ترامب يعلن أنه سيوجّه "خطابا إلى الأمة" الأربعاء
شهد ختام العام الثاني من الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، موجة اعترافات أوروبية وغربية بالدولة الفلسطينية، وهي الخطوة التي انتقدتها الولايات المتحدة وإسرائيل بشدة، واعتبرتها تل أبيب "مكافأة" لحماس بعد هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول عام 2023.
ورغم محدودية تأثير هذه الاعترافات في تجسيد قيام الدولة الفلسطينية على أرض الواقع، في ظل إجراءات إسرائيلية خنقت السلطة الفلسطينية وتنذر بانهيارها، وواقع يفرضه توسيع الاستيطان، والتمهيد لبسط السيطرة الإسرائيلية على الضفة الغربية، إلا أن هذه الخطوة اعتبرها الفلسطينيون خطوة نحو "حلم الدولة".
وأصبحت 150 دولة في العالم من أصل 193 تعترف بالدولة الفلسطينية، بعد إعلانات متلاحقة من فرنسا وبريطانيا وكندا وأستراليا وإيرلندا ولوكسمبورغ، ودول أخرى، تتويجًا لجهد دبلوماسي قادته السعودية وفرنسا عبر مؤتمر "حل الدولتين" الذي أقيم في نيويورك سبتمبر/أيلول الماضي.
وتسابق قادة من حماس في نسب الفضل لموجة الاعترافات هذه للحرب التي بدأتها الحركة عقب عملية "طوفان الأقصى"، واعتبرتها حماس نتيجة مباشرة لهذه العملية، في حين ترى السلطة الفلسطينية أن جهدًا دبلوماسيًا متراكمًا، وحراكًا عربيًا هو ما قاد لهذه الخطوة.
حماس.."سردية سلبية"
وقال أستاذ العلوم السياسية والقانون الدولي رائد موسى، إن "سردية المقاومة التي تتبناها حماس أثّرت سلبًا على جهود السلطة الوطنية في الحصول على الاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية".
وأضاف موسى لـ"إرم نيوز": "خطاب السلطة يستند إلى احترام القانون الدولي والاتفاقيات، في حين تطرح حماس خطابًا رافضًا للاعتراف بإسرائيل، ما يثير تردد الدول في الاعتراف بفلسطين".
وأشار إلى أن الانقسام الفلسطيني يقلل من مصداقية السلطة كشريك جاهز لقيام الدولة، أمام العالم، وهو ما حاولت إسرائيل اللعب عليه خلال السنوات الماضية لدعم فرضية غياب شريك فلسطيني للسلام.
وقال : "تأثير سردية حماس على الاعتراف الدولي بفلسطين يظل محدودًا رسميًا، إذ لا تزال الدول تتعامل مع السلطة الوطنية باعتبارها الممثل الشرعي والرسمي للشعب الفلسطيني ومتوافقة مع الشرعية والقانون الدوليين".
لكنه استدرك بالقول إن "الخطاب الدبلوماسي للسلطة الفلسطينية نجح في استثمار التعاطف الدولي مع القضية الفلسطينية، وتمّكن من انتزاع اعترافات متزايدة بالدولة، ودفع نحو طرح خطة دولية فعلية لتجسيد حل الدولتين".
وأردف أن "اللحظة الحالية هي انتصار للخطاب الفلسطيني أمام الرأي العالمي، دون الحاجة لتغيير جوهري في مضمونه".
وتابع: "الخطة تجلّت بإعلان نيويورك الذي تقوده السعودية بدعم فرنسي، وهو دليل على نجاعة خطاب الطمأنة الذي تبنّته السلطة، واستعدادها لقيام دولة فلسطينية ملتزمة بالشرعية الدولية".
وأضاف: "الاحتلال الإسرائيلي، بممارساته الوحشية والعلنية خلال الحرب، هو ما وفّر الفرصة لتعزيز هذه الرواية، بعدما عرّى نفسه أمام العالم، ودمّر سرده القائم على مفاهيم عنصرية وأكاذيب لم تعد مقبولة في المجتمع الدولي".
وأوضح أن حركة حماس وعبر خطاب إعلامي تبنته منابر مؤيدة لها أسهمت في تقديم الحرب الإسرائيلية على غزة كصراع مسلح متكافئ، عبر تضخيم بصري وصوتي للعمليات المحدودة التي تنفذها، لافتًا إلى أن ذلك أضعف الرواية الفلسطينية فيما يتعلق بالسلام.
دبلوماسية فلسطينية وعربية
من جانبه، قال المحلل السياسي إياد جودة إن "الدبلوماسية الفلسطينية ظّلت تعمل بلا كلل حتى نالت اعترافات من دول العالم الحر، وحصلت على عضوية في الأمم المتحدة".
وأضاف لـ"إرم نيوز": "حرب الإبادة الجماعية التي تعرض لها الفلسطينيون في قطاع غزة رافقها عمل دبلوماسي فلسطيني وعربي أدى إلى اعترافات جديدة من دول عدّة".
وتابع: "الاعترافات المتتالية بدولة فلسطين، خصوصًا من دول كبرى مثل فرنسا وبريطانيا، تمثل خطوة لا يمكن تجاهلها، خاصة وأن بريطانيا كانت ذات دور محوري في تأسيس الأزمة الفلسطينية عبر وعد بلفور".
ومضى قائلا: "الآلة الدبلوماسية الفلسطينية كانت العامل الرئيس وراء هذه الاعترافات التي جاءت نتيجة نضال مستمر من أجل إحقاق الحق الفلسطيني".
واستدرك أن "هذه الاعترافات يجب أن تتجاوز مجرد الشعور بالذنب أو الاكتفاء بالاعتراف فقط، فلا يكفي أن تكون مجرد تصريح رمزي بعد كل ما تعرض له الشعب الفلسطيني".
واستطرد: "من الواجب على هذه الدول أن تضغط بقوة لإجبار إسرائيل على وقف ممارساتها القمعية بحق الفلسطينيين، وأن تكون جزءًا فاعلًا في تحقيق إقامة الدولة الفلسطينية على الأرض، خاصة في ظل محاولات قطع التواصل الجغرافي بين الضفة الغربية وقطاع غزة".
واعتبر جودة أن السؤال الملح حول الاعترافات المتتالية بدولة فلسطين، هو الإجابة عما إذا كانت مجرد وسيلة لتخفيف الحرج عن هذه الدول أمام شعوبها، بعد المآسي التي تعرض لها الشعب الفلسطيني، أم أنها تعكس إدراكًا حقيقيًا بضرورة الانحياز للحق الفلسطيني في الوجود وتقرير مصيره.