقات مالية بالرئيس تبلغ قيمتها مئات الملايين.
ووفق سجلات تمويل الحملات الانتخابية وإيداعات الشركات، فإن أقطاب التكنولوجيا الأمريكيين الذين استثمروا في شركات التعدين العاملة في غرينلاند، ومديري شركات الوقود الأحفوري، وأقطاب العملات المشفرة الذين وضعوا خططاً خاصة بهم للبلاد، تبرعوا مجتمعين بما لا يقل عن 243 مليون دولار لحملة ترامب لعام 2024.
وتقول "الغارديان" إن بعضاً من أكبر المتبرعين والمستثمرين في حملة ترامب الانتخابية، والذين تربطهم علاقات مالية بمئات الملايين من الدولارات مع الرئيس الأمريكي، في وضعٍ يسمح لهم بالاستفادة من أي استحواذ لواشنطن على غرينلاند، مما يثير تساؤلات أخلاقية أكبر حول سعي ترامب المثير للجدل للسيطرة على منطقة القطب الشمالي.
وتهدف إدارة ترامب جزئياً إلى تأمين المعادن النادرة الضرورية لصناعة التكنولوجيا الأمريكية والأمن القومي، وربما إعادة فتح قطاع التنقيب عن النفط والغاز.
وكان مستشار ترامب للأمن القومي، مايك والتز، صرّح مؤخراً بأن "الأمر يتعلق بالمعادن الأساسية، والموارد الطبيعية".
وجمع المستثمرون المؤسسيون الذين يمولون شركات التعدين في غرينلاند أسهماً بقيمة 314 مليون دولار في شركة ترامب ميديا، معظمها قبيل الانتخابات.
وتقول إميلي ديفيتو، كبيرة مستشاري السياسة الاقتصادية في مركز الأبحاث الاقتصادية "غراوندورك كولابوراتيف" إن هناك حلقة مفرغة بين هؤلاء المستثمرين، أصحاب المليارات، وترامب، ومشاريع العملات المشفرة، معتبرة أن غرينلاند مثال على ذلك عملياً.
وتضيف ديفيتو أن "هذه التبرعات استثمارات، وقد قُدّمت بنتائج محددة، وحتى لو لم تُعلن في حينها، فقد انتقلت الأموال".
وزار نائب الرئيس، جيه دي فانس، غرينلاند مؤخراً، وهي إقليم يتمتع بالحكم الذاتي تابع للدنمارك، في أحدث حلقة من النزاع المتصاعد بين البلدين، وقد تعهد ترامب بالاستحواذ على غرينلاند "بطريقة أو بأخرى".
ومن بين مستثمري الملايين، شركة "كوبولد ميتالز"، وهي شركة تعدين رائدة في مجال "حمى الذهب الحديثة" في غرينلاند، بحثاً عن المعادن النادرة الضرورية لشركات التكنولوجيا، ومانحون رئيسيون لترامب، مثل مارك زوكربيرغ، مؤسس ميتا، وسام ألتمان، مؤسس أوبن إيه آي، وجيف بيزوس، مؤسس أمازون، وغيرهم من أقطاب وادي السيليكون.
والمستثمر الرئيس في شركة "كريتيكال ميتالز"، الحاصلة على تصريح تعدين في غرينلاند، هو صندوق التحوط "كانتور فيتزجيرالد"، الذي كان يرأسه وزير التجارة في حكومة ترامب، هوارد لوتنيك.
ومن بين كبار المستثمرين المؤسسيين الآخرين في كريتيكال ميتالز، فانغارد، وبلاك روك، وجيود كابيتال، وستيت ستريت، وهي شركات جمعت 314 مليون دولار من أسهم ترامب ميديا، والتي اشترت معظمها قبيل الانتخابات.
ومن بين أبرز الداعمين لعروض غرينلاند، أباطرة العملات المشفرة، الذين ضخّوا مبالغ طائلة في حملات ترامب والجمهوريين عام 2024، واصفين غرينلاند بأنها "مقصد استثماري" يُمكن فيه بناء مراكز بيانات أساسية لصناعتي الذكاء الاصطناعي والعملات المشفرة في الولايات المتحدة.
ويرغب بعض هؤلاء المانحين أيضاً في إنشاء "دولة ما بعد" ليبرالية مستقلة إلى حد كبير لنخبة التكنولوجيا في غرينلاند، يُمكن استخدامها لممارسة "التحويل الأرضي" لمستعمرة على المريخ.
وتُصنّف جماعة "براكسيس"، التي تقف وراء "الدولة"، أعضاءها بأنهم "رواد متفائلون"، لكنّ منتقديها يصفونها بعملية استعمارية تهدف إلى نهب ثروات وموارد دولة ضعيفة لا تزال مرتبطة بالدنمارك، قوتها الاستعمارية.
مع ذلك، تحظى "براكسيس" بدعم مالي قدره 525 مليون دولار، وتضمّ أعضاء أو مانحين لإدارة ترامب، مثل كين هاوري، المؤسس المشارك لشركة "باي بال"، والذي رُشّح سفيراً لدى الدنمارك.
ويعتبر روبرت فايسمان، الرئيس المشارك لمنظمة "بابليك سيتيزن"، وهي منظمة حكومية غير ربحية تُعنى بالشفافية، أنّ ما يحدث في غرينلاند يُمثّل "دائرة احتيال".
ويضيف فايسمان: "استثمر أموالك في بنك عائلة ترامب، وستعود إليك الأموال على شكل سياسة حكومية ما. وهذا يشمل حتى استخدام الإمبراطورية لخدمة الليبراليين الذين يفضلون مجتمعاً بلا دولة".
