تثيرُ التغريدات المتواصلة للسيناتور الجمهوري الأمريكي جو ويلسون جدلًا واسعًا في الأوساط السياسية العراقية، بعدما تناول فيها ملف الميليشيات المسلحة، وعلاقة البلاد بإيران، وارتهان بعض المؤسسات العراقية لنفوذ طهران.
وتأتي هذه التصريحات في ظل متغيرات إقليمية لافتة، أبرزها تغيير النظام في سوريا، وتراجع نفوذ الميليشيات المسلحة، بالتزامن مع عودة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى السلطة.
وفي آخر تعليق له عبر منصة "إكس" قال ويلسون: " النظام الإيراني لديه رئتان متبقيتان: العراق واليمن".
وطالب ويلسون بفرض عقوبات على مصرف الرافدين الحكومي، متهماً إياه بأنه "آلة" لغسيل أموال النظام الإيراني وعملائه للحصول على الدولار، فضلًا عن مهاجمته للمحكمة الاتحادية العليا، والميليشيات المسلحة، ودعا إلى ما أسماه "تحرير" العراق من إيران.
وأثارت تلك التصريحات جدلًا واسعًا في الشارع العراقي، حيث انقسمت الآراء بين من اعتبرها مجرد مواقف فردية للسيناتور ويلسون لا تمثل التوجه الرسمي لواشنطن.
ورأى آخرون فيها رسائل أمريكية تحمل إشارات واضحة إلى سياسة جديدة تجاه العراق، خاصة في ظل التوترات الإقليمية، وتغيّر موازين القوى في المنطقة.
وقال المحلل السياسي حسن العامري إن "تصريحات السيناتور الأمريكي جو ويلسون تحمل رسائل مبطنة تعكس مواقف معروفة تجاه العراق والمنطقة".
وأضاف العامري: "تأتي التصريحات في سياق التوجهات الأمريكية التي تعكس مخاوفها من النفوذ الإيراني في العراق، إلى جانب سعيها لتعزيز سيطرتها على موارد النفط".
وأوضح لـ"إرم نيوز" أن " الولايات المتحدة، بقيادة ترامب، تعمل على إعادة رسم خريطة المنطقة بما يخدم مصالحها الاستراتيجية، من خلال التأثير على المشهد السياسي العراقي، والضغط على الدول عبر ملفات اقتصادية ونفطية".
وأشار إلى أن "الطروحات التي تتحدث عن الحشد الشعبي في العراق، تمثل رغبة في إعادة تشكيل التوازنات الأمنية داخل العراق بما يحقق أهداف واشنطن".
وجو ويلسون هو سياسي أمريكي وعضو في الحزب الجمهوري، وُلد في 31 يوليو 1947 في تشارلستون، ساوث كارولاينا، حصل على درجة البكالوريوس في الفنون من جامعة واشنطن ولي.
ثم نال درجة الدكتوراة في القانون من جامعة ساوث كارولاينا، وهو يشغل عضوية لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب، ويُعرف بمواقفه الداعمة لحلفاء الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، ومعارضته للنفوذ الإيراني في المنطقة.
ويفتح ويلسون ملفات عميقة في العراق، تشمل: تهريب الدولار، ونفوذ الميليشيات المسلحة، وترهل مؤسسات الدولة، وغيرها من القضايا التي تشغل اهتمام العراقيين الساعين للإصلاح والتغيير، وسط تساؤلات حول مدى تأثير هذه التصريحات على المشهد السياسي العراقي.
وتواجَه تعليقات ويلسون بردود حادة من الأحزاب والقوى الحليفة لإيران، التي تعتبرها مواقف شخصية لا تمثل التوجه الرسمي للولايات المتحدة، بل تعكس رأيًا فرديًا يسعى لإثارة الجدل.
وتؤكد هذه الجهات أن واشنطن، رغم تباين مواقف إداراتها المتعاقبة، لا تزال تعتمد سياسة متوازنة تجاه العراق، تأخذ في الاعتبار تعقيدات المشهد السياسي، ومصالحها الاستراتيجية في المنطقة.
كما ترى بعض القوى أن هذه التصريحات تأتي ضمن حملة أوسع تستهدف التأثير على موازين القوى الداخلية، خاصة في ظل توترات المنطقة، وتنامي الحديث عن إعادة تشكيل التحالفات السياسية في العراق.
بدوره، قال الباحث في الشأن السياسي، هاشم الجبوري إن "الولايات المتحدة قد تتخذ خطوات تصعيدية ضد الفصائل المسلحة في العراق، سواء عبر عمليات عسكرية أو استهدافات مباشرة".
وأضاف الجبوري : "هذا ليس بعيدًا عن السياسة الأمريكية، خاصة في ظل الأوضاع الحالية، ومجيء ترامب إلى السلطة".
وبين لـ"إرم نيوز" أن "تصريحات السيناتور جو ويلسون تأتي في سياق أوسع من الضغوط الأمريكية، لكنها تحمل طابعًا أكثر حدة، حيث يستخدم لغة هجومية ومباشرة، مع توجيه الاتهامات بالأسماء".
وأردف: "لكن في المقابل، يفضل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إطلاق إشارات وإيحاءات دون تصريحات مباشرة".
ولفت إلى أن "هذه التصريحات، رغم حدّتها، قد لا تكون سوى أداة للضغط، حيث تستفيد واشنطن من الحكومة العراقية والطبقة السياسية، سواء من المؤيدين أو المعارضين، فالجميع، بشكل أو بآخر، يخدم المصالح الأمريكية".