logo
العالم العربي
خاص

اتفاق التهدئة في السويداء.. رسائل متبادلة أم قواعد اشتباك جديدة؟

اتفاق التهدئة في السويداء.. رسائل متبادلة أم قواعد اشتباك جديدة؟
قوات عشائرية في ريف السويداءالمصدر: رويترز
19 يوليو 2025، 12:59 م

رغم إعلان عدد من الأطراف المحلية والدولية وقفَ إطلاق النار في محافظة السويداء السورية، والدعوة إلى الالتزام به، تواصلت الاشتباكات في محيط مدينة السويداء (مركز المحافظة)، في خرق مباشر للاتفاق من قبل المجموعات المسلحة المهاجِمة، وفق ما أفادت به مصادر محلية لـ"إرم نيوز".

كذلك أكدت المصادر رغبة جميع الفصائل المحلية في السويداء بالالتزام ببنود اتفاق وقف إطلاق النار، في حين لم تستجب بعض التشكيلات المسلحة المُهاجِمة من أبناء العشائر لقرار وقف إطلاق النار، ولا للدعوات التي أطلقتها الرئاسة الانتقالية السورية، وكذلك شيوخ العشائر الذين دعوا في بيانٍ مقاتليهم إلى الانسحاب من نقاط الاشتباك في السويداء.

أخبار ذات علاقة

مسلحون تابعون للعشائر في السويداء

سوريا.. اتهامات للعشائر والحكومة بخرق اتفاق التهدئة في السويداء

 تفاصيل الاتفاق

المصادر المقربة من الفصائل المحلية في السويداء أفادت في تصريحات لـ"إرم نيوز" بأنها اضطُرّت إلى الرد على مصادر النيران، وطلبت في الوقت نفسه من وجهاء المحافظة التواصل مع الأطراف الراعية للاتفاق، للتدخل ووقف أي خرق من قِبل عناصر القوات المُهاجِمة.

في سياقٍ موازٍ، كشفت المصادر ذاتها لـ"إرم نيوز" تفاصيل الاتفاق الذي أشار إليه المبعوث الأمريكي إلى سوريا، توم باراك، والذي قال إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، والرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع، قد وافقا عليه بدعم أمريكي، مشيراً إلى أن الاتفاق حظي بتبنٍ من تركيا والأردن ودول الجوار.

ويقضي الاتفاق بحسب المصادر؛ بنشر حواجز تابعة للأمن العام في وزارة الداخلية الانتقالية السورية؛ خارج الحدود الإدارية لمحافظة السويداء. 

 ويهدف هذا الانتشار إلى تطويق بؤر التوتر ومنع أي محاولات تسلل إلى داخل المحافظة، إلى جانب فرض حظر مؤقّت على دخول أي جهة إلى القرى الحدودية لمدة 48 ساعة، لإتاحة المجال أمام انتشار القوات الأمنية للطرف المقابل، وتجنّب أي هجمات مباغتة قد تُفجّر الوضع من جديد.

أخبار ذات علاقة

مقاتلو العشائر في السويداء

سوريا.. "عشائر الجنوب" تعلن الالتزام التام بقرار وقف إطلاق النار

 كما تضمّن الاتفاق بنداً يمنع أفراد الفصائل المحلية في السويداء من مغادرة الحدود الإدارية للمحافظة، مع التأكيد على ضرورة تجنّب أي تحركات قتالية أو سلوكيات استفزازية. وفي حال وقوع أي خرق لبنود الاتفاق، فإن المسؤولية ستُحمَّل للطرف الذي ارتكب الخرق، بشكل فردي ومنفصل عن باقي الأطراف.

وأشارت تفاصيل الاتفاق بحسب مصادر "إرم نيوز" إلى السماح لمن تبقّى من أبناء العشائر في مناطق محافظة السويداء بالخروج الآمن لمن يرغب، وبمرافقة أمنية من الفصائل المحلية داخل المحافظة. كما نصّ الاتفاق على تخصيص معابر للحالات الطارئة والإنسانية عبر منطقتي بصرى الشام وبصرى الحرير، التابعتين إدارياً لمحافظة درعا، والواقعتين بالقرب من الحدود الإدارية الغربية والشمالية الغربية لمحافظة السويداء.

ولم يتضمن الاتفاق أية آلية مساءلة، أو ضمانات واضحة للمحاسبة على أي تجاوزات أو انتهاكات حصلت من جميع الأطراف في أحداث التصعيد في السويداء.

ووفق ما أفادت به المصادر يبقى "الغائب الأكبر هو العدالة، في ظل غياب إطار قانوني أو هيئة مراقبة مستقلة، ما يجعل الاتفاق في أحسن الأحوال حالة تهدئة قابلة للنكوص".

أخبار ذات علاقة

مسلحون في محافظة السويداء

اتفاق السويداء.. تفاصيل وقف إطلاق النار بين إسرائيل وسوريا

 ماذا بعد الاتفاق في السويداء؟ 

الكاتب والمحلل السياسي، مهند الحاج، اعتبر خلال حديثه لـ "إرم نيوز" تعليقاً على اتفاق وقف إطلاق النار في السويداء، أن مثل التفاهمات باتت جزءاً من صورة أكبر تتكشف تدريجياً في الجنوب السوري، فبعد سقوط النظام السوري السابق، دخل الجنوب في حالة من الفراغ السيادي المعقّد، وبرزت قوى إقليمية كأطراف رئيسة في إدارة الملفات الحساسة.

وأضاف "اليوم، تُنسّق إسرائيل أمنياً، وتضغط الولايات المتحدة دبلوماسياً، وتُراقب عمّان بحذر حدودها الشمالية، فيما تُحاول السلطة السورية الانتقالية ألا تخسر السيطرة الرمزية على المحافظة، عبر تفاهمات جزئية مع الزعامات الروحية والوجهاء المحليين".

فيما لفت المحلل السياسي إلى بروز السويداء كأحد النماذج التي تعبّر عن شكلٍ من "اللامركزية التفاوضية غير المُعلنة"، "إذ تدير شؤونها الأمنية والخدمية بدرجة من الاستقلالية، دون أن تخرج عن الإطار الوطني، ودون إعلان قطيعة مع العاصمة. فهي لا تنطلق من رغبة في الانفصال، بل من واقع فرضه الفراغ الأمني وتراكم مطالب الحماية المجتمعية، ضمن معادلة دقيقة تحاول فيها القوى المحلية ضبط التوازن بين حفظ الأمن الذاتي والحفاظ على الشكل السيادي للدولة".

أخبار ذات علاقة

السويداء

الاتحاد الأوروبي يرحب بوقف إطلاق النار في سوريا

 ليست السويداء وحدها التي تشهد تحوّلات دقيقة في شكل العلاقة بين الأطراف المحلية والدولية. جنوب سوريا بأكمله يتحرّك نحو نمط جديد من الترتيبات الأمنية، تُنسَج خيوطه عبر قنوات غير معلنة.

وفيما تتبلور معادلات النفوذ تدريجياً من خلال تفاهمات ميدانية واتصالات غير مباشرة، تعكس تداخلاً متزايداً للمصالح الدولية والإقليمية، مع غياب إطار سياسي شامل يُنظّم هذه التفاهمات الميدانية، يبقى الجنوب السوري مرشحاً لمزيد من الترتيبات الأمنية المتفرقة، التي قد ترسّخ نماذج جديدة من الإدارة المحلية، أو تُمهّد لتحوّلات أوسع في شكل الدولة السورية ووظائفها، ضمن معادلات إقليمية لم تكتمل بعد.

;
logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC