يمثل قطاع المعادن النادرة أولوية قصوى لموسكو، إذ تسعى إلى تعزيز موقعها في سوق عالمية تهيمن عليها الصين، مع العلم أن هذه المعادن تدخل في الصناعات التكنولوجية والعسكرية، من البطاريات المتقدمة إلى المكونات الإلكترونية الحساسة.
وفي سباق القوى الكبرى على هذه المعادن، تتحرك موسكو اليوم بأدوات الجيولوجيا والسياسة معًا، خاصةً وأن الرئيس فلاديمير بوتين لا يتعامل مع هذه الثروات بوصفها مجرد مورد طبيعي، بل كجزء من معادلة النفوذ العالمي المقبلة.
وقبل أيام، وجه بوتين الحكومة بوضع خطة شاملة لتطوير قطاع المعادن النادرة وتقديمها في موعد أقصاه نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل، وذلك وسط تصاعد المنافسة العالمية على هذه المعادن الاستراتيجية.
وتكمن أهمية ذلك في محاولة الكرملين تقليل الاعتماد على الخارج في وقت تتسع فيه دائرة العقوبات الغربية وتزداد صعوبة الوصول إلى التمويل والتكنولوجيا.
في ذات السياق كشف مصدر مطلع لـ"إرم نيوز" الخطة الروسية لتطوير مناجم المعادن النادرة.
وقال المصدر إن "هناك خطة جاري الانتهاء منها لتطوير مناجم المعادن الترابية النادرة غير المستثمرة في البلاد، وتتضمن مناجم «بيلازيمينسكوي، وسيليغدارسكوي، وتشوكتوكونسكوي، وكاتوجينسكوي، وأولوغ تانزيكسكوي، وأخيرًا منجم شارغاديكسكوي» وذلك تمهيدًا لعرضهم للاستثمار".
وأشار إلى أن هناك 3 مناجم للمعادن الترابية النادرة قيد الاستثمار، وهم "منجم زاشيخينسكوي، ومنجم تومتورسكوي، ومنجم ياريغسكوي".
وأكد أن منجم "لوفوزيرسكويي" في مقاطعة مورمانسك يُعد المنجم الوحيد العامل حاليًا في روسيا لاستخراج خام اللوباريت، الذي يحتوي على عناصر نادرة مثل النيوبيوم والتنتالوم والزركونيوم.
وأضاف أن العمل جارٍ الآن على تطوير منجم "أفريكاندسكويي" الذي يُعد من المشروعات الواعدة، موضحًا أن المنتج الرئيسي فيه هو ثاني أكسيد التيتانيوم، بينما يتم استخراج النيوبيوم والتنتالوم والعناصر الأرضية النادرة خلال عمليات الإنتاج.
وأشار المصدر إلى أن خام اللوباريت تتم معالجته في مصنع سوليكامسك للمغنيزيوم (SMZ) بمقاطعة بيرم التابع لشركة روساتوم، حيث يتم إنتاج مركزات خام يتم تصديرها بالكامل دون تصنيع محلي لمغناطيسات أو منتجات نهائية.
وأكد أن الاحتياطات الروسية من المعادن النادرة تصل إلى نحو 660 مليون طن، بينها 28 مليون طن من العناصر الأرضية النادرة وحدها، وهو ما يضع روسيا في موقع استراتيجي عالمي.
وأضاف أن منجم "تومتورسكوي" في جمهورية ياقوتيا يُعتبر من أغنى المناجم في العالم بنسبة محتوى تصل إلى 9.5%، إلا أن تشغيله يواجه صعوبات كبيرة بسبب موقعه النائي على بعد 400 كيلو متر من المحيط المتجمد الشمالي.
ولفت إلى أن منجم كاتوجينسكوي في إقليم زابايكالسكي قد جُهز للتطوير بعد استكشافه بدقة، غير أن نقص مرافق الفصل يعرقل تشغيله.
وكشف المصدر أن الاستهلاك المحلي للعناصر الأرضية النادرة شهد نموًا كبيرًا، حيث بلغ 1.42 ألف طن في 2023، وارتفع إلى 1.5 ألف طن في 2024، مع توقعات ببلوغه 1.7 ألف طن في 2025، وصولًا إلى 2.5 ألف طن بحلول 2027.
وأضاف المصدر أن وزارة الصناعة والتجارة الروسية أعلنت في يوليو 2024 أن البلاد تستهدف زيادة الإنتاج بمقدار ثماني مرات بحلول 2030، وتقليص الاعتماد على الواردات إلى 15% فقط من إجمالي الاستهلاك المحلي.