بعد مرور عامين على هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول، يتأرجح الشرق الأوسط بين الوعود المتنافسة والحقائق العنيدة فقد أصبح حلم مرشد إيران علي خامنئي بـ"نزع الطابع الأمريكي" عن المنطقة أنقاضاً، في حين يظل "النظام الجديد" الذي ينادي به رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بعيد المنال.
بعد وقت قصير من اقتحام مقاتلي حماس لإسرائيل، أعلن المرشد الأعلى الإيراني أن خريطة المنطقة تتغير، وقبل أيام قليلة، وعد رئيس الوزراء الإسرائيلي بأن الدولة العبرية ستفرض نظاماً جديداً على المنطقة.
ومع ذلك، وبعد مرور عامين، لم تتحقق أيٌّ من الرؤيتين. بل تآكل التوازن القديم، وحل محله نظام ناشئ لا يزال مائعاً وغير مستقر، كما يرى تقرير لقناة "إيران إنتر ناشونال"، فالخوف وانعدام الثقة يسيطران على المنطقة، مما يجعل دول الشرق الأوسط غير راغبة في تحقيق السلام أو الحرب الشاملة.
انهار الردع بين إيران وإسرائيل، الذي لطالما شكّل عائقاً أمام الصراع المباشر. وأظهرت حرب الـ12يوماً وسلسلة الضربات المتبادلة أن كلا الجانبين قد تخلّى عن الخطوط الحمراء القديمة دون أن يتمكنا من فرض نتيجة حاسمة.
كما تضاءلت شبكة إيران الإقليمية، فقد أفلتت سوريا من قبضتها، وأصبح حزب الله في موقف دفاعي، وتلقى الحوثيون في اليمن ضربات موجعة، ونأى العراق بنفسه للحفاظ على استقراره الهش.
بالنسبة لإسرائيل، فإن الضربات المتكررة في سوريا وحتى في الدوحة تشير إلى استعدادها لتجاوز الخطوط الحمراء، ولكن بدلاً من استعادة الأمن، فإنها أدت إلى تعميق القلق الإقليمي.
وتظل الولايات المتحدة الركيزة الأساسية للأمن الإقليمي لحلفائها وشركائها في سعيهم لمواجهة النفوذ الإيراني، لكن سلطتها ومكانتها الأخلاقية ضعفتا مع تزايد عدد ضحايا الهجمات التي تشنها إسرائيل، المدعومة من واشنطن والمسلحة لها.
ويبدو أن الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، يركز بشكل أكبر على إدارة الحاضر بدلاً من تصميم نظام جديد، إذ تتجنب واشنطن المواجهة المباشرة ولكنها تسعى إلى الحفاظ على السيطرة باعتبارها "مراقباً نشطاً"، وتمنع الانهيار في حين لا تفعل الكثير لإعادة بناء النظام.
أظهرت الحرب الإسرائيلية الإيرانية التي استمرت 12 يوماً مدى قوة إيران العسكرية ونقاط ضعفها، فقد شكلت الضربات الإسرائيلية على المواقع العسكرية والنووية في طهران نهاية فترة طويلة من غياب إيران عن القتال، ولكن الهجمات الصاروخية المتكررة منحت أتباعها المتعصبين بعض المادة اللازمة لتمجيد الأسلحة الإيرانية.
وقد أدى فشل الدبلوماسية مع الغرب، وإعادة فرض عقوبات الأمم المتحدة، والافتقار إلى الدعم القوي من الصين وروسيا، إلى زيادة القيود على طهران، التي لا يزال اقتصادها مرتبطاً إلى حد كبير بمبيعات النفط ومعزولاً عن ممرات التجارة.
وفي الداخل، دفع السخط العام المتزايد طهران إلى مسار متناقض ــ تخفيف بعض القيود الاجتماعية مع تشديد السيطرة السياسية من خلال المزيد من عمليات الإعدام والانضباط من أعلى إلى أسفل وأوامر تكميم وسائل الإعلام المتكررة، وفقا للتقرير.
ورغم أن طهران لا تزال لاعباً إقليمياً مهماً، فإنها تعاني من عزلة متزايدة، ولا تملك سوى قدر ضئيل من القوة الرادعة المعقولة إلى جانب ترسانتها الصاروخية المتضائلة.