logo
العالم العربي

إسرائيل ودروز سوريا.. حماية أم وصاية؟

إسرائيل ودروز سوريا.. حماية أم وصاية؟
من احتجاجات الدروز في إسرائيلالمصدر: منصة إكس
30 أبريل 2025، 3:44 م

وسط تصاعد التوتر بالمناطق الدرزية في دمشق، وسقوط قتلى، تعالت أصوات إسرائيلية تطالب، علنًا، بالتدخل لحماية هذه الأقلية الدينية، التي تحتفظ بامتدادات اجتماعية وأقارب داخل إسرائيل.

وتعكس العلاقة بين أبناء الطائفة على طرفي الحدود نموذجًا معقدًا للعلاقة العابرة للأوطان بين الأقليات، ذلك أن إسرائيل في الأدبيات الرسمية هي "عدوة"، وتحتل هضبة الجولان السورية، وبالتالي فإن التواصل غالبًا ما يتم تفسيره سياسيًا وأمنيًا، وفق خبراء.

ورغم حساسية هذه العلاقة، التي تتداخل فيها العوامل الدينية والسياسية والأمنية، فضلًا عن معضلة الهوية، فإن الخطاب الرسمي الإسرائيلي لم يعد يجد حرجًا في الإعلان عن التدخل لحماية  دروز سوريا، الذين لهم أقارب لديها، وهو ما يطرح تساؤلات عن حقيقة الهدف الإسرائيلي.

أخبار ذات علاقة

سوريا

"حماية الدروز".. كيف يؤثر تدخل إسرائيل على موازين القوى في سوريا؟ (فيديو إرم)

 خصوصية دينية  

وتتمتع الطائفة الدرزية بخصوصية دينية واجتماعية تدفعها إلى الحذر من الانخراط في ألاعيب السياسة، وهو ما يفسر مواقفها المحايدة إلى حد بعيد، خلال سنوات الأزمة السورية، وكذلك تحفظها في الترحيب بالحكم السوري الجديد، الذي يغلب عليه نوع من التشدد الإسلامي، بحسب بعض النخب من أبناء الطائفة.

ويبلغ عدد الدروز في سوريا، والذين يتركزون في محافظة السويداء، جنوبي البلاد، نحو 700 ألف، بينما يبلغ تعدادهم في إسرائيل نحو 150 ألفًا، يتركزون في مناطق مثل الجليل والكرمل، وقد تم إدماجهم، بحسب خبراء، كمواطنين في دولة إسرائيل مع فرض الخدمة العسكرية عليهم رغم احتفاظهم بهويتهم الدينية المميزة التي تربطهم بإخوانهم في سوريا ولبنان والأردن.

وكان متوقعًا أن يهب هؤلاء للدفاع عن أبناء طائفتهم في سوريا، خاصة بعدما شهدت أماكن تواجدهم توترات، إذ شعروا بالتهديد، وهو ما ترجم على أرض الواقع عبر الاشتباكات التي شهدتها مناطقهم المتواصلة حتى اللحظة؛ بسبب تسجيل ينطوي على "تجييش طائفي".

وفي هذا السياق، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، اليوم الأربعاء، في بيان مشترك مع وزير الدفاع يسرائيل كاتس، إن الجيش الإسرائيلي نفذ ضربة تحذيرية ضد "متطرفين" كانوا يستعدون لمهاجمة الدروز في منطقة صحنايا، جنوب دمشق.

من جانبه، دعا الزعيم الروحي للطائفة في إسرائيل موفق طريف، إسرائيل والمجتمع الدولي والشعب اليهودي إلى التحرك الآن، فورًا، لمنع المذبحة الجماعية" ضد التجمعات الدرزية حول دمشق.

وشدد طريف: "يجب ألا تقف دولة إسرائيل مكتوفة الأيدي أمام ما يحدث الآن في سوريا"، وفق صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية.

ورغم الانقسام في المجتمع الدرزي السوري حيال دعوات الحماية هذه، بين من يرحبون بها، وآخرون يرفضونها، غير أن مراقبين يرون أن هذا التعاطف الإسرائيلي يعكس نيات سياسية.

ويرى خبراء أن الهدف الإسرائيلي هو التشويس على الحكم الجديد، وخلط الأوراق لـ"منع" إقامة خلافة إسلامية على شواطئ المتوسط"، كما صرح أكثر من مسؤول إسرائيلي.

ويحاجج الخبراء بأن سوريا شهدت الكثير من المآسي والمذابح خلال السنوات العشر الماضية، غير أن إسرائيل ظلت مراقبة دون أن تتدخل، فلماذا تهب الآن لنجدة الدروز؟

ورغم التصريحات التي أطلقها الرئيس السوري أحمد الشرع لطمأنة إسرائيل، بأن دمشق لن تشكل تهديدًا لجارتها، غير أن تل أبيب ظلت حذرة ومتوجسة من الحكم الجديد في سوريا.

ورقة ضغط

ووفق هذه الرؤية الإسرائيلية، فإن خبراء يرون أن مسألة حماية دروز سوريا التي تتمسك بها تل أبيب، ما هي إلا ورقة ضغط، إذ يسعى نتنياهو إلى فرض نوع من الوصاية على جزء من المجتمع السوري، والسعي لاستثمارهم في مشاريعه السياسية.

ورغم ذلك، يحذر خبراء من أن التحفظ الذي أبداه الدروز حيال أي تدخل إسرائيلي في سوريا لحمايتهم قد يتغير، بالنظر إلى ما يتعرضون له من تهديد في مناطقهم، وهو ما قد يفتح الباب واسعًا أمام احتمال نشوب حرب أهلية ذات طابع طائفي.

ويلاحظ خبراء أن التهديد الذي يحيط بدروز سوريا بات حقيقة، مشيرين إلى أن الحكومة السورية هي المسؤولة أولًا وأخيرًا عن إطفاء هذا الاحتقان الطائفي، بهدف احتوائه، ومنع أي تدخل خارجي.

إضاءة تاريخية

ونشأت الطائفة الدرزية، أحد المذاهب الإسلامية، في بدايات القرن 11 الميلادي في عهد الدولة الفاطمية في مصر، وانتشرت لاحقًا في بلاد الشام في كل من لبنان، وسوريا، وفلسطين، وجزء صغير في الأردن، واستقر معظمهم في المناطق الجبلية الصعبة والوعرة جغرافيًا، خشية على هويتهم كأقلية.

وتتميز العلاقة بين دروز سوريا وإسرائيل بطابع خاص، فقبل تأسيس دولة إسرائيل في عام 1948، لم تكن هناك حدود سياسية تفصل بين دروز جبل العرب في سوريا ودروز الجليل والكرمل في فلسطين التاريخية، إذ كانت تربطهم علاقات قرابة، وعشائر، فعائلات درزية معروفة في سوريا مثل الأطرش، وأبو فخر، على سبيل المثال، لهم أقرباء في الجليل والكرمل.

يضاف إلى ذلك أن الزعامات الدينية (مشايخ العقل) كانوا يتبادلون الزيارات والفتاوى، ناهيك من مشاركتهم معًا في ثورات ضد السلطنة العثمانية والانتداب الفرنسي، والذي برز خلالها الزعيم الدرزي المعروف سلطان باشا الأطرش.

أخبار ذات علاقة

من لقاء الدروز السوريين والإسرائيليين في الجولان

ما سرّ تدخل إسرائيل لدعم دروز سوريا؟

 "وادي الصراخ" 

لكن هذا الواقع تغير جذريًا مع تأسيس إسرائيل، إذ تفرقت الطائفة على جانبي الحدود، وانقطعت الاتصالات إلا في نطاق ضيق، وكانت الاتصالات تتم عبر الحدود في ما سمي بـ"وادي الصراخ" على تخوم الجولان السوري، حيث كان الدروز يتجمعون في يوم محدد على جانبي الحدود للقاء عن بعد، ومخاطبة بعضهم عبر مكبرات الصوت.

ورغم أن وفودًا من دروز سوريا زاروا إسرائيل بعد سقوط نظام بشار الأسد، غير أن تلك الزيارات كانت ذات طابع ديني بحت، بعيدًا عن السياسة.

غير أن المستجدات الأخيرة، وفقًا لخبراء، قد تغير هذا الواقع، وتدفع الدروز على جانبي الحدود للتكاتف من أجل منع التهديدات التي قد تقوض خصوصيتهم الدينية والاجتماعية.

;
logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC