اليونيفل في لبنان: هذا الهجوم من أخطر الهجمات على أفرادنا وممتلكاتها منذ اتفاق نوفمبر
قال خبراء في الشأن الإسباني إن ما تشهده مدينة توري باتشيكو الواقعة جنوب شرقي إسبانيا من اضطرابات وأعمال شغب ضد المهاجرين، يكشف مناخًا اجتماعيًّا متوترًا يتغذى على خطابات الكراهية والتجييش السياسي.
وأشار الخبراء إلى أن الأزمات الأمنية الفردية تتحول إلى ذريعة لصب الغضب على الجاليات الأجنبية، ولا سيما من أصول شمال إفريقية.
ولا تعد أعمال الشغب المناهضة للمهاجرين التي اندلعت في إحدى مدن جنوب إسبانيا حدثًا معزولًا، بل تأتي في سياق أوسع من التوترات الاجتماعية والسياسية المتصاعدة داخل أوروبا.
يأتي ذلك في وقت تتزايد فيه المخاوف من استخدام قضية الهجرة كورقة انتخابية خطيرة، وخصوصاً من قبل اليمين المتطرف.
هذا التصعيد يأتي بعد أن تعرض رجل متقاعد يدعى "دومينغو" لاعتداء جسدي في الشارع على يد ثلاثة شبان يُعتقد أنهم من أصول مغاربية، ما أثار موجة من الغضب الشعبي.
ورغم أن التحقيقات لا تزال جارية والشرطة تلاحق الجناة، إلا أن الحادثة تحولت بسرعة إلى منصة لتعبئة عنصرية، قادتها مجموعات من اليمين المتطرف استغلت المشاعر العامة لإشعال فتيل العنف، بحسب إذاعة "راديو فرانس" الفرنسية.
رغم جهود الحكومة المركزية لاحتواء الغضب، فإن الخطاب السياسي الإسباني نفسه لا يخلو من التناقضات.
ففي حين تدافع مدريد عن سياسات الإدماج والمساواة، فإن الخطاب المحلي لبعض رؤساء البلديات، خصوصاً المحسوبين على اليمين، يجنح نحو التجريم والتخويف من "الخطر الديموغرافي".
وقال الباحث الفرنسي في علم الاجتماع السياسي لوران دوفور، إنه "عندما لا تقدّم الدولة رواية عادلة وشاملة للهجرة، يملأ الفراغ الخطاب الشعبوي، ويتحول المهاجر إلى فاعل عديم الحقوق في مخيلة المجتمع".
الأخطر قادم مع الانتخابات الأوروبية
وربط جوفور، في تصريح لـ"إرم نيوز"، بين هذه الاضطرابات وبين الانتخابات الأوروبية المرتقبة في 2026، حيث يعتمد اليمين المتطرف في إسبانيا ودول مجاورة على تأجيج الغضب الشعبي ضد الهجرة لجمع الأصوات.
وقد لوّح حزب "فوكس" اليميني بأن "انفلات السيطرة على الحدود يعني الفوضى"، في خطاب يلقى صدى متزايدًا في المناطق المهمشة.
ورأى دوفور أن أعمال الشغب المناهضة للمهاجرين ليست مجرد أحداث عنف منعزلة، بل تعكس خللاً عميقاً في السياسات الأوروبية تجاه ملف الهجرة والتماسك الاجتماعي.
وإذا لم يتم التعامل معها بعقلانية، فإنها قد تتحول إلى نموذج مكرر في مدن أوروبية أخرى، في ظل أزمة ثقة متنامية بين المواطن والدولة.
من جهته، يرى المحلل الإسباني رافائيل مارتينيث، المختص في الشؤون الاجتماعية والهجرة، أن ما يحدث في توري باتشيكو "ليس معزولًا"، بل هو جزء من ظاهرة تتكرر في أوروبا، حيث تتحول حالات فردية إلى وقود لحملات شعبوية، خصوصًا في المناطق الهشة اقتصاديًّا.
وأضاف مارتينيث، لـ"إرم نيوز"، أن الجنوب الإسباني يعيش توترًا متراكمًا بسبب الفقر، والتفاوت الاجتماعي، والتهميش... ومع غياب استراتيجيات دمج فعالة، يجد البعض في المهاجرين الهدف الأسهل".
وحذر من أن اليمين الشعبوي يستغل مثل هذه الحوادث لإعادة طرح أجندته المعادية للمهاجرين، قائلاً: "الاحتجاج السلمي على الجريمة أمر مشروع، لكن تحويله إلى منصة سياسية ضد الجاليات الأجنبية يهدد التماسك الاجتماعي ويغذي الكراهية".
بحسب سلطات منطقة مورسيا، فإن المدينة شهدت ليلتين متتاليتين من أعمال الشغب، حيث استُهدف مهاجرون وممتلكاتهم من قبل مجموعات من الغاضبين، وأُصيب عدد من الأشخاص في المواجهات.
الفيديو الذي يوثق الاعتداء على المتقاعد، والذي انتشر بشكل واسع على وسائل التواصل الاجتماعي، ساهم في تغذية خطاب الكراهية.
وعلى الرغم من أن التظاهرة التي دعت إليها بلدية المدينة، يوم الجمعة، كانت تهدف إلى التعبير السلمي عن التضامن، فإنها تحولت سريعًا إلى ساحة لرفع شعارات مناهضة للمهاجرين، في ظل مشاركة جماعات يمينية متطرفة، بحسب ما أكدته السلطات المحلية.
نداءات للتهدئة وتحذيرات من الانزلاق
رئيس إقليم مورسيا المحافظ، فرناندو لوبيز ميراس، أطلق نداءً عاجلًا للتهدئة، قائلًا: "المسؤولون عن هذه الاعتداءات سيُحاسبون، ولكن يجب أن نثق بالقانون وقوات الأمن، ولا نسمح بأن تتحول مدينتنا إلى ساحة للكراهية".
من جهته، دعا عمدة المدينة بيدرو أنخيل روكا تيرنيل، المنتمي أيضاً لحزب الشعب المحافظ، السكان إلى عدم الخلط بين الجناة من الأفراد وبين الجالية المهاجرة ككل، مؤكداً أن "معظم هؤلاء جاؤوا للعمل والعيش بسلام".