هاجمت أوساط إسرائيلية بشدة وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، بعد اتهامه المحكمة العليا الإسرائيلية بالمسؤولية غير المباشرة عن حادث إطلاق النار على حافلة في القدس أمس الاثنين.
وكان بن غفير ظهر أمام كاميرات وسائل الإعلام بجانب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في موقع الحادث ووجه اتهاماته للمحكمة العليا لرفضها قراره الرامي إلى "تجويع" السجناء الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية.
ووجه الكاتب الإسرائيلي روغل ألبير انتقادًا لاذعًا للوزير بن غفير، مشيرًا في مقال نشرته صحيفة "هآرتس" صباح اليوم الثلاثاء، إلى أن بن غفير "كان يستمتع وهو في صفوف المعارضة بسفك دماء الإسرائيليين في مواقع الهجمات الإرهابية، أما الآن، وبصفته الوزير المسؤول عن حقن الدماء، آثر الكذب وصدَّر للجماهير رسائل مكتوبة بالدم".
وأضاف الكاتب قائلًا: "بن غفير وهو يقف بجانب نتنياهو في موقع الحادث الإرهابي، ربط بين الواقعة وتجويع السجناء الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، لكنه ونتنياهو نجحا للأسف في إطعام الإسرائيليين الكذب، خاصة عند الرجوع إلى قتلى إسرائيل منذ تولي بن غفير حقيبته الوزارية".
ولا يقل انتقاد كاتب "هآرتس" عن رفيقه المخضرم في "معاريف" بن كاسبيت، الذي وصف بن غفير ونتنياهو بـ"عاشقين في جهنم، يقفان جنبًا إلى جنب في موقع هجوم دموي جديد في القدس، ويزايد كلاهما على الآخر في إطلاق شعارات بالية تدين الإرهاب".
ولا يرى الكاتب الإسرائيلي جديدًا في "متاجرة بن غفير بدماء ضحايا ومصابي العملية الإرهابية في القدس"، مشيرًا إلى أنه اعتاد ذلك في أكثر من واقعة. وأضاف: "هذا هو الخداع الذي يجيد بن غفير تسويقه، يمارسه على الجميع منذ سنوات، ويحرز تقدمًا كبيرًا في تمريره".
لكن المشكلة، كما يقول الكاتب، تكمن في من وقف بجانب بن غفير أمس الاثنين في القدس، لأنه بعد خطاب بن غفير، فهم نتنياهو وأضاف على الفور بضع جمل، تضمنت هي الأخرى التلميح ذاته: "المحكمة، أنتم أيضًا في الحرب. أنتم أيضًا في هذه الحرب".
وأبدى بن كاسبيت اندهاشًا إزاء سماح نتنياهو لوزيره بالاقتراب منه، لا سيما وقد رفض في الماضي التقاط صورة مشتركة مع بن غفير، وقال في مقابلة تلفزيونية إن "بن غفير لن يكون وزيرًا في حكومة برئاستي"، وتحدث حينها عن كيفية رفضه "إشعال النار في الشرق الأوسط بأكمله" عشية الانتخابات، ورفض طلب بن غفير بالصلاة في الحرم القدسي.
ولم يسلم بن غفير أيضًا من سهام هجوم عنيف، أطلقته الكاتبة الصحفية ميكي ليفين، حين كتبت في صحيفة "معاريف" تقول: "شهدنا مشهدًا يجسّد بدقة الأزمة الأخلاقية والسياسية، التي نمر بها مع حكومة نتنياهو؛ فقبل أن يقدم رئيس الوزراء تعازيه لعائلات الضحايا، سارع إلى إرسال رسالة للمحكمة، يلغي فيها جلسة الاستماع التي كانت مقررة له أمس الاثنين، بسبب ما وصفه بالقيود الأمنية وادعائه ضرورة التوجه إلى موقع هجوم القدس".
وأشارت الكاتبة إلى أن بن غفير "وجه اتهامات لا أساس لها من الصحة ومؤسفة للمحكمة العليا، وكأن القضاة في القدس مسؤولون عن الهجمات الإرهابية لمجرد صدور حكم من المحكمة العليا أمس بشأن توفير الغذاء للسجناء الفلسطينيين".
في المقابل، تجاهل بن غفير تسونامي الانتقادات غير المسبوقة، وأجرى اتصالًا هاتفيًا أمس الاثنين بالمسلح المدني الحريدي (المتشدد دينيًا) الذي شارك شرطيا في إطلاق النار على منفذي حادث القدس.
ووفقًا لموقع jdn العبري، أشاد بن غفير بـ"بطولة مطلق النار"، واعتبر ما فعله ثمرة قرار تسليح المستوطنين منذ عدة أشهر لمواجهة ما وصفه بـ"الإرهاب الفلسطيني".
وقبل حادث القدس بـ24 ساعة، كان بن غفير اقتحم مدينة أم الفحم بداعي التدقيق بنفسه في "مخالفات البناء"، وهو ما أثار غضب سكان المدينة، الذي صرخوا في وجهه: "دمرت البلد وجئت لتقتلنا"؛ وحين طلب بن غفير الاطلاع على تراخيص البناء، قالوا له: "دعك من هذا واهتم أولًا بوقف سفك الدماء".
وفي تعليق على الواقعة، كتب رئيس بلدية أم الفحم، الدكتور سمير محاميد في حسابه على موقع إكس: "لم يأت بن غفير إلى أم الفحم للمساعدة، بل لزرع الدمار والانقسام والكراهية".
وأكد: "دوافعه سياسية ومثيرة للسخرية، خاصة أنها تهدف إلى مجرد الشهرة ولفت انتباه وسائل الإعلام على حساب حياة السكان الذين يحبون الحياة والمساواة".