فرضت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الخميس، عقوبات على 4 قاضيات في المحكمة الجنائية الدولية في رد غير مسبوق على تحقيق المحكمة في اتهامات بجرائم حرب ضد القوات الأمريكية في أفغانستان وإصدارها مذكرة اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
وجاء في بيان صادر عن الخارجية الأمريكية أن واشنطن أدرجت على قائمة العقوبات كلاً من سولومي بالونجي بوسا من أوغندا، لوز ديل كارمن إيبانيز كارانزا من بيرو، رين أديلايد صوفي ألابيني جانسو من بنين، بيتي هوهلر من سلوفينيا، وفق "رويترز".
وقال ماركو روبيو وزير الخارجية: "بصفتهن قاضيات في المحكمة الجنائية الدولية، شاركن الأربع على نحو فعال في أعمال غير مشروعة ولا أساس لها، وتستهدف الولايات المتحدة أو حليفتنا الوثيقة إسرائيل".
وأضاف: "المحكمة الجنائية الدولية لها دوافع سياسية وتدعي زوراً أنها تتمتع بسلطة مطلقة للتحقيق مع مواطني الولايات المتحدة وحلفائنا وتوجيه الاتهامات إليهم ومحاكمتهم".
وانتقدت المحكمة الجنائية الدولية هذه الخطوة، قائلة إنها محاولة لتقويض استقلالية مؤسسة قضائية دولية توفر الأمل والعدالة لملايين الضحايا الذين تعرضوا "لفظائع لا يمكن تصورها".
والقاضيتان بوسا وإيبانيز كارانزا في هيئة المحكمة منذ عام 2018. وفي عام 2020، شاركتا في قرار دائرة الاستئناف الذي سمح للمدعية العامة للمحكمة بفتح تحقيق رسمي في اتهامات بجرائم حرب ضد القوات الأمريكية في أفغانستان.
وفي عام 2021، خفضت المحكمة أولوية التحقيق في أفعال القوات الأمريكية في أفغانستان وركزت على جرائم مزعومة ضد الحكومة الأفغانية وطالبان.
وأصدر قضاة المحكمة في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي مذكرات اعتقال بحق نتنياهو ووزير الدفاع الإسرائيلي السابق يوآف غالانت ومحمد الضيف قائد هيئة أركان "كتائب القسام"، الجناح العسكري لحركة "حماس"، بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في حرب غزة.
وأكدت الحركة الفلسطينية في شهر يناير/ كانون الثاني مقتله.
وقال روبيو إن ألابيني جانسو وهوهلر أصدرتا قرارا بإجازة مذكرتي الاعتقال بحق نتنياهو وغالانت.
وتزيد هذه الخطوة من عداء الإدارة الأمريكية للمحكمة. فخلال فترة ولاية ترامب الأولى في عام 2020، فرضت واشنطن عقوبات على المدعية العامة آنذاك فاتو بنسودا وأحد كبار مساعديها بسبب تحقيق المحكمة بشأن الجرائم المزعومة في أفغانستان.
وتأتي هذه الإجراءات أيضاً في أعقاب تصويت مجلس النواب الأمريكي في يناير/ كانون الثاني على معاقبة المحكمة الجنائية الدولية احتجاجاً على مذكرتي الاعتقال. وأكدت هذه الخطوة على الدعم القوي بين الجمهوريين لحكومة إسرائيل.
وأثارت هذه الإجراءات غضباً بين المدافعين عن حقوق الإنسان. وقالت ليز إيفنسون مديرة قسم العدالة الدولية في منظمة "هيومن رايتس ووتش" إن هذه الإجراءات العقابية "هجوم صارخ على سيادة القانون في وقت يعمل فيه الرئيس ترامب على تقويضها في الداخل".
وتعوق العقوبات بشدة قدرة القاضيات على إجراء حتى المعاملات المالية العادية إذ من المتوقع أن تضطر أي بنوك لها علاقات مع الولايات المتحدة أو التي تجري معاملات بالدولار إلى الامتثال للعقوبات.
وتأتي العقوبات الجديدة في وقت عصيب بالنسبة للمحكمة التي تعاني بالفعل من عقوبات أمريكية سابقة ضد المدعي العام كريم خان، الذي تنحى الشهر الماضي مؤقتاً وسط تحقيق تجريه الأمم المتحدة حول اتهامه بسوء سلوك جنسي.
وتأسست المحكمة الجنائية الدولية في عام 2002، وتتمتع باختصاص قضائي دولي لعقد محاكمات بشأن جرائم الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب في الدول الأعضاء أو في حال إحالة مجلس الأمن الدولي لقضية ما. والولايات المتحدة والصين وروسيا وإسرائيل ليست أعضاء في المحكمة.
وأبرز تحقيقاتها الجارية تتعلق بحرب غزة والحرب الروسية في أوكرانيا وكذلك بالصراعات في السودان وميانمار وأفغانستان.
وأصدرت مذكرات توقيف بحق الرئيس فلاديمير بوتين للاشتباه في ترحيل أطفال من أوكرانيا، وبحق نتنياهو بتهمة ارتكاب جرائم حرب مزعومة في غزة. وكلاهما ينفي الاتهامات ويرفضان اختصاص المحكمة الجنائية الدولية.
