ترك قبول حماس المشروط لخطة السلام التي طرحها الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، المتشدّدين في طهران في حالة من الارتباك، يتأرجحون بين توقعات الرفض والإشادة، بينما يراقب منتقدوهم في حيرة كيف يتفوق عليهم الحليف الفلسطيني.
وكانت وسائل إعلام متشددة مثل صحف "كيهان"، و"هامشهري"، و"جام جم"، توقعت أن ترفض حماس الاقتراح، وبمجرّد أن أصدرت المجموعة ردها المفصل، سارعوا إلى الالتزام به.
وحدّد موقع "صدى إيران"، المرتبط بمكتب المرشد الأعلى، النغمة من خلال رفض مبادرة ترامب باعتبارها "محاولة للهروب من الطريق المسدود"، لكنه أشاد بإجابة حماس باعتبارها "ذكية".
وأصرّت قناة "نور نيوز"، المرتبطة برئيس جهاز الأمن الوقائي السابق علي شمخاني، على أن حماس "قبلت بذكاء فقط الأجزاء من خطة ترامب المتعلقة بالإفراج عن الرهائن ووقف الحرب، في حين رفضت نزع السلاح ووجود القوات الأجنبية"، وفق قوله.
وأضافت أن إشادة ترامب السريعة أظهرت "حاجته للرهائن" ونصر سياسي لجائزة نوبل، وليس إنجازًا حقيقيًّا. كان الخط واضحًا: مرونة حماس مقبولة فقط إذا كانت تنسجم مع "منطق المقاومة" الإيراني.
وعزز المتحدث السابق باسم وزارة الخارجية ناصر كنعاني السيناريو، واصفًا خطوة حماس بأنها "مسؤولة وذكية" ودليل على أن "المقاومة لا تزال تملك زمام المبادرة على الصعيدين الدبلوماسي والميداني"، وفق قوله.
ووفق تقرير لقناة "إيران إنترناشونال"، فقد عزف متشددون آخرون أشكالًا مختلفة من الموضوع، ولم يضربوا النغمة ذاتها، لكنهم لم يختلفوا كثيرًا.
ووصفت صحيفة "وطن امروز" اقتراح ترامب بأنه "خطة خادعة" من شأنها "تهميش حماس وتحويل غزة إلى منطقة منزوعة السلاح تحت الإشراف الإسرائيلي والأمريكي، دون ضمانات للاجئين أو إنهاء الحصار".
ومع ذلك، فقد اعترفت بأن رد حماس "نعم، ولكن..." أعطى المجموعة نفوذًا وأبقى المحادثات حية.
لكن أحمد جنجان، الناشط السياسي المقرب من رئيس مجلس النواب محمد باقر قاليباف، انتقد زعيم حماس الراحل يحيى السنوار قائلًا: "لم يدمر تصرف السنوار المنفرد خطة اليوم صفر بأكملها فحسب، بل إن حماس قبلت السلام الليلة، فقط بعد تدمير محور المقاومة".
وقد تردد صدى غضبه في أذهان قائد فيلق القدس إسماعيل قاآني، الذي اعترف بأنه "لم يتم إبلاغ إيران ولا حتى إسماعيل هنية" بعملية حماس في السابع من أكتوبر/تشرين الأول مسبقًا، وهو اعتراف نادر يقوض ادعاء طهران بالتنسيق.
وخارج الدوائر المتشددة، فإنّ النبرة مختلفة بشكل ملحوظ: مزيج من اللوم والسخرية.
وكتب المعلق الإصلاحي أحمد زيد آبادي على قناته على تيليغرام: "أتمنى أن يتمكن المتشددون أنفسهم من إظهار هذا النوع من الحكمة، أو على الأقل السماح لإدارة بيزيشكيان بالرد بحكمة على بعض المبادرات الدولية".
وأضاف أن الفصائل المؤيدة للحكومة تواجه الآن "أزمة في اتخاذ موقف" شديد الخطورة إلى درجة أنها قد تمنع قريبًا مناقشة القضية بشكل كامل.
وكان بعض نشطاء المعارضة أكثر قسوة، حيث اعتبروا تحول حماس بمثابة خسارة أخرى لطهران وحلفائها.
وكتب أحد النشطاء على منصة إكس: "لقد اتخذت إسرائيل والولايات المتحدة خطوة أخرى إلى الأمام"، مضيفًا أن "الوقت قد حان للتعامل مع أكبر مزعزع للاستقرار في المنطقة: الجمهورية الإسلامية"، وفق قوله.
وكان الصحافي حسين يزدي الأكثر تأثيرًا حين كتب: "أرسلوا أولئك الذين كانوا يوزعون الحلوى في ساحة فلسطين في الثامن من أكتوبر/تشرين الأول إلى غزة للمساعدة في إزالة الأنقاض"، وكان يقصد الذين احتفلوا بالكمين الذي نصبته حماس قبل عامين من ذلك اليوم.