أثارت الانتصارات الساحقة لرئيس الوزراء السنغالي، عثمان سونكو، في الانتخابات التشريعية الأخيرة جدلاً واسعاً حول مستقبل البلاد السياسي، وطرحت تساؤلات حول إمكانية تفوقه على الرئيس باسيرو ديوماي فاي.
وأوضح تقرير لمجلة "جون أفريك" الفرنسية أنه مع تحقيق ائتلاف سونكو الأغلبية بـ 130 مقعدًا من أصل 165 في البرلمان، برزت تساؤلات حول توازن القوى بينه وبين الرئيس باسيرو ديوماي فاي، الذي انتُخب قبل أشهر، متسائلا هل يمكن أن تدفع هذه الديناميكية الانتخابية غير المتكافئة السنغال نحو نظام برلماني؟
ويحظى سونكو بشعبية غير مسبوقة، عززتها قيادته لحزب "الوطنيون الأفارقة من أجل العمل والأخلاق والأخوة"، حيث يشكل ذلك تبايناً كبيراً مع الصعود الهادئ للرئيس فاي.
بدورهم، يرى المراقبون السياسيون أن هيمنة رئيس الوزراء قد تعقّد النظام شبه الرئاسي التقليدي، الذي يمنح الرئيس عادةً سلطة أكبر من الإدارة التنفيذية للبلاد.
دعوات لقيادة البرلمان
وبرزت أصوات من المجتمع المدني، مثل عليون تين، مدير مركز أفريكاجوم، داعية إلى تغيير دور سونكو.
وقال تين: "لتعزيز الديمقراطية السنغالية وتحقيق توازن القوى، يجب أن يتولى سونكو رئاسة البرلمان"، مضيفا أن "هذا سيمكّن الهيئة التشريعية من أن تصبح ثقلاً موازناً حقيقياً للسلطة التنفيذية، وهو ما لم يتحقق بعد في تاريخ البلاد".
من جانبه، أيد موريس سودييك ديون، أستاذ العلوم السياسية بجامعة غاستون بيرغر، هذه الفكرة، مشيرًا إلى أن احتفاظ الرئيس فاي بسيطرته على السلطة التنفيذية مع تولي سونكو رئاسة البرلمان قد يعزّز الاستقرار المؤسسي.
وأضاف أن "سونكو، باعتباره الشخصية المحورية في نجاح الحزب أكبر من أن يكون مجرد صمام أمان في النظام السياسي".
مسيرة متناقضة
وبدأ صعود سونكو السياسي في عام 2017 عندما انتُخب كنائب وحيد عن حزب "الوطنيون الأفارقة من أجل العمل والأخلاق والأخوة"، وفي عام 2022، تمكن ائتلافه من السيطرة على معاقل رئيسية مثل داكار وتييس، بينما فاز هو شخصياً برئاسة بلدية زيغينشور، وهذه النجاحات مهدت الطريق لانتصاراته الأخيرة.
وبحسب التقرير، فإنه في المقابل، كانت مسيرة الرئيس فاي أقل درامية، إذ كان شخصية غير معروفة داخل الحزب حتى عام 2022، عندما خسر في أول تجربة انتخابية له في ندياغانياو، لافتا إلى أنه مع ذلك، فاز في فبراير/ شباط 2024، بالرئاسة بفارق كبير، وهو إنجاز يُعزى بشكل كبير إلى دعم سونكو وشعار حملته "ديوماي هو سونكو".
توترات في الشراكة
وأكد تقرير المجلة الفرنسية أنه على الرغم من تكاملهما، تواجه الشراكة بين سونكو وفاي تدقيقاً متزايداً.
ووصف الخبير القانوني دودو ندوي هذه العلاقة بأنها "حالة غير مسبوقة"، حيث يتفوّق رئيس الوزراء فعلياً على الرئيس.
وأثارت هذه الديناميكية تساؤلات عما إذا كانت السنغال تتحوّل فعلياً إلى نظام برلماني.
وحذّر ندوي من أن هذا التوازن الدقيق يعتمد على التعاون المتبادل، مضيفا "إذا تصاعدت التوترات، فقد نشهد أزمة دستورية خطيرة".
وشدد تقرير المجلة على أنه بينما تسير السنغال في هذا المسار السياسي غير المسبوق، تبقى الرهانات مرتفعة، ما إذا كانت شراكة سونكو وفاي ستستمر، أو إذا كانت تشير إلى تحوّل في الحوكمة سيبقى أمراً يتعين مراقبته عن كثب.
واختتم التقرير بالقول إن الأشهر القادمة ستكون حاسمة في تحديد المسار السياسي للسنغال، والدور الذي سيلعبه قادتها.