مدير منظمة الصحة العالمية يدعو إسرائيل إلى وقف "كارثة" المجاعة في غزة
اقترح الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، في تحول لافت على مسار الحرب المستمرة منذ أكثر من 3 أعوام، وقف إطلاق النار مع روسيا، حتى يُعقد لقاء يجمعه بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وقال زيلينسكي في إفادة صحافية من كييف: "اقتراحي، الذي أعتقد أن شركاءنا سيدعمونه، هو أن نطرح على الروس وقف إطلاق النار إلى أن يجتمع الزعيمان".
هذا التصريح جاء في أعقاب سلسلة من الضربات الأوكرانية الناجحة التي استهدفت مواقع حساسة داخل العمق الروسي، بينها قواعد جوية يُعتقد أنها تضم أسلحة نووية.
وحذّرت روسيا قبل ساعات من مقترح زيلينكسي من مغبّة المساس بـ«الثالوث النووي» الروسي، وسط إشارات متزايدة إلى احتمالية رد عسكري ساحق.
واتهم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أوكرانيا، بالسعي إلى وقف لإطلاق النار من أجل إعادة تسليح جيشها، وتجميع قواته، والتحضير لهجمات تخريبية ضد موسكو.
وقال بوتين: "لماذا نكافئهم بمنحهم استراحة من القتال، سيتم استغلالها من أجل تزويد النظام الأوكراني بأسلحة غربية، ومواصلة التعبئة القسرية، والتحضير لأفعال إرهابية مختلفة".
ومع هذا المقترح والتحذيرات الروسية، يبقى التساؤل الأبرز على الساحة الأوروبية، عن دلالات هذا المقترح الأوكراني، وما إذا كانت هدنة مفخخة أم بداية الطريق نحو السلام؟
يؤكد خبراء أن طلب كييف لهدنة مؤقتة مع روسيا، رغم تنفيذها هجمات ناجحة على العمق الروسي، يعكس تناقضًا ميدانيًا واستراتيجيًا، وأن هذه الدعوة تشير إلى أن الضربات الأوكرانية، رغم رمزيتها وخطورتها، لم تُحدث تحولًا نوعيًا في موازين القوى، بل جاءت كمحاولة يائسة للضغط الإعلامي والسياسي في ظل تراجع القدرات البشرية والعسكرية لأوكرانيا على الأرض.
ويرى الخبراء في تصريحات خاصة لـ"إرم نيوز"، أن كييف تهدف من وراء الهدنة إلى كسب وقت لإعادة تسليح قواتها عبر الدعم الغربي، وهو ما تدركه موسكو جيدًا، وترفض منحه دون ثمن، وأن روسيا لم تتعامل إعلاميًا مع استهداف مطاراتها العسكرية، وهو ما فُهم كمؤشر على رغبتها في إنجاح المسار التفاوضي بشروطها، لا سيما مع اقتراب قواتها من سومي وخاركيف.
ولفت الخبراء، أن موسكو أصبحت أكثر تشددًا، خاصة بعد وصف بوتين لنظام كييف بـ«الإرهابي» وهو ما يشير إلى أن الرد الروسي سيكون عنيفًا، ولن تُطرح الهدنة على الطاولة إلا بعد فرض وقائع ميدانية جديدة قد تدفع أوكرانيا نحو الإذعان أو الانهيار.
قال د. آصف ملحم، مدير مركز "JSM" للأبحاث والدراسات، إن روسيا تُدرك جيدًا قواعد اللعبة السياسية، وتجيد استخدام القوة بما يخدم مصالحها، وأن القوة ليست إلا أداة من أدوات السياسة، وروسيا تفهم معادلاتها وحدود استخدامها، وتُوظفها في إطار يخدم أهدافها السياسية، وهو ما تُدركه أيضًا الولايات المتحدة.
وأضاف ملحم لـ"إرم نيوز"، أن عملية شبكة العنكبوت التي استهدفت المطارات العسكرية الروسية، والتي تتضمن منظومات نووية، تُشكّل تصعيدًا خطيرًا يُعد «لعبًا بالنار» مشيرًا إلى أن من خطط لها - سواء كان الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أو من أشار عليه - يتحمّل مسؤولية خرق خط أحمر بالغ الحساسية.
وأوضح أن بعض المنظومات النووية في روسيا قد تتفاعل تلقائيًا في حال تعرّضت للخطر، ما يجعل الاقتراب منها أحد أخطر المحظورات.
وقال: "إذا فُعلت هذه الرؤوس تلقائيًا، سنكون أمام حرب نووية شاملة تُدمر كوكب الأرض، مؤكدًا أن مثل هذه المنظومات موجودة أيضًا لدى الولايات المتحدة والدول الأوروبية".
وأضاف أن الغرب هو من يقف خلف العملية، ويدفع زيلينسكي نحو التصعيد، بهدف إجبار روسيا على تقديم تنازلات خلال المفاوضات، وأن موسكو تعاملت مع الحدث ببرود إعلامي واضح، فلم تتطرق وسائل الإعلام الرسمية الروسية إلى الهجوم على المطارات أو القاذفات، ما يعكس إدراكها لحساسية الموقف وسعيها لإنجاح المسار التفاوضي.
وتابع ملحم: "أوكرانيا لا تملك أوراق ضغط حقيقية في المفاوضات، وحتى لو لم يعترف القانون الدولي بالمناطق الأربع التي ضمتها روسيا، فإن موسكو تستطيع ببساطة الدعوة إلى استفتاء شعبي جديد في هذه المقاطعات، استنادًا إلى مبدأ حق تقرير المصير المنصوص عليه في ميثاق الأمم المتحدة".
وأوضح أن روسيا تراهن على هذا الحق، وبالتالي فإن أي مفاوضات قد تُفضي إلى خسارة أوكرانيا النهائية لتلك المناطق، وأن المبادرة الأفريقية للسلام تضمنت مقترحًا واستفتاء جديداً في هذه المناطق، وهو ما وافقت عليه موسكو، لقناعتها بأن السكان هناك موالون لها.
وأشار إلى أن روسيا تُحقق تقدمًا عسكريًا واضحًا، وأن الجيش الروسي بات على مشارف مدينة سومي، التي تبعد نحو 15 كيلومترًا فقط، ما يضعها في نطاق المدفعية، متوقعًا سقوطها، قريبًا، على غرار مدينة خاركيف.
وأكد أن الدعم الخارجي لن يُغير المعادلة، في ظل أزمة حادة في الموارد البشرية والعدد داخل الجيش الأوكراني، خاصة أن أوكرانيا بحاجة إلى هدنة للتفاوض تحت الضغط العسكري، وروسيا تدرك أن الهدف منها هو إعادة تسليح كييف، ولهذا لن تُقدّم مثل هذه الهدية أبدًا.
من جهته، قال بسام البني، المحلل السياسي والخبير في الشؤون الروسية، إن أوكرانيا رفضت عدة هدنات طرحتها روسيا سابقًا، بينها هدنة عيد الفصح وهدنة لمدة ثلاثة أيام، لتعود اليوم وتطلب هدنة لمدة 30 يومًا من أجل إعادة تسليح جيشها عبر الحلفاء الغربيين.
وأكد البني، في تصريحات خاصة لـ"إرم نيوز" أن كييف ارتكبت خطأً فادحًا باستهداف ما وصفه بـ"الثالوث النووي" الروسي، متسائلًا: كيف يُمكن لروسيا أن تمنح هدنة بعد هذا التصعيد الخطير؟.
وشدد على أن موسكو لن تدخل في أي حديث عن الهدنة قبل أن ترد بشكل شامل على العملية الأوكرانية الأخيرة ضد المطارات العسكرية، قائلًا: الرد سيكون ساحقًا، وبعده فقط يمكن الحديث عن استسلام أوكرانيا أو إخضاعها.
وأشار الخبير في الشؤون الروسية، إلى أن موسكو لن تتراجع عن مطلبها الرئيس، وهو استسلام كييف الكامل، لافتًا إلى أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين استخدم مؤخرًا وصف "النظام الإرهابي" للإشارة إلى حكومة كييف والداعمين لها، وهي المرة الأولى التي يستخدم فيها هذا التوصيف علنًا، خصوصًا بعد الهجمات التي طالت الجسور المدنية وأوقعت ضحايا من المدنيين.