أكد النائب اللبناني مارك ضو عدم وجود ضمانات حقيقية تحول دون اندلاع حرب شاملة واسعة النطاق، رغم استبعاده حدوث ذلك في المرحلة الحالية.
ورأى ضو أن القضايا المطروحة، من المبادرة الأمريكية لإنشاء منطقة اقتصادية في لبنان، إلى ملف الميغاسنتر، وحصر السلاح، تعكس لحظة سياسية دقيقة يتداخل فيها البعد الاقتصادي مع الحسابات الأمنية والإقليمية، في ظل ضغوط متصاعدة تجعل هذه المسارات رهناً بالاستقرار السياسي ووقف الاعتداءات الإسرائيلية.
وأوضح النائب اللبناني في حوار مع "إرم نيوز" أن جوهر هذه الملفات لا يكمن في الطروحات التقنية بقدر ما يرتبط بتوازنات داخلية ودولية معقدة، حيث تتقدم المقاربة الأمريكية القائمة على الحوافز الاقتصادية، مقابل أدوار أوروبية مساعدة، فيما يبقى مستقبل ذلك مرتبطاً بتطورات إقليمية حاسمة، وفي مقدمتها الانتخابات الإسرائيلية المرتقبة.
وفي ما يلي نص الحوار:
تأتي المبادرة الأمريكية في إطار مقاربة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب القائمة على التحفيز عبر الإغراءات الاقتصادية بشكل أساسي، أكثر من أي مقاربة أخرى، حيث يجري التركيز على هذا الطرح بوصفه أساساً للعلاقات بين الدول، وفق منطق المصالح التجارية القائمة على التبادل الكامل، وليس على أسس حقوق إنسان، أو الحقوق الثابتة والراسخة أو مبادئ السيادة وغيرها.
وفي هذا السياق، يُنظر إلى كل الملفات باعتبارها قابلة للتفاوض، وهو ما يندرج ضمن سياسة التحفيز التي تعتمد على تقديم حوافز وإغراءات اقتصادية كأداة رئيسية للتأثير.
من المستبعد تحقيق أي اختراق حقيقي أو فرص نجاح كبيرة في ظل استمرار الاعتداءات الإسرائيلية، وقبل التوصل إلى اتفاقيات تضع حداً لحالة الاعتداءات والحرب القائمة، ولا سيما أن أي تقدم يتطلب اتخاذ خطوات جدية تفضي إلى سلام مستدام، وهو شرط أساسي يسبق الشروع في أي عمل جدي يتعلق بالاستثمارات الاقتصادية أو المشاريع التنموية.
يعد تطبيق نظام الميغاسنتر مدخلاً أساسياً للإصلاح الانتخابي، إذ إن أي خطوة إصلاحية اليوم من شأنها أن تزيد عدد الناخبين، وتعزز مشاركتهم، وتقرب الناخبين اللبنانيين من صنع القرار السياسي اللبناني.
وبناءً عليه، فإن اعتماد الميغاسنتر يشكل خطوة في الاتجاه الصحيح، لا سيما أن الظروف السياسية تبدو أكثر من سانحة لإقرار مثل هذه القوانين في ظل العهد والحكومة الجديدين، كما أن الإصلاحات الجارية، وفي مقدمتها الإصلاح الانتخابي، من شأنها أن تفرز مجلساً نيابياً مختلفاً عن المجالس النيابية التي تشكلت في زمن وصاية "حزب الله وإيران"، وبالتالي فإن الميغاسنتر يعد عنصراً أساسياً في دفع التغيير، وقد يسهم بشكل مباشر في تغيير النتائج.
يقوم الجيش اللبناني بكامل واجباته في ملف حصر سلاح ميليشيا حزب الله، وتشير التطورات الأخيرة، بما في ذلك التقارير والزيارات المتكررة التي يجريها السفراء والجهات الدولية، إلى تقييم إيجابي لأداء المؤسسة العسكرية في هذا المجال.
وعليه، يستبعد حدوث تعثر أو بروز إشكالات جوهرية في هذا الملف، بل يرجح أن تسير العملية بشكل إيجابي، على أن تبنى نتائجها للانتقال إلى المرحلة اللاحقة.
لطالما شكلت فرنسا لاعباً أساسياً في العلاقات الخارجية للبنان، إلا أنها لا تتصدر المشهد الدولي حالياً، إذ تحتل الولايات المتحدة موقع الصدارة، ولا سيما بسبب قدرتها على التأثير المباشر في الجانب الإسرائيلي، وكذلك في مجمل السياسة الإقليمية، سواء مع الدول العربية أو القوى الإقليمية.
وبناءً على ذلك، ورغم أن فرنسا ليست في موقع القيادة، فإن دورها لا يزال فاعلاً ودائماً، ويسهم في تقريب وجهات النظر والمساعدة على إيجاد حلول عملية، بما يخدم إنجاز المهام المطلوبة من الدولة اللبنانية.
لا توجد ضمانات حقيقية تحول دون توسع نطاق الحرب، إلا أنه في المقابل من غير المتوقع اندلاع حرب شاملة واسعة النطاق في المرحلة الحالية، إذ يترقب الجميع إجراء الانتخابات الإسرائيلية والإعلان عن تشكيل الحكومة الجديدة، وهو ما قد يفتح المجال أمام تغيير جذري في مقاربة رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو والمتطرفين الفاعلين معه داخل الحكومة.
ومن شأن هذا التحول المحتمل أن يوسع هامش العمل السياسي والدبلوماسي، ويفعل أدواته بشكل أكثر فاعلية، بما قد يسهم في إنهاء حالة الحروب المفتوحة في المنطقة.