ترامب يعلن أنه سيوجّه "خطابا إلى الأمة" الأربعاء
يعاين الفلسطينيون في غزة ما تصفه صحيفة "الغارديان" البريطانية بـ "الدمار النووي" في القطاع بعد عامين كاملين من الحرب الإسرائيلية، تتحول العودة إلى منازلهم المدمرة إلى "كابوس مرير".
وأظهرت الصور ومقاطع الفيديو دمارًا لأحياء بأكملها في غزة، محوّلًا مناطق واسعة إلى أنقاض غير قابلة للتمييز؛ إذ سُوّيت مساحات شاسعة من الشمال بالأرض، ومجتمعات كاملة محيت من الوجود، تاركة العائلات أمام خيارات قاسية.
وبات سكان القطاع بين خيارين مريرين: البقاء وسط الخراب أو العودة إلى مخيمات الجنوب بحثًا عن الطعام والماء، وسط غموض حول استمرار الهدنة التي بدأت قبل نحو أسبوع، استجابة لخطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للسلام.
وعلى الطريق الساحلي الشمالي، تحوّلت الرحلة إلى نهر بشري، حيث سار معظم العائدين على الأقدام حاملين ممتلكاتهم القليلة بعد نزوح متكرر، لكن ما وجدوه عند الوصول كان صدمة تفوق التصور.
في حي الشيخ رضوان شمال مدينة غزة، روت سهير العبسي، أم لسبعة أطفال تبلغ 50 عامًا، قصتها المؤلمة، وقالت: "كنت آمل أن أجد منزلي قائمًا، لكن الواقع كان عكس ذلك تمامًا. لم أستطع التعرف على المنطقة، فكل شيء مدمر بالكامل".
وأضافت أن أنقاض المنازل امتزجت ببعضها؛ ما جعل التعرّف على بقايا منزلها مستحيلًا، وقالت "الدمار هنا يفوق التصور، شيء لا يستوعبه العقل"، مشيرة إلى أنها شعرت وكأن قنبلة نووية ضربت المكان.
ولم يقتصر الدمار على قصف الدبابات، بل استخدم الجيش الإسرائيلي "روبوتات" مدرعة محمّلة بالمتفجرات لتفجير المنازل واحدًا تلو الآخر؛ ما قلل خسائره في الاقتحامات الحضرية. وقالت عبسي: "كنا نتنقل بين مناطق الشمال، لكن مع اشتداد القصف، هربنا إلى الجنوب لحماية العائلة". عند العودة، جلست وبكت مع أطفالها أمام الأنقاض، حيث ضاعت ذكريات 40 عامًا.
وفي الشيخ رضوان، لجأت بعض العائلات إلى ملاجئ مؤقتة، معلقة أقمشة وبطانيات بين الأعمدة الخرسانية المتبقية. في منزل لم يبقَ فيه سوى عمود واحد، جلست عائلة تحت ظله هربًا من الشمس. رغم الخراب، يشعر العائدون ببعض الطمأنينة من ذكرياتهم وشعور الانتماء.
أما في منطقة الشجاعية جنوب مدينة غزة، فقد واجهت سوزان الشياح صدمة مشابهة؛ إذ قالت: "لم أستطع تحديد موقع المنزل بدقة، فالأنقاض متداخلة والشوارع مدمرة بالكامل".
وأمضت العائلة أربعة أيام تبحث عن مكان للخيمة، مضيفة: "نركز على الحاضر؛ إذ لا وقت للتخطيط لمستقبل غامض"، وتخشى عودة الحرب قائلة إن إسرائيل تنتهك اتفاقياتها دائمًا، لكنها تدعو للسلام الدائم، وخططت العائلة للإقامة في بقايا مدرسة قريبة، حيث المياه محدودة.
بينما في جباليا شمال مدينة غزة، فقد عاد هاني عبد ربه، المقاول البالغ 60 عامًا، ليجد أربعة منازل لعائلته في حي الجورن تحولت إلى أكوام أنقاض، وقال "أُصبت بجلطة دماغية وفقدت الوعي من هول الصدمة".
كما فقد عبد ربه حفيده وابنه في الحرب: الأول قُتل في ملجأ، والثاني اختفى أثناء بحثه عن طعام. واليوم يخطط لنصب خيمة على الأنقاض، رغم نقص الإمدادات؛ إذ أفادت الأمم المتحدة بفقدان نصف شحنات الخيام بسبب النهب.
ويفاقم الوضع شح المياه في الشيخ رضوان، تلوث الخزان بأنابيب الصرف المحطمة، وتضررت محطة الضخ، مع تأخر إصلاحها بسبب تقطع الوصول عبر المعابر. كما دُمرت محطة تحلية المياه شمال غزة جراء القصف، وقد يستغرق ترميمها شهورًا.
ورغم ذلك، يصر عبد ربه: "ولدت هنا، ونشأت هنا، وسأموت هنا في جباليا".