تحليق لطائرات حربية مجهولة في سماء مدينة الميادين شرقي دير الزور
رأى خبراء عسكريون، أن اقتراب إعلان انتهاء المرحلة الأولى من خطة مصادرة الأسلحة جنوب نهر الليطاني في لبنان، يشكل اختباراً عملياً لمدى التزام الأطراف بالاتفاقات القائمة.
وبينوا لـ"إرم نيوز"، أن ما بعد جنوب الليطاني هو جوهر الإشكالية، إذ ترتبط المرحلة التالية بشروط ميدانية وسياسية معقدة، أبرزها التزام إسرائيل بتعهداتها، ودور الجيش في تنفيذ قرار حصر السلاح، وحدود الضغوط الأمريكية، ما يجعل الأيام المقبلة حاسمة ما بين التهدئة أو الانزلاق إلى تصعيد جديد.
وقال الخبير العسكري والاستراتيجي، بسام ياسين، إن الاتفاق على المرحلة الأولى تم في الـ27 من شهر نوفمبر/ تشرين الثاني 2024، ونص على سحب السلاح من منطقة جنوب الليطاني، موضحاً أن المطلب الأمريكي والإسرائيلي كان يقضي بسحب السلاح بموجب الاتفاق بدءاً من جنوب الليطاني وصولاً إلى كامل الأراضي اللبنانية، حيث تركز الضغط منذ البداية على تعميم عملية نزع السلاح في كل لبنان.

وأضاف لـ"إرم نيوز"، أن الحكومة اللبنانية قد أصدرت في شهر مايو/ أيار الماضي قراراً بحصر السلاح بيد الدولة، وكلفت الجيش بتنفيذه، وعلى إثر ذلك، وضعت خطة تضمنت المرحلة الأولى المتمثلة بسحب السلاح من جنوب الليطاني، على أن تنتهي بنهاية العام الجاري 2025، مشيراً إلى أن هذه الخطوة أعقبتها دعوات أمريكية تطالب بإنهاء حصر السلاح في كامل لبنان مع نهاية العام نفسه.
وأوضح الخبير ياسين، أن الجيش اللبناني ومنذ نحو أسبوع، نظم جولة استطلاعية للسفراء والملحقين العسكريين في منطقة جنوب الليطاني، بهدف التأكيد على أن المنطقة باتت بالكامل تحت عهدته، باستثناء المناطق التي لا تزال محتلة من قبل إسرائيل.
ولفت إلى أنه من المتوقع صدور بيان رسمي عن الجيش بعد مطلع العام الجديد يعلن فيه انتهاء المرحلة الأولى، بحيث تصبح منطقة جنوب الليطاني خالية من السلاح غير الشرعي وتحت سيطرة الجيش، مشيراً إلى أنه في حال وجود بعض المخازن المتبقية فإنها ستكون لأسباب لوجستية أو لعدم اكتشافها بعد، على أن يتم التعامل معها تباعاً.
وذكر الخبير العسكري ياسين أن هذه المرحلة، ومع انطلاق مفاوضات لجنة "الميكانيزم"، تستوجب أن تقابلها خطوات مماثلة من الجانب الإسرائيلي، بما يفتح المجال أمام لبنان للانتقال إلى المرحلة الثانية، التي تبدأ من شمال نهر الليطاني وصولاً إلى نهر الأولي، وهي منطقة أدرجت لاحقاً ضمن الاتفاق، ويتواجد فيها جزء كبير من ميليشيات حزب الله إضافة إلى مخازن ومواقع عسكرية.
وبيّن أن البدء بتنفيذ هذه المرحلة يتطلب انسحاب إسرائيل من كامل الأراضي اللبنانية المحتلة ووقف الطلعات الجوية، بما يسمح للجيش بتنفيذ مهامه بشكل تلقائي، وتسليم الحزب لسلاحه ومواقعه، معتبراً أن الإشكالية الأساسية تكمن في أنه في حال لم تلتزم إسرائيل بما هو مطلوب منها، فإن الجيش لا يستطيع المباشرة بالمرحلة الثانية، علماً أن منطقة جنوب الليطاني لم تشهد أي اعتراض على وضعها تحت عهدة الجيش وفق اتفاق 27 نوفمبر/ تشرين الثاني 2024.
ونوه إلى أن لبنان يقف اليوم أمام مرحلة مفصلية، تتعلق بإمكانية البدء بالمرحلة الثانية من عملية نزع السلاح أو الانتظار إلى حين التأكد من التزام إسرائيل بتعهداتها، مشيرًا إلى احتمال طرح حلول وسطية، من بينها انسحاب إسرائيل من 3 نقاط من أصل خمس نقاط محتلة، إضافة إلى ملفات تقنية مرتبطة بترسيم الحدود.
كما ذكر الخبير ياسين، أن الجانب الإسرائيلي يرى أن نزع السلاح من جنوب الليطاني، حتى في حال اكتماله، يجب أن يتبعه سحب السلاح من كامل الأراضي اللبنانية قبل قيامه بأي خطوة مقابلة، وهنا ما يشكل جوهر الخلاف القائم، إلا أن مفاوضات الميكانيزم المرتقبة قد تفضي إلى إيجاد حل وسط بين الطرفين.
وأكد أن لبنان يترقب المرحلة المقبلة، ومع مطلع العام الجديد سيكون إما أمام موجة تصعيد شاملة جديدة أو أمام مسار تهدئة يتم على مراحل.
من جانبه، قال الخبير العسكري والاستراتيجي جورج نادر، إن الخطة الموضوعة من قبل الجيش تنص على أنه في الـ5 من شهر يناير/كانون الثاني 2026، سيتم الإعلان رسمياً عن انتهاء المرحلة الأولى بشكل كامل، والتي تشمل نزع سلاح جنوب الليطاني ومصادرة الأنفاق ومستودعات الأسلحة وغيرها من المنشآت العسكرية.
وفيما يتعلق بالمرحلة الثانية، أوضح لـ"إرم نيوز"، أن هذه المرحلة يجب أن تشمل نزع سلاح شمال الليطاني، تنفيذاً للقرار 1701 ولاتفاق وقف الأعمال العدائية بين لبنان وإسرائيل.
وأشار الخبير نادر إلى أن مجلس الوزراء مطالب باتخاذ قرار بتكليف الجيش تنفيذ عملية نزع سلاح شمال الليطاني، مؤكداً أن الجيش أعد خطته، على أن يتم تنفيذها وفق جدول زمني ومناطق جغرافية محددة، على سبيل المثال الوصول إلى حدود نهر الأولي الذي هو حدود محافظة الجنوب كلها، بعد فترة زمنية معينة، وبحسب تواجد مقار حزب الله.
وأضاف أن الجيش بعد عرض خطته، سيكون عليه انتظار قرار السلطة السياسية المتمثلة بمجلس الوزراء بعد عرض خطته، لأخذ قرار بالبدء بمنطقة شمال الليطاني، وفي حال لم تأخذه هذا يعني تقديم العذر لإسرائيل لتقوم هي بهذه المهمة وفق ما تراه مناسباً لها.
وبيّن الخبير نادر أن البدء بمرحلة نزع شمال الليطاني سيصطدم بموقف حزب الله الرافض لتسليم سلاحه في هذه المنطقة، معرباً عن إمكانية إبرام صفقة أمريكية مع ميليشيا حزب الله، تؤمن أمن حدود إسرائيل، وهو ما تعتبره واشنطن أولوية، مقابل منح الحزب مكاسب سياسية داخلية، أو احتواء سلاحه والتعهد الدائم بعدم المساس بأمن إسرائيل والمستوطنات الشمالية.
واستشهد نادر في ختام حديثه، بكلام أمين عام حزب الله، نعيم قاسم الذي تحدث عن الالتزام بأمن المستوطنات الشمالية، وهو تعبير لم يكن متداولاً سابقاً في أدبيات الحزب.