قال سفير فرنسا لدى إسرائيل فريدريك جورنيس، إن الدولة الفلسطينية التي اعترفت بها حكومة باريس ستكون صغيرة جدًا ومنزوعة السلاح.
وأشار جورنيس إلى أن تلك الدولة لن تؤثر بشكل أو بآخر على إسرائيل، ولن تُدرَج حماس ضمن هيكلها القيادي، كما لن يكون لحماس أي تواجد في قطاع غزة في اليوم التالي للحرب.
وفي حوار لقناة 12 العبرية اليوم الجمعة، لم يعزل جورنيس اعتراف بلاده بدولة فلسطينية عن "منظور واسع النطاق، يشمل اتفاقية تطبيع بين الدولة الفلسطينية الوليدة وإسرائيل"، بالإضافة إلى حتمية استقرار قطاع غزة بحكومة جديدة من دون حماس.
وبلهجة دبلوماسية، رفض السفير الفرنسي اتهام إسرائيل بلاده بمعاداة السامية، موضحًا أنه "حين يتخذ الإليزيه خطوة سياسية، لا يمكن الربط بينها وبين "منظمة إرهابية".
وأشار إلى أن قرار الاعتراف بدولة فلسطينية جاء ردًا على استمرار الحرب في قطاع غزة، ولم يكن بحال من الأحوال تشجيعًا لحماس على ممارستها تجاه إسرائيل.
وأقر فريدريك جورنيس بأنه شخصيًا يدرك المعاناة التي تعيشها إسرائيل منذ ما يقرب من عامين، وأضاف بشكل قاطع: "لم تكن لدينا أي نية للعمل ضد إسرائيل".
واستطرد: "نعد إسرائيل صديقًا وشريكًا مهمًا وقيّمًا في إرساء استقرار طويل الأمد في الشرق الأوسط، تربطنا علاقات إنسانية وتعاونية عميقة وطويلة الأمد مع إسرائيل، وبصراحة، جميع المشاكل التي واجهناها مرتبطة بغزة، وبعدها ما يحدث في الضفة الغربية".
وفيما يخص دعاوى إسرائيل دعم بلاده لحماس، نفى جورنيس كل ما يتعلق بذلك، موضحًا أنه وحكومة باريس لم يترددوا غير مرة في دعوة حماس إلى إطلاق سراح الرهائن.
وأضاف: "كان لدينا ثمانية رهائن، ثلاثة منهم انتحروا، فقدنا أكثر من خمسين من مواطنينا، ونحن الدولة الوحيدة في العالم التي خصصت يومًا وطنيًا لإحياء ذكرى ضحايا السابع من أكتوبر، لطالما اعتبرنا حماس منظمة إرهابية، وطالبنا بالإفراج عن الرهائن، ونحمِّل حماس كامل المسؤولية عن بدء هذه الحرب، أكدنا ذلك علانية مرارًا وتكرارًا".
ووضع "رجل ماكرون في إسرائيل" ما اعتبرها خطة طريق للتعاطي مع الأزمة في قطاع غزة، مشيرًا إلى أنه لا بد من الحيطة والحذر، للحيلولة دون السقوط في فخ حماس.
وأردف: "حماس منظمة إرهابية، لا ترغب في حل الدولتين، بل تريد تدمير إسرائيل بالكامل، وهذه كانت سياستها دائمًا، بالتأكيد، هذا هو خط حماس، وهذا ما أؤمن به، نعتقد أيضًا أن إسرائيل حققت زخمًا هائلًا خلال العامين الماضيين، حين تمكنت من تدمير حزب الله، ووجهت ضربات قاسية للبرنامج النووي الإيراني".
الدبلوماسي الفرنسي أكد في حواره للقناة الإسرائيلية أنه "لا يمكن السماح لحماس بالوصول للسلطة في الضفة الغربية، ولن يُسمح لها بالمشاركة في الانتخابات، ولا بد للجميع من تحمُّل المسؤولية إزاء هذا الهدف، بما في ذلك السلطة الفلسطينية نفسها، وأضاف: "قد لا يكون ذلك كافيًا بالنسبة لإسرائيل وبالنسبة لنا (فرنسا) أيضًا، لكن علينا أن نبدأ من نقطة ما، وإلا لن تنتهي الحرب أبدًا".
وفي رد على سؤال يعزو إعلان فرنسا اعترافها بدولة فلسطينية إلى اعتبارات سياسية، تهدف إلى تهدئة مشاعر المسلمين في فرنسا، قال جورنيس: "إطلاقًا، لا يتعلق الأمر بتهدئة الجالية المسلمة على وجه الخصوص، وإنما تهتم فرنسا بامتصاص أو احتواء إثارة الرأي العام الفرنسي من خلال اليسار المتطرف؛ فهو الفصيل المسؤول عن إثارة مشاعر الرأي العام في فرنسا وأوروبا ضد إسرائيل، بهدف تعزيز معاداة السامية، وكسر وسطية الصوت المعتدل".
وفي تعليق على سؤال آخر من محاور قناة 12 الإسرائيلية عوفر حداد، قال جورنيس: "إذا تركنا كل شيء للمتطرفين، يصبح الانتصار حليفًا لهم، لذلك كان على الجانب المعتدل في فرنسا وخارجها بما في ذلك الرئيس إيمانويل ماكرون أن يفعل شيئًا".
وتابع: "نحن ندرك تمامًا أن وجود دولة يهودية على هذه الأرض حق مشروع، وندعمه، لكننا نؤمن أيضًا أن الفلسطينيين موجودون هنا، ولن يختفوا، في مرحلة ما يتعين على الفلسطينيين القبول بحق تقرير المصير كأي دولة أخرى، وأن يصبح لهم بلد ولو صغير جدًا، في نهاية المطاف، نحن نطرح مقترحًا، وهذه مهتمنا".
وفي محاولة لتأكيد الإجراءات الموالية لإسرائيل، والتي اتخذتها فرنسا على الأرض بعد 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، قال جورنيس: "حين شهدنا بداية معاداة السامية في فرنسا، نشرنا ما يربو على 15 ألف شرطي في الشوارع لحراسة أماكن تجمع الجالية: المعابد اليهودية، والمراكز الثقافية، والمتاجر، والمدارس. ويمثل هذا العدد الشرطي نصف عدد الأفراد الذين نشرناهم في باريس خلال دورة الألعاب الأولمبية. لذا، بذلنا جهدًا هائلًا في مجال فرض الأمن".
في هذا الخصوص أيضًا، أوضح سفير فرنسا لدى إسرائيل أن بلاده، مررت قانونًا في 31 يوليو/ تموز الماضي، لضمان تطبيق القانون والعقوبة على أي شخص يعادي السامية في مؤسسات التعليم العالي (الجامعات).
وأشار إلى أن فرنسا هي الدولة الوحيدة التي أدرجت هذا القانون في لوائحها، وأكد أن هذه الخطوة جاءات على خلفية ما شاهدته باريس من ظواهر معاداة السامية في مختلف جامعات العالم.
وأشار جورنيس إلى أن ظاهرة معاداة السامية (رغم قلتها قياسًا بدول العالم) في فرنسا تثير بالغ قلقه.
وأضاف: "هذا الموضوع صدمني جدًا، قلبي محطم لما شاهدته هناك، لا سيما أن حالات معاداة السامية في فرنسا تضاعفت ثلاث مرات عما كانت عليه قبل عامين، لا أريد لبلدي أن يبقى على هذه الحال، لكنني أتألم عندما يقول لي الإسرائيليون إن ما أفعله أنا شخصيًا، يغذي معاداة السامية".