أصدرت المحكمة العليا في الولايات المتحدة ، الجمعة، قرارًا قلّصت فيه بشكل كبير سلطة القضاة الفيدراليين في إصدار أوامر قضائية على مستوى البلاد.
وبحسب تقرير صحيفة "لو موند" الفرنسية، فإن هذه الخطوة اعتُبرت "انتصارًا كبيرًا للرئيس دونالد ترامب، ومهدت الطريق لتنفيذ مرسومه المثير للجدل بشأن تقييد منح الجنسية الأمريكية بالولادة في 28 ولاية لم تتقدم بطعون قانونية ضده".
وذكرت الصحيفة أن "القرار الذي جاء بأغلبية 6 قضاة مقابل 3، في ختام الدورة السنوية للمحكمة، لا يبت بشكل مباشر في دستورية المرسوم الرئاسي الذي يمنع منح الجنسية تلقائيًا للأطفال المولودين في الولايات المتحدة من والدين لا يحملان إقامة قانونية دائمة أو صفة قانونية رسمية، بل ركزت المحكمة على مسألة سلطات القضاء الفيدرالي، معتبرة أن القضاة تجاوزوا صلاحياتهم عندما أوقفوا تنفيذ المرسوم على مستوى البلاد".
ويعود أصل القضية إلى مرسوم رئاسي وقّعه ترامب يوم تنصيبه في 20 يناير/كانون الثاني، نصّ على وقف منح الجنسية الأمريكية للأطفال الذين يولدون في الولايات المتحدة لأبوين غير شرعيين أو يحملان إقامة مؤقتة، اعتبارًا من 19 فبراير/شباط، وهو ما اعتبره معارضون انتهاكًا للتعديل الرابع عشر من الدستور الأمريكي، الذي أُقر عام 1868 وينص على أن "كل من يولد أو يُجنس في الولايات المتحدة ويخضع لولايتها القضائية، فهو مواطن أمريكي"، بغض النظر عن الوضع القانوني لوالديه.
تجدر الإشارة إلى أنه في الأيام التالية لإصدار المرسوم، تقدمت 22 ولاية وعدة منظمات حقوقية بطعون قضائية ضده، ما أدى إلى إصدار 3 قضاة فيدراليين أوامر قضائية بوقف تنفيذه على مستوى البلاد.
لكن إدارة ترامب طعنت في هذه الأوامر أمام المحكمة العليا، وطلبت حصر آثارها على المدّعين المباشرين في القضية فقط.
وبدورها، كتبت القاضية المحافظة آمي كوني باريت، التي مثّلت الأغلبية، أن "القضاة تجاوزوا صلاحياتهم"، مشيرة إلى أن إصدار أوامر قضائية عامة تتجاوز حدود النزاع القانوني الفردي لا يستند إلى نص قانوني صريح.
وأعادت المحكمة القضية إلى المحاكم الأدنى، ما يعني فعليًا السماح بتنفيذ المرسوم الرئاسي في الولايات التي لم تطعن فيه.
ويُتوقع أن يدخل القرار حيّز التنفيذ في 28 ولاية في غضون شهر، في خطوة ستعمّق الانقسام بين الولايات ذات التوجه الجمهوري التي تميل إلى تشديد قوانين الهجرة، وتلك ذات الأغلبية الديمقراطية التي تتبنى سياسات أكثر انفتاحًا.
من جانبه، علّق النائب العام لولاية كولورادو، الديمقراطي فيل وايزر، على القرار قائلًا: "كيف يمكن بناء نظام تختلف فيه الحقوق الدستورية بحسب الولاية التي يعيش فيها المواطن؟"، مضيفًا أن الحكم "وصفة للفوضى".
من جهتها، توعّدت منظمات الدفاع عن حقوق المهاجرين باللجوء إلى دعاوى جماعية لحماية الأمهات وأطفالهن من المرسوم الجديد.
وعبّر الديمقراطيون عن خشيتهم من أن يكون هذا القرار بداية لتقويض الدولة القانونية وتكريس سلطة تنفيذية مطلقة.
بدوره، رحب الرئيس ترامب بالحكم واصفًا إياه بـ"الانتصار الهائل"، مؤكدًا أن إدارته ستستغل القرار لتمرير عدة سياسات دون عوائق قضائية.
أما زعيم الأقلية الديمقراطية في مجلس الشيوخ، تشاك شومر، فقد وصف القرار بأنه "خطوة مرعبة نحو الاستبداد".
