رئيس وزراء أستراليا: الحكومة ستتبنى إصلاحات للقضاء على الكراهية والتطرف
كشفت تقارير أن حكومة رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، تجد نفسها عالقة بين ضرورات الاقتصاد وضغوط الأمن؛ ففي حين أعلنت أجهزة الاستخبارات البريطانية أن الصين تمثل "تهديدًا يوميًا" للأمن القومي، فإن لندن تعتمد جزئيًا على التجارة والاستثمار الصيني لإنعاش اقتصادها.
وبينما تعاني بريطانيا من تباطؤ اقتصادي منذ "بريكست"، فإنها في الوقت ذاته تواجه تحديًا متناميًا من نشاطات التجسس والاختراق الإلكتروني التي تُنسب إلى بكين.
ويكشف الجدل الأخير حول قضية التجسس الفاشلة ومشروع السفارة الصينية الجديدة في لندن عن عمق المعضلة البريطانية في التعامل مع القوة الآسيوية الصاعدة.
ويرى الخبراء أنه في الوقت الذي تؤكد أجهزة المخابرات البريطانية، بما فيها (MI5) ووكالة المراقبة الإلكترونية (GCHQ)، أن الصين تشكل "أكبر تهديد قائم على الدولة للأمن الاقتصادي للمملكة المتحدة"، جاء قرار الادعاء العام بإسقاط التهم عن رجلين بريطانيين متهمين بالتجسس لصالح الصين ليهز الثقة في موقف الحكومة.
القرار أثار انتقادات واسعة، خاصة من نواب حزب المحافظين، الذين اتهموا حكومة ستارمر بالتراجع عن القضية خشية إغضاب بكين والإضرار بالعلاقات التجارية، ورغم نفي الحكومة لذلك، يرى مراقبون أن امتناعها عن وصف الصين قانونيًا بأنها "عدو" كان مؤشرًا على رغبتها في إبقاء الباب مفتوحًا أمام التعاون الاقتصادي.
ويرى مراقبون أن إسقاط القضية، التي عملت أجهزة الاستخبارات لسنوات على بنائها، عُدّ هزيمة مؤلمة لجهاز (MI5)، كما عبَّر مديره العام، كين مكالوم، عن إحباطه قائلًا: "الجهات الحكومية الصينية تُهدد أمننا القومي يوميًا، وقلت ذلك العام الماضي، وسأكرره في العام القادم".
غير أن الرسائل السياسية بدت أكثر حذرًا؛ فبينما تتحدث الاستخبارات عن تهديد صيني شامل، تفضل الحكومة استخدام لغة "الفرص الاقتصادية المتبادلة"، في تناقض يعكس مأزق بريطانيا بين الاعتماد الاقتصادي والتهديد الأمني.
من جهة أخرى، تسعى الصين منذ عام 2018 لبناء مجمع دبلوماسي ضخم تبلغ مساحته أكثر من 5 أفدنة، على بُعد خطوات من برج لندن، ومن المتوقع أن يصبح أكبر سفارة صينية في أوروبا، وهذا المشروع، الذي أُجّل الحسم فيه مرارًا، أصبح نقطة توتر جديدة بين لندن وبكين.
وتخشى الأجهزة الأمنية البريطانية من أن يتحول المبنى إلى مركز مراقبة وتجسس يتيح لبكين الوصول إلى شبكات الألياف الضوئية والبنية التحتية الرقمية الحيوية في قلب العاصمة، كما يُعتقد أن الصين ربطت السماح بإعادة بناء السفارة البريطانية في بكين بالموافقة على مشروعها في لندن، في نوع من الضغط الدبلوماسي المتبادل.
ورغم تصاعد القلق الأمني، لا تزال الصين خامس أكبر شريك تجاري لبريطانيا، بإجمالي تبادل يبلغ نحو 100 مليار جنيه إسترليني سنويًا، وتشكل الواردات من الصين، بما في ذلك معدات الاتصالات والآلات، أكثر من 70% من هذا الإجمالي.
ويعتقد محللون أن الحكومات البريطانية المتعاقبة لطالما سعت إلى الاستفادة من السوق الصينية الضخمة؛ ففي عهد ديفيد كاميرون، وُصف التعاون بين البلدين بـ"العصر الذهبي"، بينما أكدت تيريزا ماي وبوريس جونسون لاحقًا أن لندن تريد علاقة "إيجابية ومثمرة"مع بكين.
لكن العلاقات تدهورت مع تزايد المخاوف من انتهاكات حقوق الإنسان الصينية والهجمات الإلكترونية، لتتحول من "شراكة استراتيجية" إلى توازن قلق.
اليوم، يدرك المسؤولون البريطانيون أن أي تصعيد ضد الصين قد يُكلّف الاقتصاد كثيرًا؛ فبكين تستطيع، كما يحذر خبراء مثل إسوار براساد من جامعة كورنيل، "تقييد الاستثمارات أو فرض رسوم على الصادرات البريطانية الحساسة مثل السيارات"، وفي المقابل، تعتمد الصين أيضًا على النظام المالي البريطاني وأسواقه المصرفية، ما يجعل العلاقة بين الطرفين شبكة معقدة من المصالح المتبادلة والشكوك المتبادلة أيضًا.
وبين الرغبة في جذب الأموال الصينية والخوف من تغلغل نفوذها الأمني، تجد بريطانيا نفسها أمام معادلة يصعب حلّها: اقتصاد يحتاج إلى الصين، وأمن يخشى منها.
وفي ظل غياب رؤية استراتيجية متماسكة، قد تتحول لندن من لاعب حذر في العلاقة مع بكين إلى طرف متأثر بالضغوط الخارجية، سواء من الصين نفسها أم من الحلفاء الغربيين، الذين يدعونها إلى تبني موقف أكثر تشددًا.