الكرملين: مشاركة الأوروبيين في مفاوضات أوكرانيا "لا تبشّر بالخير"
يرى خبراء أن الخطة الأمريكية للسلام المؤلفة من 27 بنداً، إضافة إلى 4 حزم، تمثل محاولة معقدة لحل الأزمة الأمريكية الأوروبية الأوكرانية مع روسيا، لكنها في جوهرها تعكس مساراً طويل الأمد لإضعاف موسكو عسكرياً وسياسياً واقتصادياً.
ويؤكد الخبراء، أن روسيا أفشلت المخطط على المستويات كافة، بينما تعكس الحزم الأربع احتمالات متعددة للتعامل مع أي تطورات مفاجئة، خصوصاً في المواقف الأوروبية؛ ما يضع الأزمة على مفترق حاسم بين تنفيذ المطالب الروسية أو استمرار التصعيد العسكري.
وقال الكاتب والمحلل السياسي، رامي الشاعر إن الخطة المؤلفة من 27 بنداً، إضافة إلى 4 حزم، التي وضعتها إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لحل الأزمة الأوكرانية مع روسيا، يجب توصيفها بالأزمة الأمريكية الأوروبية الأوكرانية مع روسيا؛ لأنها نتاج تخطيط استمر 30 عاماً بهدف إضعاف موسكو وإلحاق هزيمة استراتيجية بها، وإنهاء وجودها كقوة عظمى نووية لضمان الهيمنة الكاملة للولايات المتحدة وحلف الناتو على النظام الدولي.
وأضاف الشاعر في حديثه لـ"إرم نيوز" أن المخطط فشل بالكامل؛ إذ تمكنت موسكو من إنهائه على المستويات كافة، فلم يحدث انهيار اقتصادي، أو اضطرابات داخلية تمس الأمن والاستقرار الداخلي في روسيا.
وعلى المستوى العسكري، أوضح الشاعر أن روسيا تمكنت من التصدي لمحاولة تعزيز الوجود الأجنبي في أوكرانيا بالقرب من حدودها؛ وهو ما دفعها إلى إطلاق العملية العسكرية الخاصة في الوقت المناسب لإحباط خطة إرسال نحو 180 ألف عسكري من قوات الناتو بينهم 110 آلاف من الجيش الأمريكي.
وأشار الشاعر إلى أنه لو تأخرت العملية العسكرية أسبوعاً واحداً فقط، لكان الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي قد وقّع اتفاقية دفاع مشترك مع الرئيس السابق جو بايدن، وبعدها كانت ستبدأ الطائرات الأمريكية والأوروبية بنقل تلك القوات إلى أوكرانيا، مستفيدة من بنية تحتية متكاملة أنشأتها كييف خلال عامين لهذا الغرض، بما في ذلك 4 مطارات جرى تجهيزها لاستقبال القوات الأجنبية، غير أن تقدم القوات الروسية حتى مشارف كييف أدى إلى تدمير معظمها، وفق قوله.
ولفت الشاعر إلى أن وجود 27 بنداً في خطة ترامب يعكس حجم وتعقيد هذا المخطط، فهذه البنود تكشف الأساليب التي وضعتها الإدارات الأمريكية السابقة بالتعاون مع دول الناتو لاختراق روسيا وإضعافها في المجالات كافة، وقد انعكس ذلك أوّلاً على دول الناتو ثم على أوكرانيا التي دفعت الثمن الأكبر، فيما يحاول ترامب اليوم إيجاد مخرج لمأزق التورط الغربي في الصراع.
وتابع قائلا: إن الحزم الأربع يمكن وصفها بـ4 احتمالات جرى إعدادها لتفادي أي مفاجآت سياسية، خصوصاً ردود فعل القادة الأوروبيين المتورطين بما وصلت إليه أوكرانيا، لذلك، فإن التدقيق في البنود الـ27 يظهر أن كل بند صيغ لمعالجة التبعات الكارثية للمخطط الذي استهدف روسيا على حساب أوكرانيا، في ظل غياب الحد الأدنى من المسؤولية لدى القادة الغربيين، وخاصة إدارة بايدن.
أما عن الموقف الروسي من الخطة، فأكد الشاعر أن موسكو تقدر بشكل كبير جهود ترامب لوقف القتال عبر محاولة إقناع القادة الغربيين بتغيير مسارهم، خصوصاً مع تزايد المخاوف من توسع الصراع ليطال دولاً أوروبية جديدة، مضيفاً أن روسيا مستعدة لمواجهة الناتو عسكرياً إذا تطورت الأحداث، وهو أمر بدأ العسكريون الغربيون باستيعابه.
واختتم الشاعر حديثه بالإشارة إلى أن تحرك ترامب ليس فقط للحفاظ على ما تبقى من أوكرانيا، بل أيضاً لمنع توسع جبهات الاقتتال داخل أوروبا، مشيراً إلى أنه يدرك أنه ما من مجال للمساومة على الأراضي الروسية الجديدة، وكذلك يدرك أن هزيمة روسيا استراتيجياً مستحيلة، لأنها ركيزة أساسية في التحول نحو عالم متعدد الأقطاب.
من جانبه، قال المتخصص في الشؤون الروسية، تيمور دويدار، إن المقترح الأمريكي الحالي يمثل مجرد مساعدة لحل الأزمة القائمة في أوكرانيا، مؤكداً أنه لا يتعدى حسن النوايا، خصوصاً أن الإدارة الأمريكية الحالية انسحبت جزئياً من الحرب التي حرّضت عليها الإدارات السابقة، منذ أيام الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما وحتى بدايات التحريض على الصراع.
وأضاف دويدار في حديثه لـ"إرم نيوز" أن المطالب الروسية ما زالت كما هي دون أي تغيير، وأن تنفيذها سيؤدي إلى إنهاء الحرب، موضحاً أن الموقف الروسي لم يشهد أي جديد، ومن المستبعد أن يشهد تغييرات مستقبلية، حيث تظل روسيا ملتزمة بمطالبها الأساسية.
وأشار دويدار إلى أن الولايات المتحدة تبذل قصارى جهدها الآن في إيقاف أي تصعيد من قبل الأوروبيين الذين يدعمون أوكرانيا ضد روسيا، معتبراً أن الاستجابة الأوروبية للمقترح الأمريكي ستكون حاسمة في تحديد مسار الأزمة.
واختتم دويدار حديثه بالتأكيد على أن أوروبا إذا استمعت إلى الإدارة الأمريكية، وتم تنفيذ البنود الروسية مع كييف، فإن الأزمة قد تنتهي دون مزيد من التصعيد، أما إذا تم الرفض، فمن المتوقع أن يستمر تقدم القوات الروسية داخل الأراضي الأوكرانية والتوغل بها لحين استسلام الإدارة الأوكرانية لمطالب روسيا الاتحادية.