يشهد مقر الحكومة البريطانية في "داونينغ ستريت" اليوم، اجتماعًا حاسمًا يجمع الترويكا الأوروبية بالرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي.
ويهدف الاجتماع إلى توحيد الموقف الأوروبي قبل الدخول في أي مفاوضات سلام رسمية مع روسيا.
ووفقًا لصحيفة "إندبندنت" البريطانية، يركز الاجتماع على مسار المحادثات الدائرة بين المسؤولين الأوكرانيين والأمريكيين بشأن خطة السلام التي تعمل عليها إدارة الرئيس الأمريكي، وسط تحركات دبلوماسية مكثفة لتهيئة الأرضية السياسية قبل بدء أي تفاوض مباشر مع موسكو.
ويأتي اجتماع لندن في أعقاب لقاء لافت في الكرملين، حيث استقبل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، المبعوث الخاص للرئيس الأمريكي ستيف ويتكوف، وصهره جاريد كوشنر.
وجرت مناقشة الخطة الأمريكية لتسوية الحرب، وأشار بوتين إلى أن واشنطن قسَّمت النقاط الـ27 للخطة إلى 4 حزم سياسية وأمنية منفصلة، واقترحت مناقشتها بشكل تدريجي، وهو ما يعكس رغبة أمريكية في تفكيك العقد التفاوضية بدل طرحها دفعة واحدة.
وفي السياق ذاته، أكدت الإدارة الأمريكية أنها تواصل تطوير مقترح شامل لتسوية الأزمة، فيما شدد الكرملين على أن روسيا ما زالت "منفتحة على المفاوضات" وتشارك في الاتصالات الجارية.
ووصف يوري أوشاكوف، مساعد الرئيس الروسي، محادثات الكرملين بأنها "مثمرة جدًا"، مشيرًا إلى أن التقدم العسكري الروسي، خلال الأسابيع الأخيرة، عزز موقف موسكو في أي مسار تفاوضي محتمل.
وبين تحركات لندن وواشنطن وموسكو، يبدو المشهد مهيّأً لمرحلة مفصلية قد تحدد ما إذا كانت العملية السياسية قابلة للانطلاق خلال الأسابيع المقبلة، أو أن زخم الحرب سيستمر في فرض إيقاعه على كل الأطراف.
وأكد خبراء أن اجتماع لندن بين الترويكا الأوروبية والرئيس الأوكراني زيلينسكي يُعد خطوة أساسية لتوحيد الموقف الأوروبي قبل الدخول في مفاوضات السلام مع روسيا، مشيرين إلى أن الهدف هو صياغة موقف موحد يسمح بضغط سياسي أكبر على موسكو.
وقال إبراهيم كابان، مدير شبكة الجيوستراتيجي للدراسات، إن اجتماع لندن، والذي سيجمع الترويكا الأوروبية مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يُعد خطوة أساسية نحو توحيد الموقف الأوروبي بشأن خطة السلام التي طرحها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
وأضاف كابان في تصريحات لــ"إرم نيوز" أن الاجتماع يأتي في إطار التحضير للانتقال إلى مسار المفاوضات مع روسيا.
وأشار إلى أنه لا يوجد "رفض" أو "قبول" كامل لأي من بنود الخطة، وأن اعتراض الأوروبيين على بعض النقاط لا يعني تلقائيًا أن روسيا سترفض المقترح كله أو ستستمر في الحرب إلى ما لا نهاية.
ولفت إلى أن هناك 4 نقاط خلافية محورية يتوقع أن تكون جوهر المفاوضات، إذ كانت الخطة الأصلية تضم 28 نقطة قبل أن تُقلَّص إلى 19 نقطة فقط، وتتمحور هذه النقاط حول بقاء روسيا في مناطق الدونباس، وبقائها على جزيرة القرم، إضافةً إلى بقاء أوكرانيا خارج حلف "الناتو".
وأشار إلى أن الجانب الأوروبي وزيلينسكي يطالبان بأن تكون أوكرانيا ضمن الاتحاد الأوروبي، وأن تُنشأ علاقات عسكرية محددة مع الناتو، وهو ما يشكل أحد أهم عناصر الخلاف بين الطرفين.
وأكد إبراهيم كابان أن الولايات المتحدة تحاول عبر التحركات الدبلوماسية الحالية تقريب وجهات النظر، والعمل على إيجاد صيغة حل وسط يضمن تقدمًا فعليًا قبل الدخول، رسميًا، في إدارة ملف المفاوضات.
ولفت إلى أن المعطيات الميدانية والسياسية توضح أن مسار التفاوض لن يكون يسيرًا، نظرًا لحساسية النقاط الأربع التي تُعد جوهر التوازنات الإستراتيجية لدى كل طرف.
وأضاف المحلل السياسي، أن نجاح أي اتفاق مستقبلي سيعتمد على قدرة جميع الأطراف على تقديم تنازلات محسوبة.
وحذّر من أن أي تصعيد عسكري في هذه المرحلة قد يجعل فرص الوصول إلى تسوية سياسية شاملة أكثر تعقيدًا.
وشدد على أن إيجاد توازن بين المصالح الأوروبية والأوكرانية والروسية سيبقى العامل الأكثر أهميّة في تحديد اتجاه المفاوضات.
من جانبه، أكد ألكسندر زاسبكين، الدبلوماسي الروسي السابق، أن السؤال الرئيس المتعلق باجتماع الترويكا الأوروبية مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، يتمثل في معرفة ما إذا كان هذا اللقاء سيُفضي إلى بدء مفاوضات سلام فعلية، أم أن الصراع سيتواصل في مساره العسكري الحالي.
وقال الدبلوماسي الروسي السابق، إن الهدف الأساس للاجتماع هو محاولة توحيد الموقف الأوروبي قبل اتخاذ أي خطوات عملية، مشيرًا إلى أن الأوروبيين يسعون إلى بلورة موقف موحد يمكّنهم من ممارسة ضغط سياسي على موسكو للقبول بتسويات معيّنة.
وأشار زاسبكين إلى أن خيار الدخول في المفاوضات لا يبدو مطروحًا في هذه المرحلة، مؤكدًا أن الاتجاه العام يشير إلى استمرار العمليات العسكرية، وأن مآلات المشهد ستتحدد وفق تطورات الوضعين الميداني والسياسي.
وشدد على أن استمرار روسيا في الحرب لتحقيق أهداف العملية العسكرية يبقى خيارًا مؤكدًا في حال رفض الأوروبيين خطة السلام.
وأكد أنه لا توجد أي "شكوك" حول التزام موسكو بإستراتيجيتها رغم الضغوط الدولية.
وبيّن زاسبكين أن جوهر المشكلة لا يتصل فقط بالموقف الأوروبي، بل يرتبط بصورة أساسية بالموقف الأوكراني نفسه، موضحًا أن هناك شروطًا معينة يجب على كييف تنفيذها قبل إحراز أي تقدم ملموس في عملية السلام.
وتابع: "تشمل هذه الشروط التزامات سياسية وعسكريّة واضحة تضمن لموسكو تحقيق أهدافها الإستراتيجية ضمن أي اتفاق محتمل" وفق تعبيره.